رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بتكلفة منخفضة وجودة عالية.. حروب المسيرات الانتحارية تستعر في الأجواء

نشر
الأمصار

منذ أن بدأت العمليات العسكرية في أوكرانيا، استعان الجيش الروسي بالعديد من الطائرات المسيرة المعروفة باسم " المسيرات الانتحارية " على نطاق واسع لتدمير الأهداف العسكرية والمدنية على حد سواء. 

أظهرت تلك الطائرات كفاءة عالية في تدمير أنظمة الصواريخ المضادة لطائرات القوات الأوكرانية وكذلك أنواع مختلفة من محطات الرادار. بما في ذلك من محطات قتالية مضادة للبطاريات و رادارات نظام الدفاع الجوي الأوكراني. حيث تحولت تلك القطع العسكرية الصغيرة إلى إحدى أبرز أدوات الحرب الحديثة. وهو سلاح متعدد المهام كفيل بتوجيه ضربات موجعة للعدو بتكلفة منخفضة.

ماهي المسيرات الانتحارية ؟ 


المسيرات الانتحارية هي نوع من الطائرات بدون طيار مخصصة لتدمير الهدف عن طريق الاصطدام به. تتميز المسيرات الانتحارية بقدرتها على التحليق لمسافات طويلة وحمل رأس حربي ثقيل، مما يجعلها أداة هجومية فعالة.  و تستخدم روسيا بالفعل في حربها مع أوكرانيا مجموعة متنوعة من المسيرات الانتحارية، بما في ذلك "لانسيت"  (lancet)و"فوربوس" و"أوران" و كوب (cube).

أنواع المسيرات الانتحارية الروسية

تستخدم روسيا في حربها على أوكرانيا بالفعل مجموعة متنوعة من المسيرات الانتحارية، بما في ذلك:
لانسيت: هي أكبر مسيرة انتحارية روسية، ويمكنها حمل رأس حربي يزن 500 كجم.
فوربوس: هي مسيرة انتحارية أصغر حجمًا، ويمكنها حمل رأس حربي يزن 25 كجم.
أوران: هي مسيرة انتحارية مضادة للرادارات، ويمكنها تدمير محطات الرادار.

 

مسيرة انتحارية جديدة "المشرط الانتحاري"

 
و أوضحت تقارير إعلامية روسية مؤخرا أن موسكو تخطط لبدء الإنتاج الصناعي للمسيرة الانتحارية الجديدة في أكتوبر المقبل، بعد انتهاء الاختبارات عليها. ويطلق على المسيرة الانتحارية الجديدة اسم "سكالبيل" وتعني "المشرط" باللغة العربية.


وأفادت وكالة "تاس" الروسية، نقلا عن مصدر لها في مجمع الصناعات الدفاعية الروسية، بأن الدرون الانتحاري الجديد ستكون جاهزة في أكتوبر المقبل، وسيتم تسليم أول دفعة منه للوحدات العسكرية الروسية في منطقة العملية العسكرية الخاصة.

وجاءت مواصفات تلك المسيرة الانتحارية الجديدة  المعروفة "بالمشرط الانتحاري" كالتالي: 
*يمكن أن تتسارع حتى 120 كلم/ساعة.
*يبلغ مدى عملها 40 كيلومترا.
*يمكن أن تحمل حتى 5 كيلوغرامات من الحمولة المفيدة.
*قطر المسيرة يقدر بنحو 125 ملم.
*طول "المشرط" 650 ملم.


ويمكن أن يُستخدم القسم الداخلي للمسيّرة كقسم قتالي يحمل معظم وسائل التدمير التي تستخدمها اليوم الدرونات الروسية، الأمر الذي يوسع إمكانيات استخدام "المشرط" ويسمح لكل وحدة عسكرية باختيار حمولة مفيدة انطلاقا من نوع الهدف المستهدف وإمكانات الوحدة نفسها، بحسب ما نقل موقع "روسيا اليوم" عن "روسيسكايا غازيتا".


الجيل الجديد من المسيرات لانسيت

و كانت قد كشفت تقارير إعلامية روسية في وقت سابق عن مواصفات الجيل الجديد من الطائرات المسيرة الانتحارية الروسية الجديدة "لانسيت"، ووصفتها بـ"الرهيبة". وقالت إن الجيل الجديد من مسيرات "لانسيت" الانتحارية سيكون "محصنا تماما ولا يمكن اعتراضه عمليا".


ونقلت صحيفة روسيسكايا غازيتا عن كبير المصممين في شركة "زالا إيرو غروب" الروسية المصنعة للدرونات، ألكسندر زاخاروف، قوله إن الميزات الرئيسة للمسيرة هي "بساطة الاستخدام والاستقلال التام عن أية وسائل يمكن أن تؤثر عليها". وأضاف زخاروف أن أية وسيلة ستعجز عن مكافحة "لانسيت".


ووفقا للصحيفة، سيعمل الجيل الجديد من المسيّرات بأمر من مشغلها الذي يحدد منطقة استخدامها، لكن المسيّرة الانتحارية هي التي ستختار بنفسها الهدف الذي ستصيبه.


وحسب كبير المصممين فإن مسيّرة " لانسيت" ستبحث عن المدرعات فقط، مشيرا إلى أنه "لا يمكن إسكاتها بواسطة وسائل الحرب الإلكترونية" لأن كمبيوترا إلكترونيا موجود على متنها مباشرة.


بداية استخدام المسيرات

يعود بدء استخدام المسيرات للحرب العالمية الأولى في مهام رصد واستطلاع نفذتها بريطانيا والولايات المتحدة. وبعد أكثر من قرن، تحولت أراضي أوكرانيا إلى مختبر لمُسيَّرات تحمل رسائل متفجرة لتشكل إحدى أهم الظواهر العسكرية لعقود طويلة قادمة. ولم تسلم سوى مدن أوكرانية قليلة من أسراب المسيرات التي أطلقتها كل من روسيا وأوكرانيا منذ بداية الحرب.


ولحرب المسيرات تكلفة باهظة، حيث تخسر أوكرانيا وحدها في هجماتها  كل شهر نحو 10 آلاف طائرة من دون طيار، بما في ذلك مسيّرات المراقبة والمسيرات الانتحارية، أو ما يعرف بـ"كاميكازي" نسبة إلى هجمات طائرات "كاميكازي" وهي عبارة عن هجمات انتحارية من قبل طيارين شباب يابانيين، كانوا يسقطون طائراتهم، وهم على متنها، مستهدفين سفن الحلفاء لإحداث أكبر قدر ممكن من الضرر بها.

ويقول منظمو حملة جيش الطائرات بدون طيار إنهم قاموا ببناء أو شراء 3300 طائرة بدون طيار إضافية. كما استخدمت هذه المسيرات لضرب أهداف روسية على جبهات عدة في أوكرانيا، بما فيها ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، ووصلت حتى إلى الداخل الروسي بشكل متزايد، بعضها تم صده والبعض الآخر أصاب أهدافه.


وقد أمطرت روسيا، بدورها، أوكرانيا بوابل من الطائرات المسيرة، أثارت الرعب في العديد من المدن على رأسها العاصمة كييف، ترافقت في كثير من الأحيان مع هجمات صاروخية.

الأثار المحتملة عن استخدام المسيرات الانتحارية


يمكن أن يكون للطائرات بدون طيار الانتحارية الروسية آثار كبيرة على الصراعات العسكرية. فهي يمكن أن تزيد من دقة الضربات الجوية، ويمكن أن تساعد في تقليل الخسائر البشرية. ومع ذلك، فهي أيضا يمكن أن تثير مخاوف بشأن أخلاقيتها وآثارها الإنسانية. فهي أسلحة خطيرة يمكن استخدامها لقتل المدنيين دون سابق إنذار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي المسيرات الانتحارية إلى تفاقم الصراعات، لأنها يمكن أن تؤدي إلى ردود انتقامية من جانب العدو.
فالمهمات الكثيرة التي تقوم بها تلك الطائرات الانتحارية من استطلاع وتجسس ورصد واستهداف، جعلت منها تؤدي دورا حاسما في الاستراتيجيات الجوية والعسكرية للقوى الكبرى والصغرى. فتلك الطائرات الأشبه بألعاب تسلية ما من طرف مستعد بشكل كاف لمواجهتها، ورغم ذلك فإن الجميع يريد اقتناءها لا بل تصنيعها.


فقد تعيد هذه المسيرات رسم خريطة الحروب  في العالم وسط سهولة تصديرها وتسييرها. وقد تضع السيادةَ الجوية الحاسمة في متناول قوى لم تكن تحلم بها يوماً.


في الختام، المسيرات الانتحارية هي أسلحة خطيرة يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الصراعات العسكرية. من المهم أن تكون على دراية بقدرات هذه الأسلحة وآثارها المحتملة.