قمة جديدة بالبيت الأبيض.. هل يغيّر لقاء ترامب وزيلينسكي قواعد الحرب مع روسيا؟

تتجه الأنظار، مجددًا، نحو واشنطن، حيث يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لاستقبال نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض غدًا الجمعة، في لقاء يوصف بأنه قد يحمل ملامح مرحلة جديدة في الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وتأتي القمة وسط تقارير متزايدة تشير إلى نية الإدارة الأمريكية تزويد كييف بصواريخ توماهوك بعيدة المدى، وهو تطور قد يعيد رسم خريطة الصراع ويغير موازين القوى الميدانية والسياسية في آنٍ واحد.
وفد أوكراني رفيع ومباحثات متعددة المسارات
كان زيلينسكي قد أعلن خلال مؤتمر صحفي في كييف، حضرته مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أن وفدًا أوكرانيًا رفيع المستوى غادر بالفعل متوجهًا إلى واشنطن.
ويضم الوفد رئيسة الوزراء يوليا سفيريدينكو، ومدير المكتب الرئاسي أندري يرماك، وسكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع رستم عمروف، في إشارة إلى أهمية وتنوع الملفات المطروحة للنقاش خلال الزيارة.
وأوضح زيلينسكي أن برنامج الزيارة يشمل سلسلة اجتماعات مكثفة مع شركات الصناعات الدفاعية الأمريكية لبحث تطوير قدرات أوكرانيا العسكرية، إضافة إلى لقاءات مع شركات الطاقة الكبرى لمناقشة التعاون في مجالات البنية التحتية والطاقة النووية والغاز المسال.
كما سيعقد الوفد لقاءات مع عدد من المشرعين في الكونغرس، لمناقشة حجم المساعدات الأمريكية المقبلة لكييف وتقييم احتياجاتها الدفاعية في ضوء استمرار الهجمات الروسية المكثفة على جبهات الشرق والجنوب.
قمة في توقيت حساس
وتأتي هذه القمة بعد اتصالين هاتفيين نادرين بين ترامب وزيلينسكي خلال الأيام الماضية، ما يعكس تنامي التواصل المباشر بين الجانبين بعد فترة من الفتور السياسي.
ويؤكد مراقبون أن عودة زيلينسكي إلى البيت الأبيض في هذا التوقيت، ومع احتمالات اتخاذ قرارات كبرى تخص التسليح والدعم العسكري، تمثل مؤشرًا على أن واشنطن تعيد تقييم استراتيجيتها تجاه الحرب بما يتجاوز الدعم الدفاعي التقليدي إلى منح أوكرانيا أدوات هجومية نوعية قد تغيّر مجرى المواجهة.
صواريخ توماهوك.. سلاح قد يبدّل المعادلة
تتحدث تقارير استخباراتية وإعلامية عن أن صواريخ توماهوك التي قد تُمنح لكييف قادرة على استهداف مواقع استراتيجية داخل العمق الروسي بدقة عالية، بما في ذلك مراكز القيادة العسكرية ومستودعات الذخيرة وحتى منشآت قريبة من العاصمة موسكو.
ويرى محللون أن السماح لأوكرانيا باستخدام مثل هذه الصواريخ سيشكل تحولًا جذريًا في قواعد الاشتباك، ويمنحها قدرة ردع غير مسبوقة، لكنه في الوقت نفسه قد يفتح الباب أمام تصعيد خطير بين واشنطن وموسكو.
من جانبه، قال ترامب في تصريحات مقتضبة إن بلاده "تدرس بعناية كل خطوة"، مؤكدًا أن تزويد أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى يمثل مرحلة جديدة من التصعيد، وأن أي قرار في هذا الاتجاه "سيخضع لمشاورات دقيقة مع الحلفاء لتفادي الانزلاق نحو مواجهة مباشرة مع روسيا".
وأضاف أن بلاده لا تسعى لتوسيع رقعة الحرب، لكنها "لن تتردد في دعم شركائها للدفاع عن سيادتهم وأمنهم".
موسكو تحذر من تجاوز الخطوط الحمراء
في المقابل، حذرت وزارة الخارجية الروسية من أن تزويد كييف بصواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية سيُعتبر استفزازًا مباشرًا، مؤكدة أن موسكو سترد بما يتناسب مع حجم التهديد.
وقال المتحدث باسم الكرملين إن أي تورط أمريكي مباشر في تشغيل هذه الأنظمة أو توجيهها "سيحوّل الأراضي الأوكرانية إلى ساحة مواجهة أمريكية روسية"، ما قد يدفع الكرملين إلى توسيع نطاق عملياته العسكرية وربما استهداف خطوط الإمداد داخل أراضي الناتو نفسها.
بين التصعيد والتسوية
ويرى خبراء أن القمة قد تكون نقطة فاصلة في مسار الحرب؛ فإما أن تؤدي إلى تعزيز قدرة أوكرانيا على استعادة زمام المبادرة الميدانية، أو أن تسرّع من مسار التسوية السياسية عبر الضغط المتبادل على موسكو.
كما يتوقع البعض أن يطرح ترامب خلال اللقاء مبادرة تهدئة مشروطة، في محاولة لفتح قنوات تفاوض جديدة تضمن مصالح واشنطن وتمنحها دور الوسيط الحاسم بين الطرفين.
ومع اقتراب موعد القمة، تبقى الأنظار معلّقة على البيت الأبيض، حيث قد ترسم ساعات قليلة مستقبل الحرب الأوسع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، بين خيار التصعيد العسكري أو طريق التسوية السياسية التي طال انتظارها.