مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

معاهدة أعالي البحار تدخل حيز التنفيذ.. بداية عهد جديد لحماية المحيطات

نشر
الأمصار

يشهد العالم في يناير 2026 حدثًا وصفه خبراء البيئة بـ"التحول التاريخي"، حيث تدخل معاهدة أعالي البحار حيز التنفيذ بعد أن حصلت على أكثر من 60 تصديقًا دوليًا، لتصبح أول اتفاق عالمي مُلزم لحماية التنوع البيولوجي في ثلثي محيطات العالم الواقعة خارج الحدود الوطنية.

المعاهدة، التي عُرفت أيضًا باسم اتفاقية حماية التنوع البيولوجي في المناطق البحرية خارج الولاية الوطنية (BBNJ)، جاءت ثمرة مفاوضات استمرت نحو عقدين في أروقة الأمم المتحدة، وسط تحذيرات متكررة من علماء البيئة بشأن المخاطر المتصاعدة على النظم البيئية البحرية جراء الصيد الجائر، والتلوث البلاستيكي، وارتفاع درجات حرارة المحيطات نتيجة التغير المناخي.

وبموجب نصوصها، تُلزم المعاهدة الدول الأعضاء بإنشاء مناطق بحرية محمية تغطي ما لا يقل عن 30% من المساحات البحرية بحلول عام 2030، وهو الهدف الذي توافق عليه قادة العالم في "اتفاق مونتريال" عام 2022.

 كما تفرض قواعد واضحة بشأن تقاسم المنافع الناشئة عن الموارد الجينية البحرية بشكل عادل، وتشجع على تعزيز التعاون العلمي والتقني بين الدول المتقدمة والنامية.

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، وصف دخول المعاهدة حيز التنفيذ بأنه "خطوة تاريخية لتأمين مستقبل الكوكب"، مشددًا على أن المحيطات، التي تُنتج أكثر من 80% من الأكسجين على الأرض وتشكل خط الدفاع الأول ضد تغير المناخ، لم تعد قادرة على تحمل مزيد من الضغوط.

من جانبها، اعتبرت منظمات بيئية دولية مثل السلام الأخضر (Greenpeace) والصندوق العالمي للطبيعة (WWF) أن الاتفاق يمثل نهاية لعصر "الفوضى والاستغلال غير المنظم للمحيطات"، مؤكدة أن نجاحه يعتمد على التزام الدول بتطبيق نصوصه على أرض الواقع، خصوصًا أن المعاهدة لا تتضمن آليات عقابية مباشرة بحق المخالفين.

وتشير تقديرات علمية إلى أن أكثر من 10% من أنواع الكائنات البحرية مهددة بالانقراض خلال العقود القادمة إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة للحد من الأنشطة البشرية الضارة. 

كما أن تزايد مستويات التلوث البلاستيكي قد يؤدي إلى وجود كمية من البلاستيك في المحيطات تعادل وزن الأسماك بحلول عام 2050، وفق تقارير صادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وتبقى التحديات الرئيسية أمام تنفيذ المعاهدة مرتبطة بقدرة المجتمع الدولي على تأمين التمويل اللازم لدعم برامج الحماية البحرية، إضافة إلى ضرورة وضع آليات رقابة شفافة على أنشطة الصيد، والنقل البحري، والتنقيب عن المعادن في قاع المحيطات.

في النهاية، يرى الخبراء أن دخول هذه المعاهدة حيز التنفيذ يُمثل بداية عهد جديد، تتحول فيه المحيطات من كونها ضحية للتلوث والنهب إلى كنز عالمي مصان لصالح الأجيال القادمة، ما يضع البشرية أمام مسؤولية تاريخية لحماية أحد أهم مصادر الحياة على الأرض.