أزمة النفوذ في أمريكا اللاتينية..التحركات العسكرية الأمريكية تفتح باب صراع جديد في الكاريبي
في تطورٍ لافت على الساحة الدولية، أعلنت الولايات المتحدة تعزيز تواجدها العسكري قرب سواحل فنزويلا
في خطوة رسمها المسئولون الأمريكيّون بأنها جزء من حملة موسّعة لمكافحة تهريب المخدّرات، لكنّها أثارت ردود فعل عنيفة من كاراكاس وأشعلت تحذيرات من احتمالٍ فعلي لمواجهةٍ عسكرية.

خلفية التحرك والهدف المعلن
بحسب تقارير صادرة من وسائل إعلام أمريكيّة، فقد زوّدت الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترامب القيادة العسكرية بخياراتٍ لاستهداف منشآت فنزويلية تُستخدم — وفق الادّعاء — لتهريب المخدّرات، مثل الموانئ والمطارات والمواقع البحرية.
وفي سياق ذلك، نشرت الولايات المتحدة مقاتلات من طراز F‑35 في منطقة البحر الكاريبي، واستخدمت وسائل جوّية وبحرية تحت إشراف Southern Command (SOUTHCOM) للتصدي لما وصفته بـ"مجموعات مخدّرات إرهابية".
كما أكّد البيت الأبيض أن الأميركيين مستعدّون لاستخدام "كل ما في وسعهم" لمنع تدفّق المخدّرات إلى البلاد.
حجم التواجد العسكري الأمريكي ومراحله

- ما يزيد عن 4,500 من قوات البحرية والمشاة البحرية الأمريكية تمّ نشرها في منطقة الكاريبي قرب السواحل الفنزويلية.
- مجموعات بحرية ضارية، بما في ذلك حاملة الطائرات USS Gerald R. Ford، مرافقة بتشكيلات تدمير وسفن دعم وغواصات متقدمة، تمّ نشرها في المنطقة كمكوّن هجومي محتمل وليس مجرد مكافحة تهريب تقليدية.
- المعارك والتدريبات شملت نماذج حرب برمائيّة وإنزال سريع، ما يعكس تحوّلًا في طبيعة العمليات الأميركية من ساحل إلى إمكانية التمدّد البري.
ردّ الفعل الفنزويلي وتصعيد المواجهة

من جانبها، اعتبرت حكومة نيكولاس مادورو أن ما تفعله واشنطن هو محاولة تغيير نظام تبوّأته الولايات المتحدة، ووصفت التواجد الأميركي بـ"غير القانوني".
أعلن وزير الدفاع الفنزويلي تعبئة واسعة لمنصّات الدفاع الساحلي والجوي، بما في ذلك استعراض للطائرات الحربية والمسيّرات وتعزيز القوات على الشريط البحري.
كما تمّ رصد طائرات فنزويلية من طراز F-16 تحلّق بالقرب من سفينة أميركية في المياه الدولية، واعتبرت وزارة الدفاع الأمريكية ذلك بـ"تحرّك استفزازي".
دوافع وتطرّقات ما وراء المشهد
رغم أن واشنطن تبرّر هذه الخطوات بحربها ضد تدفّق المخدّرات—وخاصة مادة الفنتانيل التي يربطها كبار المسئولين الأميركيين بأسواقهم الداخلية—إلا أن مراقبين يرون أن هناك بعداً أكبر يتعلّق بالضغط على النظام الفنزويلي وتقويضه عبر ضرب شبكات التهريب التي يُعتقد أنها تموّل بعض أجنحت الدولة.
من جهةٍ أخرى، تساءل خبراء عن مدى توافق قوة الحاملات والفرق البحرية الأمريكية الضخمة مع مهمة تقليدية لمكافحة تهريب المخدّرات، ما يدفع البعض لافتراض أن الهدف يتعدّى ذلك إلى خلق مناخ تهديد يمكن استغلاله سياسياً.
احتمالات التصعيد والسيناريوهات المحتملة

- الضربة الجوية أو البرّية المحتملة: المصادر الأميركية تتحدّث عن أن المرحلة التالية للحملة قد تشمل ضرب أهداف برّية داخل فنزويلا تابعة لبنى مهربي المخدّرات أو مواقع دعمهم.
- ردّ فنزويلي مفاجئ: حال قرّرت فنزويلا الردّ أو التصعيد عبر سلاح الجو أو تنشيط ميليشياتها المحلية، يُحتمل أن نرى مواجهات غير تقليدية في المنطقة الكاريبية.
- احتواء دبلوماسي أو تفاوض: حتى مع التوترات، يبدو أن الطرفين قد يفضّلان تجنّب دخول في صدام مباشر، وقد تُستخدم التحركات للتفاوض أو كشرط للمساومة.
- توسّع ساحات المواجهة: التحركات الأميركية تُراقب أيضاً من دول أخرى في أمريكا اللاتينية والكاريبي، ما يعني أن الأزمة قد تتوسّع خارج نطاق فنزويلا وحدها.
ما تأثير ذلك على الأمن الإقليمي والدولي؟
- الأمن البحري والتجاري: انتشار القوات الأميركية بهذه الكثافة قرب أحد طرق الشحن الكاريبية قد يؤثّر على الملاحة الدولية ويزيد من تكاليف التأمين البحري.
- قانونيّة العمليات: التوسّع في استخدام القوة الأميركية في مياه قريبة من فنزويلا أثار نقاشات قانونية حول السيادة الوطنية ومدى إخضاع العمليات لموافقة الكونغرس والشرعية الدولية.
- التوجّه الأميركي تجاه أمريكا اللاتينية: التحوّل من نهج دبلوماسي إلى عسكري – وفق مراقبين – يُمثّل خطوة نوعية في سياسة الولايات المتحدة تجاه الإقليم بعد عقود من نهج أقلّ تدخّلاً.
- ردود فعل دولية: بعض الدول العربية والإقليمية أعربت عن رفضها لتصعيد مثل هذا النوع من التدخّلات، واعتبرته مسّاً بسيادة الدول وفتحاً لمجالات النفوذ الخارجيات.
تبدو المعادلة اليوم في منطقة الكاريبي وفنزويلا أكثر تعقيدًا من مجرد "مكافحة مخدّرات" فالتحرّكات الأمريكية تشير إلى تصميم على فرض إظهار القوة، بينما ردّ فعل فنزويلا يكشف عن اعتقاد بأنها محور استهداف إستراتيجي.
