رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

البرلمان التونسي يناقش تعديلات " قانون الصلح" مع "متورطين في الفساد"

نشر
الأمصار

بدأ البرلمان التونسي،  مناقشة مشروع قانون الصلح الجزائي وتوظيف عائداته، وهو القانون الذي أقره الرئيس التونسي قيس سعيد في 20 مارس (آذار) 2022 بهدف المصالحة مع عدد من رجال الأعمال الموقوفين في قضايا فساد، مقابل دفع أموال للدولة، أو تنفيذ مشروعات تنمية شرطاً لمغادرة السجن، غير أن تنفيذه جوبه بكثير من العراقيل لتعاد صياغته من جديد.

ويتضمن مشروع قانون التعديل على مرسوم الصلح الجزائي، المعروض على البرلمان التونسي، 51 فصلاً، وتشمل التنقيحات الجديدة التي أدخلت على النص الأصلي 17 فصلاً، وقد جرى الإبقاء على «اللجنة الوطنية للصلح الجزائي» في صيغتها الأصلية، فيما شملت التغييرات مدة عمل اللجنة المحددة في النص الأصلي بستة أشهر مع التمديد في الفترة نفسها، لكن النص الجديد لم يحدد سقفاً زمنياً لعمل اللجنة، التي تحدد مدة أعمالها بأمر رئاسي وفق الفصل السابع.


يرى مراقبون أن البرلمان التونسي سيعمل على تنفيذ التعديلات التي أقرها الرئيس سعيد (إ.ب.أ)
وطرحت قضية «الصلح الجزائي» لأول مرة في تونس في سنة 2012، غير أن طريقها للتنفيذ كان شائكاً بسبب عوائق قانونية واجتماعية واقتصادية عدة. وقد صرح الرئيس سعيد بأنه «لم يتحقق أي شيء يذكر منذ صدور المرسوم المنظم للصلح الجزائي»، وهو ما جعله يعمل على تعديله، وتوجيه نسخة جديدة منه إلى البرلمان، مع استعجال النظر في هذا القانون.

ويرى مراقبون أن البرلمان المنبثق من انتخابات 2022 سيعمل على تنفيذ التعديلات التي أقرها الرئيس سعيد، بهدف تعديل بوصلة قانون الصلح الجزائي وجعله أكثر واقعية. وتوقعوا ألا يواجه باعتراض الكتل البرلمانية؛ اعتبارا لأن معظم أعضاء البرلمان المشكل من 154 نائباً، هم في الأساس من داعمي المسار السياسي الذي أقره الرئيس في 25 يوليو (تموز) الماضي، والذي أزاح عبره منظومة الحكم السابقة التي كانت تتزعمها «حركة النهضة» الإسلامية.

وكان بعض الأحزاب السياسية، ومن بينها «الحزب الجمهوري» الذي يتزعمه عصام الشابي، قد أكدت أنه يجب ألا يكون هناك عفو عن المتهمين بالفساد خارج إطار مسار العدالة الانتقالية، وطالبت بإزالة كل العقبات التي وضعت في طريقها بهدف تحقيق مصالحة حقيقية نابعة من اقتناع راسخ. كما طالبت «جمعية القضاة التونسيين»، و«النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين»، ومنظمة «محامون بلا حدود»، و«الشبكة التونسية للعدالة الانتقالية»، بعدم تغييب مسار العدالة الانتقالية من البوصلة السياسية، وإدراجه ضمن أولويات رئاستي الجمهورية والحكومة مطلباً دستورياً، وأبدت ارتياحها لإطلاق «مبادرة الصلح الجزائية لأجل التنمية»، لكنها اقترحت «عدم اقتصار ملفات الصلح الجزائي على الملفات التي تكون فيها الدولة ضحية، وفرض تقديم اعتذار علني للتونسيين (لكلّ) طالبي الصلح، تثميناً لمبدأ المساءلة، والحقّ في معرفة الحقيقة، حتّى لا تتكررّ الانتهاكات، التي هي من ركائز مكافحة الإفلات من العقاب»، على حد تعبيرها.