ثغرات قوانين لجنة 6+6 تهدد استقلالية الانتخابات التشريعية في ليبيا

تشهد العملية السياسية في ليبيا مرحلة دقيقة مع بروز مخاوف واسعة من الثغرات القانونية في القوانين الانتخابية التي وضعتها لجنة 6+6 المشتركة، والتي يُفترض أن تمهّد الطريق لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المؤجلة منذ عام 2021.
ورغم أن هذه القوانين تمثل خطوة مهمة نحو إعادة بناء الشرعية السياسية في البلاد، إلا أنها – بحسب مراقبين وخبراء قانونيين – تتضمن بنودًا مثيرة للجدل قد تُقوّض استقلالية الانتخابات التشريعية، وتُبقي السلطة الفعلية رهينة للنتائج الرئاسية.
ووفقًا لما أوردته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، فإن القوانين التي أقرّتها اللجنة تنص على أن تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية لأي سبب يجعل جميع الإجراءات المتعلقة بالانتخابات التشريعية باطلة قانونيًا، حتى وإن كانت قد أُجريت فعليًا وتم إعلان نتائجها. كما أن الطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية من شأنه أن يؤثر مباشرة في صحة العملية التشريعية، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة خللًا خطيرًا في مبدأ الفصل بين السلطات.
ويرى خبراء قانونيون أن هذا الربط بين المسارين الرئاسي والتشريعي غير مبرر من الناحية القانونية والدستورية، إذ يهدد حق الناخبين في اختيار ممثليهم بشكل مستقل عن مصير الانتخابات الرئاسية، كما أنه يمنح الأطراف السياسية ذريعة لتعطيل الانتخابات أو التشكيك في نتائجها في حال وقوع خلافات حول الاستحقاق الرئاسي.
في المقابل، أوصت اللجنة الاستشارية المعنية بالعملية الانتخابية بضرورة تعديل الإطار القانوني لإزالة هذه الثغرات، مؤكدة أن فصل نتائج الانتخابات التشريعية عن الرئاسية يُعد شرطًا أساسيًا لضمان نزاهة الانتخابات واستقلالية مؤسسات الدولة التشريعية.
وأشارت استطلاعات الرأي التي أجرتها البعثة الأممية إلى أن أكثر من 80% من المشاركين يؤيدون هذه التوصية، معتبرين أن التعديل سيعزز ثقة المواطنين في العملية الانتخابية ويمهّد الطريق نحو انتقال سياسي مستقر.
ويرى محللون أن استمرار الغموض في القوانين الانتخابية قد يؤجل العملية الديمقراطية مجددًا، خاصة في ظل الانقسامات السياسية القائمة بين مجلس النواب في طبرق والمجلس الأعلى للدولة في طرابلس، إضافة إلى الخلافات حول شروط الترشح للرئاسة وتوزيع المقاعد البرلمانية.

وتؤكد الأمم المتحدة، من جانبها، أن الشفافية القانونية وضمان استقلالية المؤسسات المنتخبة هما أساس نجاح أي عملية انتخابية مقبلة في ليبيا، مشددة على أن المجتمع الدولي مستعد لتقديم الدعم الفني واللوجستي في حال تم التوافق على إطار قانوني عادل وشامل.
وفي ظل هذا الجدل، تظل قوانين لجنة 6+6 في قلب النقاش السياسي الليبي، بين من يراها خطوة نحو الاستقرار، ومن يحذر من أن الثغرات القانونية التي تحتويها قد تُعيد الأزمة الليبية إلى نقطة الصفر إذا لم يتم تعديلها بما يضمن استقلالية العملية الانتخابية وحق الليبيين في اختيار ممثليهم بحرية كاملة.