رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

قمة "إيطاليا-إفريقيا".. تونس تطمح لتحقيق أهداف تنموية في مجال الطاقة

نشر
قمة إيطاليا إفريقيا
قمة "إيطاليا إفريقيا" بروما

تشارك تونس في قمة "إيطاليا إفريقيا" بروما –(إيطاليا) تحت شعار "خطة ماتي لإفريقيا" يحدوها الأمل للاستفادة من هذا التجمع الدولي من أجل تحقيق أهدافها التنموية في مجال الطاقة على المستوى البعيد والمتوسط.

وقد تحول رئيس جمهورية تونس قيس سعيد، ظهر أمس الأحد، إلى روما للمشاركة في أشغال القمة، التي يشارك فيها حوالي 27 رئيس دولة وحكومة من أوروبا وإفريقيا.

تطوير مجال الطاقة

ففي ظل تفاقم أزمة الطاقة في العالم لا سيما مع الحرب الروسية الأوكرانية، تعمل تونس على تطوير مجال الطاقة عبر الترفيع من مساهمة الطاقات المتجددة في تزويدها بالكهرباء من 8٪ عام 2022 إلى 35% بحلول عام 2030.

وقد أكد رئيس جمهورية تونس قيس سعيد، وفق كالة تونس إفريقيا للأنباء، أهمية تطوير الطاقة، مبرزا في تصريحات نشرتها في وقت سابق رئاسة الجمهورية على الصفحة الرسمية حرص "تونس على توفير مناخ سليم وملائم لتشجيع رجال الأعمال والمستثمرين على الاستثمار في البلاد وإرساء علاقات شراكة وتبادل مع نظرائهم التونسيين في عدة قطاعات واعدة على غرار الطاقة المتجددة وتحلية المياه والصحة والصناعات الدوائية".

خطة تونس في مجال الطاقة

وفي هذا السياق، قال الخبير في مجال الطاقة والمحروقات في تونس غازي بن جميع، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء "وات"، بالمناسبة أن تونس بصدد التخطيط من أجل تعزيز العمل على مزيد الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة خلال السنوات المقبلة.

وأفاد بن جميع، أن خطة تونس في مجال الطاقة تهدف إلى الحد من اعتماد البلاد على إنتاج الغاز، مبرزا أهمية التغلب على التحديات الهيكلية التي تواجهها البلاد في هذا المجال من خلال العمل على إنتاج الطاقات البديلة (الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) في مناطق الاستهلاك مباشرة والعمل على إنتاج الهيدروجين.

وأوضح في السياق ذاته أنه من الضروري اليوم تطوير نقل الهيدروجين على مسافات بعيدة كالغاز وهو ما يمثل بديلا للطاقة، مشيرا إلى أن العديد من البلدان الأوروبية هى بحاجة لهذا الهيدروجين وتطالب بكميات كبيرة منه، وهو ما يمكن تونس من أن تكون طرفا في هذا المطلب وجزءا من سوق الاتحاد الأوروبي في هذا المجال.

قطاع النقل يستحوذ على 36% من إجمالي استهلاك الطاقة

وبحسب الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة، فإن قطاع النقل يستحوذ على الحصة الأكبر من استهلاك الطاقة في البلاد اذ يستهلك هذا القطاع نسبة 36% من إجمالي استهلاك الطاقة.

ويحل القطاع الصناعي في المرتبة الثانية بنسبة 30% أما باقي الاستهلاك فيتوزع بين احتياجات السكان من الطاقة المنزلية وإمدادات المباني العامة.

وتأتي نسبة 97% من الكهرباء التونسية من الوقود الأحفورية، رغم الجهود المبذولة من أجل الحد من اعتمادها على الوقود المستورد.

ومن بين الإجراءات الجديدة التي سنتها تونس، الإعلان في يناير 2023 من قبل وزارة الصناعة والمناجم والطاقة في تونس، عن تسريع معدل تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، اذ يتم العمل على الدفع باتجاه استعمال ألواح الطاقة الشمسية باعتبارها بديلاً فعالاً من خلال الانتقال الطاقي لجل البيوت التونسية والشركات الخاصة مع توفير القروض للشركات الخاصة الراغبة في الانتقال إلى الطاقة المتجددة.

وشهد توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية تطورًا خلال السنوات الأخيرة في تونس، اذ استطاع أن يحقق إنتاج ما بين 20 و30 ميغاواط سنوياً.

ويتمثل الهدف الرئيسي للاستراتيجية الطاقية التونسية في أفق سنة 2035، في ضمان التزود بطاقة آمنة للجميع يمكن الوصول إليها وبأسعار معقولة.

وتتنزل هذه الاستراتيجية وفق وزارة الطاقة والمناجم في إطار رؤية تتكون من السيطرة على مشكلة الأمن الطاقي على المدى القصير وضمانه من خلال نموذج الطاقة المستدامة على المدى الطويل، كما حددت تونس هدف تحقيق الحياد الكربوني في سنة 2050 وفقا لالتزامها في إطار اتفاقية باريس.

وتتمثل الأهداف الرئيسية للاستراتيجية في ضمان الأمن الطاقي والحياد الكربوني والنمو الاقتصادي وانتقال مجتمعي عادل وشامل، بما يساعد على خلق مواطن شغل والنهوض بالاقتصاد الأخضر.

مشروع الربط الكهربائي مع أوروبا

من جهة أخرى، يتمثل تحديث القطاع الطاقي بالبلاد في الربط الكهربائي مع أوروبّا خاصة إيطاليا حيث يعتبر مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا "ألماد"، من بين أهم المشاريع التي تشترك في تمويله كلّ من الشركة التونسية للكهرباء والغاز والمشغل الإيطالي "تيرنا".

وسوف يمكن هذا المشروع من إنشاء موصل بحري بين تونس وإيطاليا، يسمح بتبادل الكهرباء بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط في كلا الاتجاهين، بقدرة تصل إلى مئات الميغاوات.

ومن المتوقع أن يدخل المشروع حيز العمل بحلول عام 2028، وهو ما من شأنه أن يعزز إمدادات الطاقة في تونس ويؤمنها، من خلال السماح بوصول الإمدادات من أوروبا خلال فترات ذروة الطلب وحين يكون السعر أرخص.

ويمنح هذا المشروع لتونس فرصة زيادة إنتاج الطاقات المتجددة وتصديرها إلى أوروبا، لا سيّما في وجود فوائض طاقية، وهو ما سيوفّر لتونس فرصة تخفيض تكلفة إنتاج الكهرباء، ويعزّز من منافع التبادل بين الجانبين.

ويوضح الخبير غازي بن جميع في هذا الخصوص أن هذا الرابط يعد "مهما جدا لتونس نظرا لكونه سيساهم في تصدير الطاقات المتجددة نحو الاتحاد الأوروبي ككل وليس لإيطاليا فقط"، داعيا إلى "وجوب التسريع في انجاز هذا المشروع".

وأضاف أن أهم رابط لتونس مع الاتحاد الأوروبي "يتمثل في العمل على إنتاج مشاريع كبرى لإنتاج الطاقة البديلة على غرار الطاقة الشمسية مع إمكانية تصديرها مباشرة لأوروبا عن طريق الخط الرابط بين تونس وإيطاليا".

ولاحظ أنه في حالة وجود "عجز في مجال الطاقة وعدم إمكانية توفيرها من البلدان المجاورة فان هذا المشروع سيمكن من توفيرها من إيطاليا مثلا وذلك في ظروف معينة".

وبخصوص انتظارات تونس من قمة إيطاليا -افريقيا الحالية، أفاد الخبير في حديثه لـ"وات"، أن ‘"إيجاد شراكة لإنتاج المشاريع الكبرى للطاقات البديلة في تونس وإنجاز مشاريع لإنتاج الهيدروجين في تونس وتصديره للاتحاد الأوروبي يمثل أهم مسعى لتونس من خلال هذه القمة"، وفق تعبيره.

يشار إلى أن القمة التي تتواصل على مدى يومين (28 و29 يناير) تأتي في ظل أزمة الطاقة العالمية والأوروبية بشكل خاص، ذلك أن إيطاليا تصبو إلى تأمين إمدادات الطاقة من دول شمال إفريقيا، وكذلك ضمان طرق الغاز ضمن خطها لتصبح مركزا وجسر طاقة بين البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.