مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

قمة الدوحة الطارئة.. هل تغير قواعد اللعبة بعد القصف الإسرائيلي؟

نشر
الأمصار

شهدت العاصمة القطرية، الدوحة، صدمة مدوية على المستويين الإقليمي والعالمي، بعد أن تعرضت لقصف جوي إسرائيلي غير مسبوق استهدف موقعًا يُزعم أنه تابع لقيادات حركة "حماس". 

هذا الهجوم، الذي يُعدّ سابقة خطيرة في تاريخ الصراع، دفع الدول العربية والإسلامية إلى التحرك السريع بعقد قمة طارئة في الدوحة. 

هذا التطور يضع العالم أمام مشهد سياسي جديد ومعقد، تتشابك فيه المصالح والتحالفات وتتآكل فيه المصداقية الدولية، خاصة فيما يتعلق بالولايات المتحدة وإدارة الرئيس دونالد ترامب.

بينما تترقب الأنظار بيانات الإدانة الحادة وتصريحات الشجب التي ستصدر عن القمة، تبرز أسئلة أعمق حول جدوى هذا التحرك: هل ستكون هذه القمة نقطة تحول حقيقية في الموقف العربي والإسلامي تجاه إسرائيل، أم أنها ستقتصر على كونها ورقة ضغط دبلوماسية بلا آليات تنفيذية فعالة؟ وما هي الأبعاد الخفية للصراعات السياسية التي أظهرها هذا الهجوم؟

ضربة "الخطوط الحمراء" ومأزق ترامب


لم يكن القصف الإسرائيلي مجرد عمل عسكري عابر، بل كان اختبارًا خطيرًا لسيادة دولة قطر، وطرح تساؤلات جدية حول مدى احترام إسرائيل لحلفاء واشنطن في المنطقة.

 الهجوم، الذي وقع بأسلحة أمريكية ودون تنسيق مسبق مع واشنطن، بحسب تصريحات الرئيس ترامب، جاء في وقت كانت فيه الدوحة تلعب دورًا محوريًا في الوساطة بين إسرائيل وحماس. هذا التوقيت يوحي بأن الهجوم كان يستهدف بشكل غير مباشر تعطيل هذا الدور الوسيط.

هذا الموقف وضع الرئيس ترامب في مأزق دبلوماسي حرج. فبعد الهجوم مباشرة، سارع إلى التنصل من المسؤولية، مؤكدًا أن القرار كان إسرائيليًا بحتًا، وأنه حاول تحذير قطر مسبقًا عبر مبعوثه ستيف ويتكوف. لكن الرد القطري جاء حاسمًا، نافيًا تلقي أي تحذير، ومؤكدًا أن الاتصال الأمريكي جاء بعد بدء القصف.

 هذا التناقض جعل محاولات ترامب لتدارك الموقف تبدو أشبه بـ "إنكار غير مقنع"، خاصة مع تقارير إعلامية أمريكية شككت في إمكانية عدم علم واشنطن المسبق بالضربة.

ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الهجوم بأنه "مفاجأة مألوفة"، في إشارة إلى أن مثل هذه العمليات الإسرائيلية التي تُنفذ دون تنسيق كاف مع واشنطن ليست الأولى من نوعها. من جانبها، ذهبت شبكة "CNN" أبعد من ذلك، معتبرة أن ما حدث كان "ضربة مدمرة لمصداقية ترامب".

 وأشارت إلى أن هذا الهجوم يثير الشكوك حول قدرة الرئيس الأمريكي على لعب دور الوسيط النزيه والموثوق في الصراع، بعد أن تم تجاهل نفوذه واختراقه داخل المنطقة، مما يؤكد أن الهجوم لم يكن مجرد استهداف لموقع محدد، بل كان رسالة سياسية إلى أطراف متعددة.

قمة الدوحة.. بين الرمزية السياسية والإجراءات الفعلية


تنطلق القمة الطارئة في الدوحة وسط توقعات كبيرة بصدور قرارات قد تغير قواعد اللعبة. تتجه الأنظار نحو إمكانية اتخاذ خطوات غير مسبوقة، مثل تجميد العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية مع إسرائيل، أو تفعيل تحركات دبلوماسية وقانونية على الصعيد الدولي، سواء في مجلس الأمن أو أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية.

مشاركة دول إقليمية رئيسية مثل مصر، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تعكس إدراكًا لأهمية تشكيل جبهة موحدة لمواجهة التصعيد الإسرائيلي.

 وقد شهدت الاتصالات بين القاهرة وعدد من العواصم العربية والإسلامية، مثل الرياض وأنقرة وإسلام آباد، تأكيدًا على ضرورة رفع مستوى التنسيق السياسي والدبلوماسي إلى أقصى درجة ممكنة.

يُتوقع أن تُصدر القمة قرارات تجمع بين الرمزية السياسية والإجراءات الفعلية. وقد تشمل هذه الإجراءات التهديد بمقاطعة اقتصادية، أو دعم تحركات قضائية لمحاسبة إسرائيل على ما يُتهم به من "جرائم حرب" و"إبادة جماعية" في غزة، وهو ما يعكس تحولًا في الخطاب العربي تجاه القضية الفلسطينية.

هل تغير القمة قواعد اللعبة


يرى العديد من المحللين السياسيين أن قمة الدوحة تُعدّ نقطة اختبار حقيقية للنظام العربي-الإسلامي فإما أن تخرج بقرارات قوية ومؤثرة تُغير من قواعد اللعبة السياسية في المنطقة، وتُثبت وجود إرادة حقيقية للتحرك، أو أن تتحول إلى مجرد منصة لإصدار البيانات الإنشائية التي لا تُحدث أي تغيير ملموس على الأرض.

تكمن أهمية القمة في أنها تأتي في لحظة حساسة للغاية، حيث تجاوزت إسرائيل خطوطًا كانت تعتبر "حمراء"، وهو ما يُلزم الدول العربية والإسلامية بالرد بما يتجاوز الشجب اللفظي. 

الرهان اليوم هو على قدرة هذه الدول على توحيد مواقفها واتخاذ قرارات فعلية تُترجم إلى ضغط حقيقي على إسرائيل وداعميها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. فهل ستكون قمة الدوحة بداية لمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك، أم ستكون مجرد حلقة جديدة في مسلسل الأزمات الإقليمية؟