تغير المناخ في قفص الاتهام.. غضب الطبيعة يشتد ومحكمة العدل تتحرك

في مشهد يتكرر بوتيرة متسارعة، يبدو أن كوكب الأرض يعيش فصولًا متلاحقة من الكوارث المناخية المتطرفة، حيث لم تعد الظواهر المناخية العنيفة مجرد احتمالات، بل أصبحت واقعًا يوميًا يهدد حياة الملايين ويضع الحكومات والمؤسسات الدولية أمام اختبارات قاسية.
من آسيا إلى أوروبا، ومن الأمريكتين إلى أفريقيا، ينتفض الكوكب بلغته الخاصة، معلنًا أن التغير المناخي بلغ مرحلة لا تحتمل الصمت أو التأجيل.
الظواهر المناخية تتصاعد بشكل غير مسبوق

تشهد مناطق متفرقة من العالم سلسلة من الظواهر المناخية العنيفة، تتنوع بين موجات حرّ قياسية وحرائق غابات واسعة، مرورًا بفيضانات مدمّرة، ووصولًا إلى أعاصير مدمرة وثلوج كثيفة في مناطق غير معتادة.
وفي قارة آسيا، تسببت عواصف شديدة وأمطار غزيرة في تدمير مناطق واسعة من جنوب الصين، وذلك عقب مرور الإعصار العنيف "ويفا".
وقد رافقت الإعصار مشاهد مرعبة لسحب داكنة اكتسحت سماء عدة مقاطعات في وضح النهار، في ظل تحذيرات متزايدة من انهيارات أرضية وفيضانات إضافية تهدد السكان.
ضحايا العواصف في فيتنام وكوريا الجنوبية

في فيتنام، أسفرت عاصفة رعدية مفاجئة عن مصرع شخصين وفقدان آخرين، بعد أن جرفت المياه مركبًا كانوا على متنه.
ووفقًا لخبراء الأرصاد، فإن العاصفة "ويفا" تقترب من الساحل الشمالي للبلاد، مما دفع السلطات إلى إجلاء آلاف المواطنين تحسبًا لأي تطورات.
وفي كوريا الجنوبية، تسببت الأمطار الغزيرة في وفاة 17 شخصًا على الأقل، وفقدان آخرين، مع تسجيل انهيارات أرضية وفيضانات عارمة اجتاحت المدن الساحلية شرق العاصمة سيول، مدمّرة عشرات المنازل والمركبات.
رد فعل دولي وتحرك قانوني غير مسبوق

وفي ظل هذا التصاعد المخيف في حدة الظواهر المناخية، أصدرت محكمة العدل الدولية رأيًا تاريخيًا بشأن التغير المناخي، استجابة لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن المقرر أن تبحث المحكمة مدى مسؤولية الدول ماليًا عن مساهمتها في تغير المناخ، إلى جانب الخطوات الواجب اتخاذها لتقليل آثاره الكارثية.
لم تعد الكوارث المناخية مجرد تحذيرات علمية أو مشاهد موسمية، بل أصبحت نمطًا مستقرًا ومتزايدًا في حياة البشر، يهدد الأمن الغذائي والمائي والصحي في كل القارات.
ومع ازدياد عنف هذه الظواهر وتواترها، بات من الضروري اتخاذ خطوات جادة على مستوى السياسات الدولية، وخطط الاستجابة الوطنية، وممارسات الأفراد.
محكمة العدل الدولية تنظر في أكبر قضايا العصر: من يتحمّل مسؤولية التغير المناخي؟
تستعد محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، لإصدار أول رأي استشاري لها يوم الأربعاء بشأن الالتزامات القانونية المترتبة على الدول في ما يتعلق بالحد من التغير المناخي، وسط ترقب دولي لسؤال محوري: هل سيُحمَّل كبار الملوِّثين المسؤولية القانونية عن الأضرار البيئية؟
ويؤكد خبراء القانون والمناخ أن هذه القضية تُعد من بين الأهم في تاريخ المحكمة، التي تتخذ من لاهاي مقرًا لها، نظرًا لما قد يترتب عليها من تحولات قانونية ومناخية عالمية.
وقد بدأت هذه المبادرة غير المسبوقة عام 2019، حين أطلقها مجموعة من طلاب أرخبيل فانواتو، وهو بلد صغير في المحيط الهادئ يواجه تهديدًا وجوديًا من ارتفاع منسوب البحار، وتمت إحالة القضية إلى محكمة العدل الدولية عبر تصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ورغم أن الرأي الاستشاري المرتقب للقضاة، والمقرر صدوره عند الساعة 15:00 بالتوقيت المحلي (13:00 بتوقيت غرينتش)، لا يحمل صفة الإلزام، إلا أنه قد يشكل لحظة فارقة في مسار العدالة المناخية، فقد يُسهم هذا الرأي في تحفيز تشريعات جديدة وتوجيه قرارات محاكم محلية ودولية حول العالم.