الجيش السوداني يعلن تحقيق النصر على الدعم السريع في الفاشر

أعلن الجيش السوداني، اليوم، تحقيق نصرً كبيرًا في مواجهة ميلشيات الدعم السريع بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة في الجهتين الجنوبية والشرقية للمدينة.
ووفق مصادر ميدانية، تواصل قوات الدعم السريع قصفها المدفعي العنيف على الأحياء السكنية ومراكز الإيواء داخل المدينة، ما تسبب في وقوع خسائر بشرية ومادية، وسط تحذيرات متصاعدة من تدهور الأوضاع الإنسانية.
حصار خانق وأزمة إنسانية متفاقمة في الفاشر
تعاني مدينة الفاشر، الواقعة غربي السودان، من حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام، في ظل تصاعد التحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة تهدد حياة مئات الآلاف من السكان والنازحين.
وكانت شبكة أطباء السودان (أهلية) قد أطلقت، الأربعاء الماضي، نداء استغاثة عاجل، طالبت فيه السلطات والمنظمات الدولية بسرعة التدخل، مشيرة إلى أن المدينة بلغت "المرحلة الثالثة من الجوع" وفق التصنيفات الدولية لانعدام الأمن الغذائي.
وأكدت الشبكة أن الفاشر تعاني من تدهور صحي ومعيشي كارثي، ونقص حاد في الغذاء والدواء والمياه، بسبب الحصار الذي يمنع دخول المساعدات الإنسانية، ما يعرض حياة آلاف الأطفال وكبار السن لخطر الموت جوعًا أو مرضًا.
تحذيرات أممية من المجاعة
في السياق ذاته، حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن سكان الفاشر، المحاصرين منذ أكثر من عام، يواجهون خطر المجاعة الفعلية، خاصة بعد عزل المدينة تمامًا عن المساعدات، ما أجبر العائلات على الاعتماد على كميات محدودة من الإمدادات المتبقية.
وكانت منظمة اليونيسف قد دقت ناقوس الخطر، السبت الماضي، بشأن أكثر من 640 ألف طفل دون سن الخامسة في شمال دارفور، يواجهون خطر العنف والمجاعة وتفشي الأمراض، لا سيما مع انتشار الكوليرا في المنطقة.
المقاومة تتصدى.. والهجمات تتواصل
ورغم كثافة الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع، والتي بلغت 226 هجومًا على المدينة، بحسب الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني، فإن القوات المسلحة السودانية، مدعومة بقوات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، إلى جانب المقاومة الشعبية، لا تزال تسيطر على المدينة وتمنع سقوطها.
وتشير تقارير إلى أن المدينة، التي تُعد مركز العمليات الإنسانية لخمس ولايات في إقليم دارفور، تعتمد بشكل كبير على التكايا والمطابخ المجتمعية لتوفير الوجبات للسكان، بدعم من منظمات خيرية وناشطين.
وفي ظل نفاد الغذاء، اضطر العديد من السكان إلى تناول "الأمباز" (مخلفات زيت الفول السوداني والسمسم)، حيث يُطهى على النار ثم يُستهلك كبديل للطعام، في مشهد يلخص عمق الأزمة.
"موت صامت".. نداءات من الداخل
آدم رجال، المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في السودان، وصف الوضع الإنساني في دارفور، وخصوصًا الفاشر، بأنه "موت بطيء وكارثة إنسانية لا تجد من ينصت إليها"، مشيرًا إلى أن الأسواق خالية من الغذاء والدواء، وحتى المال لم يعد ذا قيمة في ظل غياب السلع الأساسية.
وأضاف: "الوضع كارثي بدرجة لا يمكن تصورها.. الناس يأكلون علف الحيوانات، وحتى هذا العلف أصبح نادرًا وغالي الثمن. نحن أمام احتمال حدوث إبادة جماعية صامتة إذا لم يتحرك المجتمع الدولي فورًا".
نداء من الميدان: "أنقذوا من تبقى"
من داخل الفاشر، تحدث الناشط الحقوقي محمد خميس دودة، المقيم في مخيم زمزم، مؤكدًا أن الأهالي يعانون من القصف والجوع والمرض، مشيرًا إلى أن بعضهم لا يجد إلا مخلفات زيت الفول والسمسم للطعام.
وأشار إلى أن أسعار السلع بلغت مستويات خيالية، حيث وصل سعر جوال الذرة إلى 8 ملايين جنيه سوداني (نحو 2666 دولارًا)، بينما بلغ جوال الدخن 9 ملايين جنيه (3 آلاف دولار)، ما يجعل الطعام خارج متناول غالبية السكان.
وطالب دودة بتدخل عاجل من المنظمات الدولية والإقليمية لإنقاذ من تبقى في المدينة المحاصرة.