مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

اليوم العالمي للعمل الإنساني.. في زمن الحروب والأزمات المتفاقمة

نشر
الأمصار

تحتفي الأمم المتحدة، الثلاثاء، باليوم العالمي للعمل الإنساني، الموافق التاسع عشر من أغسطس من كل عامٍ، في مناسبة تهدف إلى تكريم العاملين في الخطوط الأمامية للأزمات الإنسانية، وإحياء ذكرى من ضحّوا بحياتهم في سبيل إنقاذ الآخرين، فضلًا عن تسليط الضوء على معاناة الملايين من المدنيين حول العالم.

هذا اليوم لم يعد مجرد احتفاء رمزي، بل تحوّل إلى جرس إنذار عالمي في ظل مشاهد الدم والدمار الممتدة من غزة التي تشهد واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية فداحة في القرن الحديث، إلى السودان الغارق في نزاعات داخلية وحرب أهلية أفضت إلى نزوح الملايين، وصولًا إلى لبنان الذي يواجه تداعيات صراع مفتوح مع إسرائيل وغياب الاستقرار السياسي والاقتصادي. 

يعتبر اليوم العالمي للعمل الإنساني يوم مخصص للاعتراف بمجهودات العاملين في المجال الإنساني وأولئك الذين فقدوا حياتهم بسبب المساعدات الإنسانية. 

حدد اليوم بيوم 19 أغسطس من كل عام. يشهد الوضع الإنساني في قطاع غزة تدهورًا غير مسبوق، حيث أصبح يفوق كل التوقعات، بما في ذلك تلك التي يواجهها العاملون في المجال الإنساني. 

قد تم تصنيف عام 2023 كأكثر الأعوام دموية على الإطلاق بالنسبة للعاملين في هذا المجال. وتشير التقارير الإنسانية إلى أنه منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر، تجاوز عدد القتلى المدنيين في غزة 40 ألفًا، في عدوان لم يميز بين الإنسان أو البيئة، حيث استهدف بشكل متعمد المسعفين وسيارات الإسعاف.

وأكدت الأمم المتحدة في تقريرها أن عام 2023 هو الأكثر دموية على الإطلاق للعاملين في المجال الإنساني، هذه الحقائق تسلط الضوء على فشل المجتمع الدولي في حماية العاملين في المجال الإنساني، وبالتالي الأشخاص الذين يعتمدون عليهم.

وعلى الرغم من وجود القوانين الدولية التي تنظم سلوك النزاعات المسلحة وتحد من آثارها، إلا أن هذه القوانين تُنتهك باستمرار دون محاسبة أو رادع. وبينما يدفع المدنيون، بما فيهم العاملون في مجال الإغاثة، الثمن الأعلى، يظل مرتكبو هذه الجرائم بعيدين عن العدالة.

وأضافت الأمم المتحدة أن استمرار هذا الفشل لا يمكن القبول به، وأنه يتعين وقف الهجمات على العاملين في المجال الإنساني، والممتلكات الإنسانية، وكذلك على المدنيين والبنية التحتية المدنية.

وفي اليوم العالمي للعمل الإنساني، طالبت الأمم المتحدة بوقف هذه الانتهاكات وإنهاء الإفلات من العقاب. لقد حان الوقت لأصحاب السلطة أن يتخذوا إجراءات حازمة لإنهاء هذا الظلم والعمل من أجل الإنسانية.

الإحصاءات صادمة

 

في عام 2024 فقط، قُتل أكثر من 380 عاملًا إنسانيًا، بعضهم أثناء أداء واجبهم، وآخرون في منازلهم، فيما أصيب المئات أو اختُطفوا.

الأمم المتحدة وحدها فقدت 168 موظفًا خلال العام، بينهم 126 في غزة كانوا يعملون في وكالة الأونروا، ما يجعلها الخسارة الأكبر في تاريخ المنظمة.

صمت دولي وخسارة إنسانية

 

الأمم المتحدة شددت على أن قواعد القانون الدولي الإنساني، التي أُنشئت لصون حياة العاملين في الإغاثة والمدنيين، يتم تجاهلها على نحو مقلق، فيما يفلت الجناة من العقاب.

 الصمت الدولي إزاء هذه الانتهاكات، على حد وصف المنظمة، لم يعد مقبولًا، بل يهدد جوهر المنظومة الإنسانية برمّتها.

ولعل العبارة التي ترددت على لسان أحد كبار المسؤولين الأمميين تختصر المعادلة: "إن عجزنا عن صون من ينقذون الأنفس، فماذا يبقى من إنسانيتنا؟".

اليوم العالمي للعمل الإنساني لم يعد مجرد تذكرة ببطولات عمال الإغاثة، بل أصبح مرآة لأزمة أخلاقية عالمية، حيث يتعرض "حماة الحياة" للقتل والتنكيل في غزة، ويُدفع المدنيون في السودان إلى الهلاك جوعًا ونزوحًا، ويُترك لبنان في مواجهة مصيره وسط صراع لا يرحم.

إن لم يتحول السخط الدولي إلى ضغط فاعل يفرض احترام القانون الدولي ويدعم العاملين في الإغاثة، فإن العالم يخاطر بخسارة جوهره الإنساني ذاته.