مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بريطانيا في مرمى النار النووية.. ما المواقع الأكثر أمانًا إذا اندلعت الحرب؟

نشر
الأمصار

مع تصاعد التوترات الجيوسياسية عالميًا، وخاصة بعد الهجوم الأمريكي على منشآت نووية إيرانية، عاد إلى الواجهة شبح الحرب النووية، موقظًا مخاوف دفينة لدى الحكومات والشعوب على حد سواء.

لم تعد احتمالية المواجهة النووية مجرد سيناريو من أفلام الخيال العلمي، بل واقع محتمل تتعامل معه الدول الكبرى كاحتمال قائم يتطلب استعدادًا استثنائيًا.

وفي المملكة المتحدة، هذه المخاوف ليست بعيدة عن نبض الشارع. التقارير الأخيرة التي تناولت استعدادات بعض الدول لمواجهة الهجمات النووية، دفعت المواطنين للتساؤل عن الأماكن الأكثر أمنًا داخل بريطانيا في حال وقوع هجوم نووي.

وفي ظل التصعيد العسكري، والتهديدات المتبادلة بين قوى إقليمية ودولية، تتحول هذه الأسئلة من كونها نظريات إلى بحث فعلي عن سبل النجاة.

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عبّر عن قلق بلاده من البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا أن "امتلاك طهران لسلاح نووي سيكون تهديدًا مباشرًا للأمن العالمي". 

وأضاف أن الضربة الأمريكية الأخيرة جاءت كإجراء استباقي لردع أي تطور كارثي في هذا الملف. دعوته إيران للعودة إلى المفاوضات ترافقت مع تصعيد في الاستعدادات الداخلية لمواجهة السيناريو الأسوأ.

وفي خضم هذه التطورات، بدأت وسائل الإعلام البريطانية في تقديم إرشادات عملية حول كيفية النجاة من هجوم نووي محتمل، سواء في لندن أو خارجها. وقد أعادت صحيفة "ديلي إكسبريس" طرح سؤال شائك: ما هي أكثر الأماكن أمانًا في المملكة المتحدة في حال وقوع هجوم نووي؟ واستعرضت قائمة بأكثر من 20 منطقة قد تكون نسبياً أكثر أمنًا من المدن الكبرى.

لكن هذه الاستعدادات لا تقتصر على نشر نصائح عامة، بل تشمل دراسات علمية وتحليلات أمنية. اللجنة الدولية للحماية من الإشعاع (ICRP) قدمت إرشادات مفصلة عن كيفية التصرف عند وقوع تفجير نووي، مشددة على أهمية الاحتماء في الأقبية أو المباني الخرسانية العميقة. 

إذ تشير الأبحاث إلى أن البقاء في الداخل لعدة ساعات عقب الانفجار، خاصة في الطوابق السفلية، يرفع بشكل كبير من احتمالات النجاة.

ما بين التصعيد الدولي، وتخوف المواطنين، والاستعدادات الحكومية، يبقى المشهد معقدًا، حيث لا يمكن التكهن بما هو قادم، لكن التخطيط المسبق والبنية التحتية المحصنة قد يكونان الفارق بين الحياة والفناء.

المناطق الآمنة داخل المملكة المتحدة في حال وقوع هجوم نووي

في تقرير موسع أعدته صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، تم تسليط الضوء على مجموعة من المناطق التي قد تكون أكثر أمنًا من غيرها في حال تعرضت المملكة المتحدة لهجوم نووي. 

وتأتي هذه الدراسة بالتزامن مع تصاعد التوترات الدولية، لا سيما بعد التصعيد الأمريكي-الإيراني الأخير.

المعايير المعتمدة لتحديد الأمان

بحسب لجنة الحماية من الإشعاع، فإن أكثر المواقع أمانًا هي:

  • البُعد عن المراكز الحيوية والعسكرية.
  • توافر ملاجئ أو أقبية خرسانية.
  • عدم وجود منشآت نووية أو صناعية قريبة.
  • الاتجاهات السائدة لحركة الرياح.

قائمة بأكثر المواقع أمانًا

شملت القائمة التي أعدتها شركة "EMoov" العقارية عام 2017، والتي أعيد تداولها مؤخرًا، المدن التالية:

  • جزيرة فولا – جزر شتلاند: أكثر المناطق بعدًا عن أي هدف استراتيجي محتمل.
  • كورنوال – بجنوب غرب إنجلترا.
  • ويميُوث وفولكستون – بفضل بعدها عن المراكز العسكرية.
  • دومفريز وكارلايل – في شمال إنجلترا واسكتلندا، حيث الكثافة السكانية أقل.
  • أبيريستويث وسكيجنيس – مناطق ساحلية أقل عرضة للتدمير المباشر.
  • ويتبي ولانكستر وبارو إن فورنيس – مناطق جبلية أو ذات تضاريس وعرة.

مترو أنفاق لندن.. هل هو كافٍ؟

رغم أن بعض الأفراد يعتقدون أن شبكة مترو الأنفاق في لندن يمكن أن توفر حماية مناسبة، إلا أن خبراء كالبروفيسور أندرو فوتر من جامعة ليستر يشككون في فعالية هذه الحماية.

 إذ يشير إلى أن عمق الأنفاق لا يتجاوز غالبًا 20 إلى 58 مترًا، ما قد لا يصمد أمام الضربات الحديثة متقدمة الاختراق.

أبعاد الانفجار النووي وتأثيراته

يعتمد حجم التأثير على عدة عناصر، منها:

  • الكرة النارية: قد تدمر كل شيء في دائرة نصف قطرها 2-5 كم.
  • الضغط الانفجاري: يُصيب المناطق المحيطة حتى 15 كم.
  • الإشعاع الحراري: يسبب حروقًا خطيرة لمسافات تصل إلى 40 كم.
  • التساقط الإشعاعي: قد ينتشر مع الرياح لمسافات تزيد عن 100 كم.

التوصيات الأساسية للنجاة:

  • البقاء داخل مبنى خرساني أو قبو بعيدًا عن النوافذ.
  • عدم مغادرة المأوى لمدة لا تقل عن 24 ساعة.
  • تخزين ماء وغذاء يكفي لأيام.
  • البحث عن ملجأ قبل وصول الغبار الإشعاعي، والذي يستغرق عادة من 10 إلى 30 دقيقة للوصول بعد الانفجار.

هل تملك بريطانيا خططًا دفاعية كافية؟

التهديد النووي ليس بالجديد على بريطانيا، فقد شهدت خلال الحرب الباردة استعدادات مشابهة، وكانت الحكومة تحتفظ بخطط طوارئ سرية، مثل "Protect and Survive". 

ورغم أن هذه الخطط توقفت، إلا أن وزارات الدفاع والصحة والداخلية لديها بروتوكولات لإدارة الكوارث الكبرى، بما في ذلك الهجوم النووي.

لكن هناك دعوات متزايدة في البرلمان البريطاني لتحديث تلك الخطط، وإجراء تدريبات فعلية، وتحسين الوعي العام، خاصة بعد التصعيد الأخير في الشرق الأوسط.

بينما يتزايد القلق الدولي من الدخول في مواجهة نووية محتملة، تبقى بريطانيا واحدة من أكثر الدول إدراكًا لحجم التهديد. 

ورغم عدم وجود خطر مباشر حتى اللحظة، إلا أن سيناريوهات المحاكاة والخطط الاحتياطية لم تعد رفاهية، بل ضرورة أمن قومي. 

وفي نهاية المطاف، تبقى الوقاية، والتخطيط المسبق، ونشر الوعي المجتمعي، هي الحصن الأول في مواجهة أي كارثة نووية محتملة.