مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

أول حكم من المحكمة الجنائية الدولية في جرائم دارفور: إدانة كوشيب بـ28 تهمة

نشر
الأمصار

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أول حكم في ملفات "جرائم دارفور"، بإدانة القيادي السوداني علي محمد علي عبد الرحمن، المعروف باسم علي كوشيب، في 28 تهمة من أصل 31 تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في إقليم دارفور غربي السودان بين عامي 2003 و2004. 

ويعد هذا الحكم الأول من نوعه في القضايا المتعلقة بانتهاكات دارفور، بعد سنوات طويلة من التحقيقات والملاحقات الدولية.

وأكدت المحكمة في حكمها أن كوشيب تورط في عمليات قتل جماعي واغتصاب واضطهاد للسكان المدنيين، إلى جانب عمليات نهب وتدمير متعمد للقرى في غرب دارفور. وأشار القضاة إلى أن المتهم "كان على تنسيق مباشر" مع مسؤولين في الحكومة السودانية آنذاك، من بينهم أحمد هارون، أحد المقربين من الرئيس المعزول عمر البشير، والذي لا يزال مطلوبًا للمحكمة بتهم مشابهة.

ووفقًا للائحة الاتهام التي صدرت عام 2021، فإن الجرائم التي نسبت إلى كوشيب طالت أكثر من 260 شخصًا قتلوا خارج نطاق القانون، إضافة إلى اغتصاب عشرات النساء، وتهجير آلاف المدنيين قسرًا. واستندت المحكمة في قرارها إلى شهادات ناجين وأدلة وثائقية تشير إلى أن كوشيب كان يقود ميليشيات محلية شاركت في تنفيذ سياسة الأرض المحروقة التي انتهجها نظام البشير في مواجهة التمرد المسلح آنذاك.

وأوضح القاضي أثناء تلاوة الحكم أن "كوشيب لم يكن مجرد عنصر تنفيذ، بل كان أحد مهندسي الجرائم الممنهجة"، لافتًا إلى أن توجيهات صدرت إليه من قيادات عليا في الخرطوم، من بينهم أحمد هارون الذي اشتهر بعبارته الدموية "امسح، اكسح، وما تجيبه حي".

وجدد الحكم الجدل حول مصير عمر البشير وعدد من معاونيه المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، إذ لا يزال مكان وجودهم غير معروف بدقة، في ظل تقارير تشير إلى أنهم يعيشون تحت حماية الجيش السوداني.

وكان كوشيب قد سلّم نفسه طوعًا للمحكمة في جمهورية إفريقيا الوسطى عام 2020، بعد أكثر من 13 عامًا من صدور مذكرة اعتقال بحقه. وينتظر أن تحدد المحكمة لاحقًا العقوبة النهائية بعد جلسات استماع إضافية.

ويُذكر أن الحرب في دارفور، التي اندلعت عام 2003، أسفرت عن مقتل ما يزيد على 300 ألف شخص وتشريد نحو 3 ملايين مدني، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة. واعتُبر علي كوشيب أحد أبرز القادة الميدانيين الذين قادوا الميليشيات المعروفة بـ"الجنجويد"، التي اتهمت بارتكاب فظائع واسعة ضد السكان المحليين.

ويعد هذا الحكم علامة فارقة في مسار العدالة الدولية، ويفتح الباب أمام تساؤلات كبرى حول إمكانية تسليم بقية المتهمين، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير، في حال توفرت الإرادة السياسية داخل السودان وخارجه.