حزب الله عن "حصر السلاح": فرصة للحكمة منعًا من انزلاق البلد للمجهول

كان مجلس الوزراء اللبناني، قد وافق في 7 أغسطس الماضي، على الأهداف العامة للورقة الأمريكية التي تتعلق بتثبيت اتفاق وقف الأعمال العدائية، من بينها إنهاء الوجود المسلح في البلاد، بما يشمل سلاح حزب الله.

خطة "حصر السلاح" في لبنان
وحينها رفض «حزب الله» القرار قائلًا إن الحكومة ارتكبت «خطيئة كبرى في اتخاذ قرار يجرد لبنان من السلاح»، مؤكدًا أنه سيتعامل مع القرار كأنه «غير موجود».

وتضع الحكومة قرارها غير المسبوق، في إطار تطبيق التزاماتها في اتفاق وقف اطلاق النار الذي أبرم بوساطة أمريكية وأنهى الحرب بين حزب الله وإسرائيل في 27 نوفمبر، حيث أنه نص على حصر حمل السلاح بالأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية الرسمية.
كما نص الاتفاق على وقف العمليات الحربية بين إسرائيل وحزب الله وانسحاب إسرائيل من المواقع التي تقدمت إليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل احتفظت بـ5 مواقع في جنوب لبنان، وتواصل تنفيذ غارات جوية شبه يومية على مناطق مختلفة في لبنان، مشيرة إلى أنها تستهدف مخازن أسلحة لـ«حزب الله» وقياديين فيه.
وقد تبنّت الحكومة اللبنانية خارطة الطريق الأمريكية لنزع السلاح، لكنها لم تحدد جدولًا زمنيًا، في إشارة إلى خشيتها من الصدام المباشر مع الحزب.
وبإعلان حزب الله، أن خطة الجيش اللبناني لحصر السلاح بيد الدولة «فرصة للعودة إلى الحكمة والعقل» بدا للوهلة الأولى وكأنه إشارة إيجابية تجاه مبادرة حكومية.
حيث رحب مجلس الوزراء اللبناني، الجمعة، بخطة للجيش لنزع سلاح جماعة حزب الله قائلا إن الجيش سيبدأ في تنفيذها، دون أن يحدد إطارا زمنيا لذلك، ولفت إلى أن قدرات الجيش محدودة في ذلك المجال. لكنه أضاف أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان سيعيق تقدم الجيش.
لكن خلف هذه اللغة الملطّفة، قد يخفي الحزب تكتيكًا واضحًا قد يعطل أي مسار عملي لنزع سلاحه، عبر ربط التنفيذ مباشرة بوقف الغارات الإسرائيلية وسحب القوات من الجنوب.
هذا الشرط قد يجعل من الخطة معلقة إلى أجل غير مسمى، ما يمنح الحزب فسحة إضافية لالتقاط الأنفاس وإعادة ترتيب أوراقه.
وصرح محمود قماطي، المسؤول في حزب الله، بإن الحزب يعتبر أن الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء لمناقشة خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة تمثل «فرصة للعودة إلى الحكمة والعقل» بهدف تجنيب لبنان الانزلاق إلى المجهول.
وأوضح أن موقف الحزب استند إلى إعلان الحكومة أن أي تطبيق لخارطة الطريق الأمريكية في هذا الملف يبقى مرهونًا بوقف الغارات الإسرائيلية وانسحاب قواتها من جنوب لبنان، ما يعني أن تنفيذ الخطة «مجمّد حتى إشعار آخر».
وأضاف قماطي أن حزب الله يرفض بشكل قاطع قرارات مجلس الوزراء المتعلقة بخطة الجيش وخارطة الطريق الأمريكية، مشددًا على أن الحكومة مطالبة بدلًا من ذلك بإعداد «استراتيجية أمن وطني» شاملة.
واعتبر أن استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية يجعل مناقشة مسألة نزع سلاح الحزب خطأ جسيمًا، مؤكّدًا أن الأولوية الآن تكمن في مواجهة العدوان الإسرائيلي، لا في إضعاف قدرة لبنان الدفاعية.
ومع إدراك حزب الله أن إسرائيل لن توقف عملياتها العسكرية في لبنان بسهولة، خصوصًا مع استمرار استهدافها للبنية التحتية للحزب وللجنوب. وعليه، فإن اشتراط وقف الغارات قبل تطبيق الخطة لا يعدو كونه آلية لتجميدها.
وفي أعقاب الاجتماع كتب رئيس الحكومة نواف سلام، على منصة "إكس": "رحبنا في مجلس الوزراء بخطة الجيش لحصر السلاح على كامل الأراضي اللبنانية وتنفيذها ضمن الإطار المقرر في جلسة 5 أغسطس/آب ٢٠٢٥.
وتابع: "كما قررنا الطلب من قيادة الجيش تقديم تقرير شهري إلى مجلس الوزراء في شأن التقدّم في تنفيذ هذه الخطة".
وتخشى الحكومة من محاولة فرض الخطة بالقوة قد تدفع البلاد نحو مواجهة أهلية، وهو ما ألمح إليه نعيم قاسم سابقًا حين حذّر من «نزول الناس إلى الشارع» إذا فُرض على الحزب التراجع.
طيران مكثف في "قاعدة رياق".. واشنطن تسلح الجيش اللبناني لنزع سلاح حزب الله
أفادت مصادر لبنانية بأن قاعدة رياق الجوية في وادي البقاع اللبناني شهدت حركة مكثفة غير مسبوقة لطائرات شحن أمريكية من طراز C-130 تحمل معدات عسكرية وأسلحة خفيفة ومتوسطة جرى إفراغها في القاعدة خلال اليومين الماضيين.
وتتزامن الحركة النشطة لطائرات النقل العسكرية الأمريكية مع الحديث عن الزيارة المرتقبة للمبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس برفقة قائد القيادة المركزية الوسطى الجنرال براد كوبر، بداية الأسبوع المقبل، إلى لبنان، بهدف عقد مباحثات مع قائد الجيش اللبناني ومسؤولين أمنيين للاطلاع على آليات تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله.
وأكدت المصادر أن نقل المعدات العسكرية يترافق أيضًا مع المعلومات التي تسربت عن نية واشنطن نشر 2000 جندي أمريكي في منطقة فض الاشتباك بين لبنان وإسرائيل، ما يعكس نية واشنطن تعزيز وجودها العسكري في لبنان.
ويتطلب قرار مجلس الوزراء اللبناني في أغسطس 2025 بتكليف الجيش تنفيذ خطة لنزع سلاح "حزب الله" دعم وتعزيز قدراته العسكرية، خاصة أن الجيش يواجه تحديات لوجستية وعددية (6000 جندي في الجنوب مقابل 15000 المطلوبة بموجب القرار 1701).
وتعكس المباحثات الأمريكية، المقررة الأسبوع المقبل، مع قائد الجيش اللبناني، والهادفة إلى تنفيذ خطة نزع سلاح حزب الله، نهجاً جديداً لواشنطن يركز على التنسيق المباشر مع المؤسسة العسكرية بعيداً عن القادة السياسيين المنقسمين بين مؤيد ومعارض لقرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية.
يشار إلى أن طائرات C-130 العسكرية الأمريكية، التي وصلت بشكل متتالٍ خلال اليومين الماضيين إلى قاعدة رياق الجوية، معروفة بقدرتها على نقل أسلحة ومعدات عسكرية متوسطة وثقيلة، ومن المتوقع أن تتحول إلى قاعدة أمريكية لوجستية لتزويد الجيش اللبناني باحتياجاته من معدات وأسلحة لتنفيذ قرار نزع سلاح حزب الله، وفقًا للقرار الأممي 1701 خلال المرحلة القادمة.
وينص القرار على حصر السلاح بيد الدولة ونشر الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني، وهو القرار الذي رفضه الثنائي الشيعي ما لم تقم إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في الجنوب، ووقف اعتدائها على لبنان .