الجيش السوداني يسيطر غرب الأبيض والدعم السريع ينسحب لدارفور
شهدت جبهة مدينة الأبيض في ولاية شمال كردفان السودانية تصعيداً عسكرياً لافتاً، اليوم الخميس، بعد أن حقق الجيش السوداني وقواته المشتركة تقدماً ميدانياً واسعاً غرب المدينة، في واحدة من أبرز العمليات التي تشهدها المنطقة منذ أشهر. وأفادت مصادر عسكرية سودانية لقنوات إقليمية بأن القوات الحكومية فرضت سيطرة شبه كاملة على قطاعات رئيسية غرب الأبيض، فيما تراجعت وحدات كبيرة من قوات الدعم السريع نحو إقليم دارفور.
وقالت المصادر العسكرية إن انسحاب عناصر الدعم السريع يأتي على خلفية الغارات الجوية المكثفة التي شنّتها القوات الجوية السودانية على تمركزاتهم في غرب المدينة، مؤكدة أن العمليات العسكرية تمت بدقة عالية وبتنسيق بين سلاح الجو والقوات البرية. وأضافت المصادر أن الجيش يسعى لتأمين محيط الأبيض كجزء من حملة موسعة لفتح طرق الإمداد وتضييق الخناق على قوات الدعم السريع في الولايات الغربية.
ويُعد هذا التطور من بين أهم التحركات الميدانية التي يشهدها مسرح العمليات في كردفان، حيث تعتبر مدينة الأبيض نقطة إستراتيجية تربط بين وسط السودان وغربه، ما يجعل السيطرة عليها عاملاً مؤثراً في ميزان القوة بين الطرفين.
بالتزامن مع التصعيد العسكري، تتواصل المساعي الدولية للبحث عن مخرج سياسي للصراع المستمر منذ أبريل 2023. وقال مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون العربية والأفريقية، في تصريحات صحفية الخميس، إن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع شركائها الإقليميين والدوليين لإنهاء الحرب في السودان، مشيراً إلى أن إدارة ترامب تكثف اتصالاتها للوصول إلى هدنة إنسانية شاملة.
وأوضح المسؤول الأميركي أن واشنطن تعمل على وقف تدفق الأسلحة من الخارج إلى أطراف الصراع، باعتباره خطوة رئيسية نحو تهدئة الموقف وتهيئة الأجواء لبدء حوار سياسي يمكن أن يفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وفي إطار الجهود الدولية، كانت اللجنة الرباعية الدولية — التي تضم الولايات المتحدة والسعودية والاتحاد الأفريقي والإمارات — قد طرحت خطة متكاملة لوقف الحرب في السودان. وتقترح المبادرة وقفاً لإطلاق النار لمدة ثلاثة أشهر، يعقبه تشكيل سلطة انتقالية لمدة تسعة أشهر، تمهيداً للوصول إلى تسوية سياسية دائمة وتنظيم عملية انتقال نحو حكم مدني.
ويأتي التصعيد في الأبيض في وقت تزداد فيه التحذيرات الأممية من تدهور الوضع الإنساني في مناطق واسعة من السودان، وسط ارتفاع أعداد النازحين والمحتاجين للمساعدات. وتشير بيانات المنظمات الدولية إلى أن استمرار المعارك في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأبيض يفاقم الوضع الإنساني ويعرقل وصول الإغاثة للمناطق المتضررة.
وتبقى جبهة الأبيض إحدى أكثر الجبهات حساسية، نظراً لموقعها الحيوي ودورها في تحديد شكل السيطرة الميدانية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في وقت لا تزال فيه الآفاق السياسية رهينة التوافق الدولي والإقليمي على صيغة توقف النزاع الدامي الذي دخل عامه الثالث.