مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

لا مهرب من الموت.. غزة بين نيران القصف وشبح الجوع

نشر
غزة
غزة

يشهد قطاع غزة استمرار للعدوان الإسرائيلي الغاشم والحصار السافر ومنع وصول المساعدات، إلا أن السؤال الأهم الآن ويردده الفلسطينيين "ماذا بعد؟"، إذ أنه سؤال بات يردده سكان قطاع غزة بصوتٍ متقطع تحت أصوات القصف وصدى الجوع، فالحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع، منذ أكثر من سبعة أشهر، لم تكتفِ بما خلفته من دمار واسع ومجازر بشرية، بل أطلقت شبح المجاعة ليحاصر من نجا من القصف في معركة بقاء أكثر قسوة، حيث لا خيارات سوى الموت، إما بالقذائف أو جراء الجوع والمرض.

غزة.. قصف لا يرحم ونزوح بلا نهاية

الهجمات الجوية الإسرائيلية، التي تُنفذ بعنف غير مسبوق، استهدفت بشكل ممنهج الأحياء السكنية، مخيمات النزوح، وحتى المستشفيات والمرافق الإنسانية، في سياسة وصفها مراقبون ومؤسسات حقوقية بأنها ترقى إلى "إبادة جماعية" و"جرائم ضد الإنسانية".

الأهالي في غزة يؤكدون أن آلة الحرب لا تميز بين مقاتل ومدني، "نموت دون سابق إنذار، ولا صدى لاستغاثاتنا"، هكذا يقول أحد النازحين في رفح، المدينة التي تحولت إلى مركز للنزوح الجماعي بعد تدمير معظم مناطق القطاع.

المجاعة تضرب غزة: الأطفال أول الضحايا

في ظل استمرار الحصار الشامل ومنع دخول المساعدات الغذائية والوقود، يعيش القطاع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه. الأمم المتحدة حذرت مؤخرًا من أن أكثر من 1.1 مليون شخص – أي نصف سكان القطاع – يواجهون مستويات كارثية من الجوع، بينما توفي العشرات من الأطفال جوعًا خلال الأسابيع الماضية، وفق ما أعلنه مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).

التدمير المنهجي لمخازن الغذاء، المخابز، ومحطات الوقود تسبب في انهيار شبكات التوزيع الغذائية، تقارير المنظمات الدولية تؤكد أن سكان غزة أصبحوا يعتمدون على الأعشاب البرية والمياه المالحة للبقاء، بينما تنتشر أمراض سوء التغذية بوتيرة متسارعة، خاصة بين الأطفال والرضّع.

حرب على الحياة بأدوات التجويع

خبراء القانون الدولي يعتبرون أن سياسة "التجويع كسلاح حرب" تنتهك اتفاقيات جنيف وترتقي إلى جرائم حرب، وفي الوقت الذي يمنع فيه دخول المساعدات عبر المعابر التي تتحكم بها إسرائيل، تقف الأمم المتحدة عاجزة عن تنفيذ عمليات إنزال إنساني آمن، وسط رفض إسرائيلي متكرر وغياب إرادة دولية حاسمة لفرض ممرات إنسانية فعالة.

غزة تنزف... والعالم يراقب

في كل يوم، تخسر غزة المزيد من أبنائها، ليس فقط تحت الأنقاض، بل في صمت الجوع والعطش، ومع غياب حل سياسي وفعلي لوقف إطلاق النار أو توفير ممرات إنسانية، يستمر العد التنازلي لضحايا الجوع في القطاع، بينما تتساءل الأمهات هناك عن جدوى الصبر، وعن مستقبل أطفالهن في ظل عالم لا يرى إلا ما يريد.

مأساة أم فلسطينية:

"نموت في كل لحظة"، تقول أم فلسطينية وهي تحتضن جسد طفلها الهزيل الذي فارق الحياة جوعًا في أحد مراكز الإيواء شمال القطاع. تحاول كتم بكائها بينما تهمس: “لكننا لن نستسلم.. هذا قدرنا، وسنواجهه بثبات كما فعل أجدادنا، لم يكن طفلها، البالغ من العمر ثلاث سنوات، يعاني من أي أمراض مزمنة، لكنه توفي نتيجة سوء التغذية الحاد وانعدام الرعاية الصحية”. 

وتعد هذه الحالة واحدة من عشرات الحالات التي سجلتها منظمات الإغاثة خلال الأسابيع الماضية، وسط تحذيرات من انهيار صحي شامل في غزة بفعل نقص الغذاء والدواء.مع ارتفاع أعداد الوفيات بين الأطفال والمسنين، يصف مسؤولو الإغاثة الوضع في القطاع بأنه "كارثة إنسانية مفتوحة على المجهول"، في ظل استمرار الحصار والقصف الذي يمنع وصول أي شكل من أشكال الحياة.