دخان أبيض في سماء روما.. ليو الرابع عشر يقود الكنيسة الكاثوليكية

في أجواء احتفالية مهيبة، شهدت ساحة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان تجمعًا هائلًا من الحشود التي انتظرت بفارغ الصبر الإعلان عن البابا الجديد، مع تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين، دقّت أجراس الكاتدرائية معلنة بداية عهد جديد في الكنيسة الكاثوليكية بعد وفاة البابا فرانسيس في شهر أبريل الماضي.
انتخاب البابا ليو الرابع عشر – بداية بابوية جديدة
جاء هذا الإعلان على لسان الكاردينال دومينيك مامبيرتي، الذي أعلن انتخاب الكاردينال روبرت فرنسيس بريفوست ليحمل اسم ليو الرابع عشر ويشغل منصب البابا رقم 267 في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، ليصبح بذلك أول أمريكي يتولى هذا المنصب المقدس.

البابا الجديد، الذي وُلد في شيكاغو بالولايات المتحدة في 14 سبتمبر 1955، يحمل مسيرة حافلة بالعطاء الروحي والتنظيمي، حصل على شهادة بكالوريوس في الرياضيات من جامعة فيلانوفا في عام 1977، ثم تدرج في مسيرته الأكاديمية لينال ماجستير في اللاهوت من الاتحاد اللاهوتي الكاثوليكي في شيكاغو، ودكتوراه في القانون الكنسي من الكلية الحبرية للقديس توما الأكويني في روما، حيث تناولت أطروحته موضوعًا بعنوان "دور الرئيس المحلي في رهبانية القديس أغسطينوس".
انضم البابا ليو الرابع عشر إلى رهبانية القديس أغسطينوس عام 1977، وأعلن نذوره الرهبانية الدائمة في عام 1981، قضى العديد من السنوات في التبشير في بيرو، قبل أن يُنتخب رئيسًا عامًا للرهبانية الأوغسطينية لولايتين متتاليتين. في عام 2023، عُيّن رئيسًا لمجمع الأساقفة، وهو المنصب الذي عزز مكانته البارزة داخل الكنيسة. في فبراير 2025، رُقي إلى رتبة كاردينال.

في خطابه الأول، دعا البابا الجديد العالم إلى بناء "جسور للحوار" والسعي نحو "المحبة والإيمان"، مشيرًا إلى أنه لن يكون نسخًا من سلفه البابا فرانسيس رغم إشادته بإرثه، وأكد أنه يسعى إلى أن يكون صوتًا خافتًا داعيًا للسلام في وقتٍ تتصاعد فيه التوترات العالمية.
اختياره لمنصب البابا جاء بعد دعم واسع من الكرادلة، حيث نال تأييد 133 كاردينالًا. يتمتع البابا ليو الرابع عشر بقدرة على التوازن بين التيارات اليسارية والمحافظة داخل الكنيسة، ما يجعله شخصية توافقية قادرة على قيادة الكنيسة في مرحلة حساسة من تاريخها، خبرته العميقة في القيادة الروحية والتنظيمية عززت من ثقته بين رفاقه في الكرسي الرسولي.
على الصعيد العالمي، لقي انتخابه ترحيبًا كبيرًا من الكاثوليك في شتى أنحاء العالم، كما استحسن زعماء العالمين العربي والغربي هذا الاختيار، وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من أبرز من رحبوا بهذا القرار، معتبرًا إياه خطوة إضافية في تاريخ الولايات المتحدة.
منصب البابا يعد الأعلى في الكنيسة الكاثوليكية، وهو ليس مجرد رأس الكنيسة بل أيضًا أسقف روما، يتمتع البابا بسلطة دينية شاملة على أكثر من 1.4 مليار كاثوليكي حول العالم، كما يمثل الكنيسة في الساحة الدبلوماسية والروحية، وهو أيضًا حاكم دولة الفاتيكان.
البابا ليو الرابع عشر، بسماته الأمريكية وأرثه الكاثوليكي، يمثل مرحلة جديدة في تاريخ الكنيسة. يشكل تجسيدًا لبابوية معاصرة، تتوجه نحو السلام والوحدة في ظل عالم يعج بالتحديات والتوترات.
أبرز 10 معلومات عن منصب بابا الفاتيكان:
رأس الكنيسة الكاثوليكية:
البابا هو أعلى سلطة دينية للكاثوليك في العالم، ويُعتبر قائدًا روحيًا لـ1.4 مليار شخص تقريبًا.
أسقف روما:
يحمل البابا لقب "أسقف روما"، وهو تقليد كنسي عريق يؤكد ارتباطه المباشر برسالة القديس بطرس.
خليفة القديس بطرس:
يُعدّ البابا الخليفة المباشر للقديس بطرس، أول تلميذ للمسيح وأول أسقف لروما.
حاكم دولة الفاتيكان:
البابا ليس فقط زعيمًا دينيًا، بل أيضًا رئيس دولة مدينة الفاتيكان – أصغر دولة في العالم من حيث المساحة والسكان.
صاحب سلطة روحية عالمية:
قرارات البابا مؤثرة على مستوى العالم، خاصة فيما يخص القضايا الأخلاقية واللاهوتية والإنسانية.
منتخب من مجمع الكرادلة:
يتم انتخاب البابا من قبل مجمع يتكون من الكرادلة الذين تقل أعمارهم عن 80 عامًا خلال اجتماع يُعرف بـ"الكونكلاف".
المنصب مدى الحياة (غالبًا):
عادةً ما يبقى البابا في منصبه حتى وفاته، إلا أن بعضهم قدّم استقالته كما فعل البابا بنديكتوس السادس عشر عام 2013.
صاحب الكلمة العليا في تفسير العقيدة:
البابا هو المرجع النهائي في تفسير العقيدة الكاثوليكية، ويمكنه إصدار قرارات لا تُنقض تُعرف بـ"السلطة البابوية المعصومة" (ex cathedra).
دور دبلوماسي وإنساني:
يقود الفاتيكان شبكة دبلوماسية نشطة، ويؤدي أدوار وساطة في النزاعات الدولية، ويدعو للسلام والعدالة.
رمز للوحدة الكاثوليكية:
يجمع البابا تحت سلطته مختلف الطوائف الكاثوليكية المنتشرة حول العالم، ويُعتبر رمزًا لوحدة الإيمان والتعليم الكنسي.