البلاستيك القاتل.. العالم في مواجهة الاختراع الذي خرج عن السيطرة

قبل أكثر من قرن، وتحديدًا في عام 1907، أُعلن عن اختراع مادة البلاستيك بوصفها ثورة في عالم الصناعات والمواد البديلة، لم يكن يتخيل مخترعها، ولا العالم بأسره، أن هذه المادة ستتحول يومًا ما إلى كارثة بيئية وصحية تهدد الكوكب والبشرية جمعاء.
التأثيرات المدمرة للبلاستيك
اليوم، وبعد مرور أكثر من 100 عام، يقف العالم على حافة الهاوية، وسط تحذيرات علمية متزايدة، وإحصاءات صادمة عن التأثيرات المدمرة للبلاستيك.
مفاوضات جنيف.. أمل أخير

في أغسطس الجاري، انطلقت في جنيف بسويسرا المفاوضات النهائية لمعاهدة الأمم المتحدة العالمية للبلاستيك، والتي تستمر من 5 إلى 14 أغسطس. وتسعى هذه الجولة الحاسمة إلى وضع اتفاق دولي ملزم يهدف إلى الحد من التلوث البلاستيكي، وتقنين الإنتاج، والحد من استخدام المواد السامة في التصنيع، وسط ضغوط من منظمات البيئة والعلوم.
أرقام صادمة.. وتلوث بلا حدود
بحسب تقديرات المنظمات البيئية، ينتج العالم سنويًا أكثر من 450 مليون طن من البلاستيك، نصفها تقريبًا يُستخدم لمرة واحدة فقط، بينما لا يُعاد تدوير أكثر من 10% منها.
أما البقية، فتُلقى في المكبات والمحيطات، أو تتحلل لتتحول إلى جزيئات ميكرو بلاستيكية تتسلل إلى أجسام الكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان.
تربط دراسات حديثة بين تلك الجزيئات الدقيقة وبين الإصابة بأمراض القلب والسرطان، ما يجعل الأمر لا يقتصر على البيئة فقط، بل يمتد ليصبح تهديدًا للصحة العامة عالميًا.
وفيات بسبب التليين!

في عام 2018 فقط، تسببت مادة "دي إي إتش بي" (DEHP) المستخدمة في تليين البلاستيك في وفاة ما يزيد على 356 ألف شخص حول العالم، بحسب تقارير صحية موثقة.
كما تكشف دراسات بيئية عن أن كل دقيقة تمر، تُضاف إلى محيطات العالم كمية نفايات بلاستيكية تعادل حمولة شاحنة، ما يعزز من تدمير النظم البيئية البحرية، ويزيد من أزمة المناخ.
اقتصاد ضد البيئة

رغم التحذيرات، لا تزال مصالح اقتصادية ضخمة تقف عقبة أمام أي تقدم حقيقي في خفض إنتاج البلاستيك، خاصة من قبل الدول المنتجة للوقود الأحفوري، التي تعتمد بشكل كبير على المشتقات النفطية في تصنيع البلاستيك، هذا التعارض بين الاقتصاد والبيئة يُعقّد من فرص الوصول إلى اتفاق عالمي حاسم.
يبقى السؤال الحاسم: هل تنجح مفاوضات جنيف في وضع حد لهذا التهديد العالمي؟ وهل ينجح العالم في التحول إلى حقبة جديدة من المسؤولية البيئية؟
نجاح المعاهدة قد يعني تقليل الأمراض، وإنقاذ الأرواح، وخفض فاتورة التلوث التي يدفعها الجميع. أما الفشل، فسيجعل البشرية تغرق أكثر في دوامة بلا نهاية من التلوث والمرض والموت الصامت.
جلسة حاسمة: INC‑5.2 (5 – 14 أغسطس 2025)
ينطلق الجزء الثاني من الجلسة الخامسة للمفاوضات في جنيف، سويسرا، بهدف استئناف النقاشات التي توقفت في "بوسان" ديسمبر 2024 والاتفاق على معاهدة دولية ملزمة لمكافحة التلوث البلاستيكي.
تسبق الجلسة استشارات إقليمية في 4 أغسطس، ثم اجتماعات رسمية تتضمن جلسات تنسيقية ومجموعات اتصال وجلسة مراجعة وخاتمة في 14 أغسطس