تركيا تبدأ التنقيب عن الغاز قبالة ليبيا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أنقرة ستبدأ باستخدام منصة حفر تركية في عمليات استكشاف الغاز قبالة السواحل الليبية، في خطوة من شأنها توسيع أنشطة تركيا في مجال التنقيب البحري وتعزيز نفوذها في شرق البحر المتوسط، وسط استمرار الخلافات الإقليمية مع اليونان والاتحاد الأوروبي.
وأوضح أردوغان أن تركيا اشترت مؤخراً منصّتين جديدتين للحفر في أعماق البحار، ستُخصص إحداهما للعمل قبالة السواحل الليبية، بينما تُستخدم الأخرى في منطقة طاسوكو التابعة لولاية مرسين جنوب البلاد، مشدداً على أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة استراتيجية لزيادة إنتاج الطاقة وتقليل الاعتماد على الواردات.
ويأتي هذا الإعلان بعد توقيع مذكرة تفاهم بحرية جديدة بين أنقرة وطرابلس، تتضمن التعاون في أربع مناطق بحرية، الأمر الذي أعاد إشعال التوتر في شرق المتوسط، لا سيما مع اليونان، التي تعتبر أي اتفاقات تركية-ليبية تتعلق بترسيم الحدود البحرية “انتهاكاً لحقوقها السيادية”، مستندة في موقفها إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
تجدد التوترات مع اليونان والاتحاد الأوروبي
النزاع بين تركيا واليونان في شرق المتوسط يتمحور حول الخلافات التاريخية بشأن ترسيم المناطق الاقتصادية الخالصة والجرف القاري، خاصة في ظل اكتشافات الغاز الضخمة في العقد الأخير.
وتتمسك اليونان بأن لجزرها المنتشرة قرب السواحل التركية حقوقاً بحرية كاملة، بينما ترى أنقرة أن تلك الجزر لا تمنح اليونان صلاحية بحرية موسعة، وتعتبر أن عدم توقيعها على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار يُبقي لها حقاً في تفسير القانون وفق رؤيتها الخاصة.
وسبق أن أثارت الاتفاقية البحرية التي وُقّعت عام 2019 بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني الليبية موجة من الانتقادات الإقليمية والدولية، دفعت الاتحاد الأوروبي إلى التحذير من “التحركات الأحادية” لأنقرة في المنطقة، داعياً إلى احترام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار.
ومع الإعلان الأخير عن استخدام منصة تركية في المياه الليبية، أعربت أوساط أوروبية ويونانية عن قلقها المتزايد، حيث رأت صحيفة “إيفيمريدا” اليونانية أن الخطوة التركية تهدف إلى فرض أمر واقع جديد في شرق المتوسط، وتوسيع حدود النفوذ التركي على حساب دول الجوار.
وتُعد الخطوة التركية الأخيرة جزءاً من استراتيجية أوسع لتعزيز الحضور الجيوسياسي والاقتصادي في شرق المتوسط، حيث تسعى أنقرة إلى ضمان دور مركزي في سوق الطاقة الإقليمية، خصوصاً مع التنافس المحتدم على موارد الغاز وخطوط تصديره نحو أوروبا.
ويرى مراقبون أن لجوء تركيا إلى ليبيا كشريك بحري في التنقيب يمثل تحدياً مباشراً للجهود الأوروبية لاحتواء النفوذ التركي، كما يعكس استمرار السياسة التركية في تجاوز الضغوط الغربية والسعي لفرض توازن قوى جديد في المنطقة البحرية الغنية بالموارد.