قيادة تحت الاختبار.. «ترامب» وزعماء جُدد أمام أزمات عالمية مُتشابكة في 2025
في عالمٍ تتشابك فيه الأزمات وتتصاعد فيه رهانات القوة، يتقدّم الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، إلى واجهة المشهد العالمي من جديد، على رأس جيلٍ من القادة الذين وجدوا أنفسهم سريعًا تحت «ضغط الاختبار»، وسط أزمات سياسية واقتصادية وأمنية ترسم ملامح عام 2025 كأحد أكثر الأعوام توترًا وحساسية في النظام الدولي.
ساحة صراع مفتوحة
التصعيد السياسي والاقتصادي بات السمة الأبرز للمرحلة، مع تزايد استخدام العقوبات والضغوط الدبلوماسية كأدوات صراع، في وقت تتراجع فيه فرص التسويات السريعة.
جاء عام 2025 حاملاً معه انتقالات سياسية بارزة، حيث تولّى قادة جُدد دفة الحكم في ظل مشهد دولي مُضطرب، تُهيمن عليه أزمات اقتصادية مُتفاقمة، وتوترات تجارية مُتصاعدة، وملفات سياسية شديدة التعقيد.
عودة ترامب للرئاسة
بدأ العام بعودة «دونالد ترامب» التاريخية إلى الرئاسة الأمريكية في (20 يناير 2025)، بعد فوزه على منافسته «كامالا هاريس» في انتخابات نوفمبر 2024.
وبحسب شبكة «CNN»، عاد «ترامب» بأجندة ركَّزت على فرض «رسوم جمركية» على الحلفاء والخصوم، ما أشعل توترات تجارية مع كندا وأوروبا.
هذه السياسات التجارية «المُتشددة» خلقت تحديات فورية لقادة الحلفاء التقليديين، خاصة في كندا وأوروبا، إذ وجدوا أنفسهم مُضطرين للتعامل مع واشنطن بطريقة مختلفة تمامًا عمّا اعتادوا عليه في السنوات الماضية.
كارني وميرز بين الاقتصاد والتحالف
في مارس 2025، انتخب الحزب الليبرالي الكندي، «مارك كارني»، رئيسًا جديدًا للوزراء خلفًا لـ«جاستن ترودو»، وأشارت وسائل الإعلام الكندية إلى أن كارني -المحافظ السابق لبنك كندا وبنك إنجلترا- واجه منذ اليوم الأول تحديًا كبيرًا يتمثل في التعامل مع «تهديدات ترامب» بضم كندا كـ«الولاية الأمريكية الـ51» والرسوم الجمركية على الصادرات الكندية.
وردَّ «كارني» بحزم مُعلنًا أن كندا «لن تكون بأي شكل جزءًا من الولايات المتحدة»، واصفًا إدارة ترامب بأنها «أكبر تحدٍ تواجهه بلاده منذ عقود».
وعبر المحيط الأطلسي، أصبح «فريدريش ميرز» مستشارًا لألمانيا في (6 مايو 2025) بعد فوز حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في الانتخابات.
نقلت شبكة «CNN»، عن مصادر سياسية أن «ميرز»، المُلقب بـ«ترامب أوروبا»، واجه بداية صعبة بفشله في جولة التصويت الأولى قبل النجاح في الثانية.
يجمع بين كارني وميرز خلفيتهما الاقتصادية القوية، وأيضًا واجها التحدي نفسه، وهو كيفية حماية مصالح بلديهما الاقتصادية أمام سياسات ترامب الحمائية، مع الحفاظ على التحالف الإستراتيجي مع واشنطن.
يتبنى «ميرز» مواقف مُتشددة بشأن الهجرة والسياسة الخارجية، ويسعى لإعادة تشكيل العلاقة مع أمريكا مع مواجهة صعود اليمين المتطرف داخليًا.
المرأة الحديدية اليابانية
حققت «ساناي تاكايتشي» إنجازًا تاريخيًا في أكتوبر 2025 بعد أن أصبحت أول امرأة تتولى رئاسة وزراء اليابان، وأفادت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، بأن تاكايتشي، المُلقبة بـ«المرأة الحديدية»، تستلهم من مارجريت تاتشر وتتبنى سياسات اقتصادية محافظة ومواقف مُتشددة تجاه «الصين»، إلا أنها على عكس كارني وميرز اللذين اختارا المواجهة أو الحذر مع «ترامب»، اختارت «استراتيجية المناورة الدبلوماسية الذكية».
نقلت شبكة «BBC» أن تاكايتشي أعلنت خلال زيارة ترامب لطوكيو نيتها ترشيحه لجائزة «نوبل للسلام»، مُستغلة إرث معلمها الراحل «شينزو آبي» في العلاقات اليابانية الأمريكية.
هذه الخطوة الدبلوماسية الجريئة تعكس فهمًا عميقًا لشخصية «ترامب» وطريقة التعامل معه، ما منح «طوكيو» موقعًا مُتقدمًا في المنافسة على كسب ود الإدارة الأمريكية الجديدة وسط التوترات التجارية العالمية.
الشرع وعون أمام التحديات
شهدت المنطقة العربية تحوّلات كبيرة مع تولي «أحمد الشرع» قيادة سوريا بعد سقوط «نظام الأسد»، وكذا انتخاب «جوزيف عون» رئيسًا للبنان في يناير 2025 بعد فراغ رئاسي دام سنوات.
يسعى «الشرع» لبناء علاقات مع واشنطن ورفع العقوبات عن سوريا في مسعى لإعادة الإعمار، أما «عون» فانتُخِب رئيسًا بعد فراغ دام اكثر من عامين، وذكرت شبكة «CNN» أنه حظي بدعم دولي قوي خاصة من واشنطن.
ووفقًا لصحيفة «النهار» اللبنانية، أنجز «عون» خلال أشهره الأولى إصلاحات تشريعية كبرى شملت التعيينات الأمنية والقضائية وتعيين حاكم مصرف لبنان وإقرار قانون السرية المصرفية.
كما أشادت أخبار الأمم المتحدة بخطابه أمام الجمعية العامة، إذ أكد التزامه بحصر السلاح بيد الدولة وبدء برنامج شامل للتعافي الاقتصادي يشمل محاربة الفساد وإعادة الهيكلة المصرفية.
ونقلت شبكة «SKY NEWS»، أن «عون» نجح في الحفاظ على الجيش مُوحدًا رغم الانهيار الاقتصادي «الخانق»، ما جعله رمزًا للأمل في إعادة بناء الدولة واستعادة سيادتها.
2025 عام الاختبارات
هكذا، لا يبدو عام 2025 مُجرّد محطة عابرة في مسار السياسة الدولية، بل لحظة فاصلة تُقاس فيها القيادات بقدرتها على الصمود واتخاذ القرار تحت الضغط. وبين أزمات مُتشابكة وتوازنات هشة، يبقى السؤال مفتوحًا: مَن ينجح في تحويل الاختبار إلى فرصة، ومن تفرض عليه الأزمات كُلفة القيادة الثقيلة؟
