رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

المبعوث الأممي يصطدم بعناد الأطراف الليبية في حل الخلافات ويحمل السياسيين المسئولية

نشر
عبدالله باتيلي
عبدالله باتيلي

صرح المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى دولة  ليبيا عبدالله باتيلي أن فشل مبادرته في حل الأزمة الليبية جاء نتيجة تصادم  الأطراف الأساسية في المشهد، على غرار رؤساء المجلس الرئاسي ومجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية ومجلس الدولة والقيادة العامة للجيش، معتبرا أنها لا تملك الرغبة الحقيقية لتجاوز الخلافات السياسية وتمهيد الطريق أمام الانتخابات.

هل يتحول دور البعثة الأممية في ليبيا من "الوساطة" إلى "الوصاية"؟ - مركز  الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
المبعوث الأممي عبدالله باتيلي 


كما تضمن تقرير المبعوث الأممي الى ليبيا عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن الكثير من المؤشرات عن فشل مبادرته التي كان أطلقها في الثالث والعشرين من نوفمبر الماضي، ولقيت دعما دوليا متزايدا، لكنها اصطدمت بصلابة جدار العناد السياسي لدى الفرقاء الأساسيين ممن تشملهم المبادرة، والذين نجحوا في تهميشها والدفع بها إلى أن تكون مجرد ملف يضاف إلى رفوف أرشيف الأمم المتحدة.

 تقرير المبعوث الأممي الى ليبيا عبدالله باتيلي أمام مجلس الأمن

وقال باتيلي إن “الأطراف المؤسسية الليبية الرئيسية غير راغبة في حل المسائل العالقة محل الخلاف السياسي لتمهيد الطريق أمام الانتخابات التي طال انتظارها في ليبيا” رغم استكمال الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات من قبل اللجنة المشتركة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدول “6+6” في العام 2023 والمصادقة عليه لاحقا من قبل مجلس النواب، في عملية استغرقت أكثر من 11 شهرا، وأضاف أن الأطراف الرئيسية مستمرة في وضع الشروط المسبقة لمشاركتها في الحوار الذي دعا له في نوفمبر 2023 “كوسيلة للحفاظ على الوضع القائم، وهو ما يبدو أنه يناسبهم”.

هل يعرقل الخلاف بين صالح والدبيبة جهود إنهاء الانقسام السياسي بليبيا؟ |  Maghrebvoices
الدبيبة وعقيلة صالح

مواقف الفرقاء الأساسيين

وأعاد باتيلي استعراض مواقف الفرقاء الأساسيين التي سبق أن تطرق إليها بالتفصيل في إحاطته السابقة في ديسمبر الماضي، حيث قال “إن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح يشترط أن يناقش الاجتماع الخماسي تشكيل حكومة موحدة، والمشاركة في الاجتماع فقط في حال إما مشاركة الحكومتين أو استبعادهما معًا”، في إشارة إلى الحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة أسامة حماد وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالحميدالدبيبة، وهو موقف يؤيده كذلك المشير خليفة حفتر.

الإسلاميون والحوار السياسي في ليبيا, المقالات والدراسات خيري عمر | رؤية  تركية
ليبيا


واستعرض باتيلي موقف الدبيبة الذي “يصر على أنه لن يتنحى عن منصبه الحالي إلا بعد إجراء الانتخابات، ما يعني أن حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها ستشرف على العملية الانتخابية المقبلة”، بينما يرفض محمد تكالة القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب ويطالب بالعودة إلى المسودة التي اتفق عليها أعضاء لجنة “6+6” في بوزنيقة المغربية، ويرى أن الاجتماع الخماسي “ينبغي أن يركز النقاش على تنقيح القوانين الانتخابية لإعادتها إلى ما يسميه النسخة الأولية من النص”، في حين لا يريد محمد المنفي أن يكون طرفا بين تلك المؤسسات ويبدي استعداده للعب دور الميسر للاجتماع الخماسي.

باتيلي يوجه أصابع الاتهام إلى المسؤولين

ويرى مراقبون أن باتيلي نعى بالفعل مبادرته، ووجه أصابع الاتهام إلى المسؤولين عن ذلك وهم رؤساء المجلس الرئاسي ومجلس النواب وحكومة الوحدة الوطنية ومجلس الدولة والقائد العام للجيش، لاسيما بعدما بات عاجزا عن مواصلة مهامه بعد عام وستة أشهر من تكليفه برئاسة البعثة الأممية وتمثيل الأمين العام للمنتظم الأممي، حيث لا يزال يراوح مكانه دون أي بوادر حل، رغم أن الكثير كانوا يعلقون عليه آمالا عريضة بصفته أول دبلوماسي من القارة الأفريقية يتولى الإشراف على الملف الليبي، مشيرين إلى أنه سيضاف إلى قائمة المبعوثين الأمميين الذي اضطروا إلى الاستقالة أو تمت إقالتهم بعد ثبوت فشلهم.

الصراع السياسي في ليبيا والبحث عن حل - مركز أبحاث مينا
ليبيا

التهرب من تحمل المسؤولية عن الفشل

وفي محاولة للتهرب من تحمل المسؤولية عن الفشل، اعتبر باتيلي أن الموقف العام “يستلزم حل جميع المسائل التي حالت دون إجراء الانتخابات في عام 2021 من خلال المفاوضات والتوافق على تسوية سياسية بين الأطراف المؤسسية الرئيسية”، حاثا جميع الأطراف المؤسسية على المشاركة في الحوار دون شروط مسبقة، مشددا على ضرورة معالجة بواعث القلق والشواغل التي أعرب عنها بعض أصحاب الشأن الرئيسيين، من خلال إيجاد آلية مؤقتة للإدارة الشفافة والتوزيع العادل للموارد، وتوفير ضمانات لإيجاد أرضية تنافس متكافئة بين جميع المرشحين، وضمانات بألاّ تفرز الانتخابات سيناريو يستأثر فيه الفائز بكل شيء على حساب الآخرين، وأن تتضمن التسوية السياسية المتوخاة أيضًا خطوات بجدول زمني صارم يفضي في النهاية إلى يوم الاقتراع.

إشعال فتيل الحرب

وأكد باتيلي أنه “لن يدعم أيّ مبادرة من شأنها تأجيج الصراع أو إشعال فتيل حرب تتسبب في إزهاق أرواح الليبيين.. حيث لا يمكن للمبادرات الموازية أن تكون ذات فائدة إلا إذا دعمت جهود الأمم المتحدة، لئلا تستغلها الأطراف الليبية كوسيلة لإدامة الوضع القائم”، وأعرب عن استعداده “للنظر في أيّ “مقترحات يمكن أن تفضي إلى حل يقوم على تسوية سلمية وشاملة بين الأطراف المعنية”، داعيا مجلس الأمن والمجتمع الدولي بالضغط على الأطراف الليبية إلى المشاركة بشكل بنّاء في هذه العملية التي تيسرها الأمم المتحدة.

احتدام التوتر السياسي يهدد الانتعاشة الأمنية والاقتصادية في ليبيا | | صحيفة  العرب

مواقف فرنسا والاتحاد الأوروبي

ووجه المبعوث الأممي انتقادات غير مباشرة إلى مواقف فرنسا والاتحاد الأوروبي عندما دعا من جديد إلى “اتباع نهج موحد ومنسّق من جانب كل أعضاء المجتمع الدولي”. وقال إنه سمع في مشاوراته مع شرائح المجتمع الليبي الأخرى، بما في ذلك الأحزاب السياسية، والأعيان، والجهات الأمنية الفاعلة، والمجتمع المدني، والمكونات الثقافية، والنساء والشباب، ومجتمع رجال الأعمال من شرق ليبيا وجنوبها وغربها، ما يعبّر عن مدى الإحباط الذي يشعرون به إزاء الوضع القائم وإزاء عجز قادتهم عن القيام بما هو مطلوب لوضع البلاد على طريق السلام والتقدم المستدامين، مردفا أنه التقى مؤخرا مع جهات أمنية مختلفة من الشرق والغرب حيث قال “كما التقيت مع الأطراف المتعارضة في المشهد الأمني بالمنطقة الغربية، ويبدو جليا أن لهم تأثيراً على المشهد السياسي، وإن قبولهم للعملية ضروري لإجراء الانتخابات، وكذلك التزامهم بالديناميكيات الحقيقية لنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وإصلاح القطاع الأمني”.