مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

انتقال إلى «المرحلة الثانية» من خطة ترامب لغزة.. إنجازات مؤقتة وتحديات جارية

نشر
الأمصار

شهد الموقف في قطاع قطاع غزة تحوّلاً بارزاً يوميّاً، بعدما أعلن دونالد ترامب، الرئيس الأميركي، عن بدء «المرحلة الثانية» من خطته المكوّنة من نحو 20 نقطة، والتي ترمي إلى تثبيت وقف إطلاق النار مع حركة حماس وتنفيذ تسويات طويلة الأمد. 

ومع ذلك، يبقى حجم الإنجاز محصوراً، في حين تواجه الخطة عقبات جدية على الأرض، ما يجعل التقييم مترافقاً بين التفاؤل الحذر والشكوك بشأن العوائق المقبلة.

ما الذي تحقق حتى الآن؟

بدأت الخطة الأميركية – المصرية – القطرية بإطلاق أولى خطواتها منذ التوصل إلى اتفاق وقف القتال بين إسرائيل و«حماس». ومن أبرز ما جرى:

  • أعلنت إسرائيل بدء ترسيم «الخط الأصفر» للانسحاب الجزئي من غزة.
  • أفرجت «حماس» عن جميع الرهائن الأحياء البالغ عددهم 20، بالإضافة إلى 13 جثة، على أن تبقى بضع جثث في القطاع.
  • أطلقت إسرائيل سراح نحو ألفي فلسطيني، منهم 250 سجيناً يحملون أحكاماً بالسجن المؤبد، وأعادت 165 جثّة فلسطينية إلى غزة.
  • دخلت المزيد من شاحنات المساعدات إلى القطاع عبر معبرين، مع اعتراف الأمم المتحدة ومسؤولين فلسطينيين بأن الكمية لا تزال غير كافية.
    هذه الخطوات تمهّد للمرحلة التالية، لكنّها لا تشكّل أكثر من مدخل لما تبقى من مهمة ضخمة.

تفاصيل المرحلة الثانية..ماذا تتضمّن؟

كما صرّح ترامب، فإن المرحلة الثانية تُمثّل انتقالاً من «إدارة وقف إطلاق النار» إلى «الاستقرار والتعافي». من أبرز بنودها:

  • إنشاء قوة دولية متعددة الجنسيات لدعم الأمن في غزة، بمشاركة محتملة من دول عربية كالإمارات، مصر، قطر، إضافة إلى إندونيسيا وأذربيجان.
  • إدارة مؤقتة من قبل لجنة تكنوقراط فلسطينية تحت إشراف دولي، لتشغيل المرافق والخدمات، في إطار مرحلة انتقالية.
  • تسريع دخول المساعدات وإعادة إعمار البنى التحتية: الماء، الكهرباء، البنية التحتية، إزالة الأنقاض.
  • استمرار تبادل الجثث والرهائن، وإنهاء ملف الأسرى.
  • تسريح سلاح «حماس» والمسلحين، وإنهاء سيطرة الحركة على غزة، شروط ما تزال تُواجه رفضاً منها.

أين تكمن العقبات؟

رغم الإعلان عن إطلاق المرحلة الثانية، إلا أن التنفيذ الفعلي لا يزال يعاني من عدة معوقات:

  • تقول «حماس» إن استعادة عدد من الجثث معيقة بسبب الأنقاض وعوامل أُخرى.
  • إسرائيل لم توافق بعد بشكل كامل على الشروط التي وضعتها الخطة لإتمام الانسحاب وتحديد الخطوات التالية، ما يُسبب تأخيراً في بدء الحوار العملي.
  • تقرير أشار إلى أن إسرائيل لم تمنح تفويضاً لمناقشة المرحلة الثانية في اجتماعها الأمني داخل الوزارة، ما يبرز البطء في التحرك.
  • قضية إعادة الإعمار تثير جدلاً حول مصير السكان الفلسطينيين في غزة، حيث رفضت بعض الدول العربية فكرة تهجيرهم أو نقلهم/إعادة توطينهم.
  • مسألة تمويل إعادة الإعمار تبقى غامضة: بينما طرحت مصر خطة عربية تكلفتها نحو 53 مليار دولار، فإن رؤية واشنطن تظل مختلفة.

ما المواقف الإقليمية والدولية؟

الدور المصري والقطري كان بارزاً في الوساطة، حيث تستضيف القاهرة وفداً من حماس في محادثات مستمرة، بينما قام مبعوثو ترامب، بمن فيهم ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، بزيارات إلى تل أبيب.
من جهة أخرى، أكّد نائب الرئيس الأميركي جِي. دِي. فانس بأن الزيارة كانت تهدف إلى «تعزيز وقف إطلاق النار الهش». 
قِوى عربية وإقليمية بينها قطر تُؤكد أن دور ترامب لا يزال ضرورياً لضمان الانتقال إلى المرحلة الثانية بنجاح. 
في المقابل، الاتحاد الأوروبي وبلدان كثيرة تبدي تحفظات على بعض بنود الخطة، خصوصاً تلك التي تتعلق بوضع الفلسطينيين وحقّهم في تقرير المصير.

لماذا يُعد هذا التوقيت حرجاً؟

  • الحرب في غزة أودت بحياة عشرات آلاف الفلسطينيين، وشردت آلاف الأسر، ما يجعل مرحلة التعافي والانتقال إلى استقرار طويل الأمد أمراً ملحّاً.
  • عدم نجاح المرحلة الأولى بالكامل يعني أن المرحلة الثانية قد تصطدم بواقع ميداني أكثر تعقيداً من المتوقع.
  • أي تأخير في التنفيذ قد يُعيد العنف مجدداً ويُفشل وقف إطلاق النار.
  • الأرضية تُظهر أن «الاستقرار» ليس مفهوماً بسيطاً، إذ يتطلب ليس فقط وقف إطلاق النار، بل أيضاً تغييرات هيكلية في إدارة غزة، الأمن الداخلي، البنى التحتية، والتمويل الدولي.

ماذا يعني ذلك للفلسطينيين والإسرائيليين؟

  • بالنسبة للفلسطينيين، تمثّل المرحلة الثانية أملهم في تحقيق استقرار مقبول، دخول مساعدات أكبر، وإعادة بناء الخدمات الأساسية. لكن في المقابل، تثير المخاوف من تغييرات في السلطة، وتحويل إدارة غزة من «حماس» إلى هيئات أخرى، أو ربما تطبيبها بشروط إسرائيلية.
  • بالنسبة لإسرائيل، فإن الخطة تمنحها إطاراً لانسحاب تدريجي من المناطق مما يقلّل من تكلفة استمرار العمليات، ويتيح إدارة ما بعد الحرب وفق رؤيتها لأمنها. لكن إسرائيل ما زالت تشترط أن يتم التخلص من تهديد «حماس» السريع، قبل أن تتخذ خطوات ملموسة.

ماذا بعد؟.. خطوات متعددة أمام التنفيذ

 

  • تبدأ المرحلة الثانية عملياً بمزيد من الحوارات غير المباشرة بين إسرائيل، حماس، والوسطاء. لكنّ فرص الاتفاق الكامل تبقى ضئيلة في الأمد القريب.
  • سيُركّز الوسطاء على: شكل السلطة الانتقالية، دور «حماس» إن وجدت، توقيت الانسحاب الإسرائيلي، وموعد دخول ملايين المساعدات والبنى التحتية.
  • من المستبعد أن تكون المرحلة الثانية مجرد «وقف إطلاق نار أطول»؛ بل من المفترض أن تمهّد لتحوّل أكبر في النظام الأمني والإداري في غزة.
  • كل طرف يضغط: الولايات المتحدة لحثّ إسرائيل وحماس، مصر وقطر لتمويل التسوية والوساطة، الفلسطينيون والمجتمع الدولي لمراقبة حقوق الإنسان وضمان إعادة إعمار عادلة.

الإعلان الرسمي لبدء «المرحلة الثانية» من خطة ترامب لغزة يمثّل إشارة رمزية مهمة، لكن أمامه مساراً طويلاً ومعقّداً. الخطوة التي تبدأ بوقف القتال وتحليل النتائج، تحتاج الآن إلى تحويلها إلى واقع ملموس: انسحابات فعلية، إدارة مؤقتة، إدخال مساعدات، وإنهاء ملف الرهائن والجثث.

النجاح هنا لن يُقاس بإعلان فقط، بل بمدى قدرة الأطراف على التنفيذ على الأرض، والتمويل الدولي، والتحول الأمني والإداري في قطاع غزة. وفي غياب هذه العناصر، فإن المرحلة الثانية قد تُصبح مجرد شعار آخر في ملف الشرق الأوسط المعقّد.