رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

داليا الحديدي تكتب: في الفاحشة ليسوا سواء

نشر
داليا الحديدي
داليا الحديدي

أعترف أن هذا المقال شائك سيما لو تم قرآته بشكلٍ سطحيٍ، لأن نفرًا سيستسهل عدم إرهاق نفسه بالتفكير وسيعتبر أن المكتوب ما هو إلا مناصرة للرجل ضد المرأة في حين أني أسعى لتفسير ظاهرة مجتمعية نفعية بحتة ليس إلا.

إنهم لا ينصفون الذكر على الأنثى ولا الرجل على المرأة؛ ولكنهم يخشون من فساد المؤتمن فتضيع الأنساب والمواريث، فكثيراً ما يحلو للبعض تصنيف شخوص الحياة في إحدى اثنتين: طاغية أم ضحية، وتاريخ المرأة في بعض منه أظهر استعذاب البعض لدور الضحية وتقوتها من ضعفها في مرحلة من عمرها، يساعدها في ذلك مظهر منكسر، منثن -لذا سميت أنثى- وكُثُرٌ تقمصن دور الأجنحة المتكسرة حتى مشهد النهاية.

وكم تعالت أصوات تلعن امتيازات المجتمع للرجل التي مررت له الخيانة، وكم من هبات انفعالية شهدناها ممن نادين بالمساواة في العقوبة منددين بازدواجية التعاطي في التساهل مع الجاني في حالة كونه ذكر مع التشديد على الجاني لو كانت أنثى، فمجتمعنا يرجم الزانية فيما يرحم الزاني فمن تضبط متلبسة بعار الزنى تُعاقب جنائياً كما تُقصى اجتماعياً، والحال مع الرجل منصوب بسكون لا يتعدى التوبيخ.

وتتشبث النساء بحقيقة أن الأديان ساوت في العقوبة بين الزاني والزانية، إلا أن المجتمع فرق بل مرر كبائر الرجل فيما شنع صغائر المرأة.

بداية، لكم وددت لو تطلعن نحن بنات حواء لمنافسة الرجال في قضايا أنظف من تلك، ولكم تمنيت في مقاربتهن والمساواة معهم في تقدمهم العلمي وفي مجال إسهاماتهم للبشرية من كم مُخترعات وإضافات فنية، أدبية وفكرية جاوزت عطاءات المرأة بدهر لأسباب موغلة في القِدم ومعروفة سلفاً للجميع منها أن الذكور كانت لهم بحكم بنيتهم الجسدية القوية خبرات اكثر في المجالات العملية والعلمية.

بيد أن هناك أموراً ملتبسة على النساء، منها أن المجتمع لا يُنصف جنساً على آخر ولكن يُساند نوعاً قوياً على أخرٍ ضعيفٍ بغض النظر عن جنسه..فالمجتمع يؤازر صفة القوة في الجنسين أو لو حازها أيٍ من الجنسين و -أبداً- لا يُزكى جِنساً على أخَر من حيث الفروق البيولوجية، بل للدقة من حيث ارهاصات ونتائج تلك الفروق على وضع الكائن الإنساني في قوته ومدى ما تتيحه تلك الفروق من مركز وسلطة في مرحلة عمرية معينة
فلو السلطة والقوة والصحة والمال في حيازة إمرأة، فستُنصف وتُنصر على أفقر الذكور وأضعفهم حتماً لا محالة والعكس بالعكس صحيح.

موقف المرأة في مطلع شبابها

لكن موقف المرأة في مطلع شبابها أضعف بكثير كونها غالباً ما تكون شخصاً اتكالياً، تُبَعاً، وقلّ منهن من تكون قادرة على تأمين حياة كريمة لنفسها بلا سند ذكوري، فالمرأة أدمنت استخدامها كأفعال مساعدة.  
وللتوضيح سأسوق مثالًين:
الأول صاحبه ارتكب فاحشة الزنى وكانت زوجته سيدة بسيطة لا تعمل وليس لها دخل من ميراث أو خلافه، أي ليست شخصية عاملة، ثرية أو ذات حيثية اجتماعية، فإن محيطها بمن فيها عائلتها أو بالأخص ذويها، سيبذلون جل جهدهم لكي يتستروا على الزوج بإخفاء موضوع الزيجة اما في حالة لو افتضح أمر الزوج ، فسيبذلون أضعاف جهدهم ليثنون الزوجة عن طلب الانفصال، بل سيرغمونها على تجرع الهوان مع زوجها مهما كان مسيئا لها بحجة عدم خراب بيتها "و خليكي زكية واصبري والثواب والأجر  إلى أخره" فيما السبب الرئيس هو التنصل من مسؤولياتهم المادية تجاهها هي وأبنائها.

على النقيض تمامًا لو ارتكب زوج فقير، متزوج من شخصية مرموقة، ثرية أو مشهورة وذات حيثية ولها ارث كبير، لو إرتكب هذا الفقير فاحشة الزنى ذاتها أو هب أنه لم يرتكبها لكنه شوهد في سيارة، أو ملهى ليلي مع أي فتاة ليل أو نهار، حتى لو لم يتزوجها، فإن الأهل سيسارعون بتصويره متلبسًا وسيتسابقون لإبلاغ أختهم أو قريبتهم المخدوعة بدعوى حبهم لها ورغبتهم في"افاقتها من غفلتها" فيما السبب الحقيقي هو أن مصلحتهم هي إنفصال اختهم من رجل ينتفع منها ماديًا كي يحجبوا عنه أي فائدة تصيبه من ناحية زوجته سواء من ميراث او من اي دخل لها لكي يؤول لهم نصيبه لحوذتهم.

إذن، فالمسألة أول عن أخر مصالح تتصالح أو تتعارض، ولا دخل للذكورة أو الأنوثة بها من قريب أو بعيد. 

ثانياً، إن المرأة حين تخون زوجها فإنها تتمكن من خداعه في نسبه وإلصاق ذرية ليست من صلبه له ولعائلته، فيحمل اسمه وإسم عائلته أطفال لا علاقة له بهم، يرثونه ويرثون آباءه وأجداده، ثم تحرم حلائل وتحلل محرمات جراء فعلتها، في حين أنه لو قام الزوج بخيانة زوجته، فلن يتمكن من تلبيسها أبناء ليسوا من رحمها، وبالتالي لن يرثها أو يرث أجدادها أغيار.
فالرجل لن يستطع أن يدعي لزوجته أنها ذهبت في غيبوبة لتسع، حملت فيهم وأنجبت، بينما تستطيع الزوجة دس السفاح في نسب زوجها وأهله و: "شوف نفسك أصابعك نفس أقدامك".

ومن هنا كانت ازدواجية التعاطي المجتمعي في حال خطأ الطرفين، فالمجتمع يغفر خطيئة شهوة رجل لا دليل على جرمه لأنها في الغالب جريمة ليست لها تبعات تضر بزوجته حيث لن تتعدى النزوة الشهر، والرجل بنفسه يعترف بانزوائه بإمرأة في قارعة طريق، رافضاً هدم أسرته أو الزواج بامرأة من الشارع سيما لو ارتضت أن تكون مرحاضا بشريا لعابر سبيل.

لكن نفس هذا المجتمع يقسو على الأنثى لا محاباة للرجل ولكن لأنها ارتضت أن تكون هذا المرحاض البشري الذي يغط فيه أي عابر، و بالتالي سينشأ من خطأها سلسلة أضرار مادية و نفسية وجسدية جسيمة عليها وعلى أسرتها و أسرته، قد تهدد بالتلاعب بأنساب وخلط لمواريث وتهديد لسمعة أسرتها والتلاعب بحقوق وبنسب طفل ليس له ذنب  بل والتلاعب بحقوق مجتمع كامل سيتم الشك بأنسابه فسيضطر لجمع تبرعات لكفالة أيتام وبناء اصلاحيات والبحث في مشاكل أطفال الشوارع، فقط لأن الأنثى لم تعي دورها الهام في صد هجمات الذئاب البشرية تحت دعاوي الحب أو الشهوة كذلك قد يؤدي لط الانساب و الذي تسببت فيه المرأة بتساهلها أن ينشأ وليد مجهول النسب فيتزوج من أخته، عمته او  أي من محارمه لاحقاً.

إن الرجال يقذفون بشهوتهم هوناً، بينما تثقل المرأة بشهوتها حملاً ووهناً، ما يجعلها على يقين من بنوتها للجنين، في حين يظل الرجل على يقين من شكه في نسب مدعى عليه من فتاة عاشرها باتفاق شهوة مقابل شهوة أو شهوة مقابل أجرة لا شهوة مقابل زواج لأنها امرأة غير مؤتمنة على أنساب.
انه في الغالب لا ينكر انه زنى بها لكنه يشك في كونه ليس وحده من افحش معها وبالتالي فهو في ريب من أبوته لما ينسب إليه
كما أن المرأة لو ارتكبت الفاحشة وحملت فهي تحمل إصرها معها ولن تتمكن من إنكار النسب، لأنها تحمله ويظهر ذلك عليها وهي -غالباً- تعلم من هو الأب لكن أحياناً قد يلتبس عليها الأمر لو عاشرت أكثر من فرد.
في حين يعمد الذكر لإنكار نسب الطفل، لأنه بداية يشك في بنوته، حتى لو اعترف بمعاشرته لتلك المرأة، إلا أنه يعلم أنه ليس الوحيد الذي عاشرها، بل هو رقم في قائمة تطول ومن ثم فلا توجد ضمانة له تؤكد نسب الطفل له وتجعله مطمئناً لمنحه اسمه وميراثه اعلم اني كررت هذا المعنى في المقال لكن التكرار هام هنا للتأكيد على المعنى.
إن الرجل حينما يشتهي، تجده يختار شريكته كسيارة سباق ملفتة، صالحة للمغامرة واللهو، أما حال بحثه عن عروس ليتزوج، فتراه يبحث عن مركَبة أصيلة، متينة، موفرة وقادرة على حمل أسرته بكاملها وتتمتع بمكابح تؤمن مستقبل عائلته في الشدة قبل الرخاء وفي المرض قبل الصحة.
وقد يوجد رجال تنفعل قلوبهم بشدة لمجرد مرأى العذاب عند المرأة، فعندها فقط يكاد الألم يكون وعداً بالثبات على الحب والمزيد من الشهوات المتبادلة، لا التزاماً بالزواج.
إنه سيناريو يتكرر بحذافيره ودون أي ابتكار، والجديد في الموضوع أن النساء بتن يتطلعن للمساواة في الإنفلات من العقوبة، لا في مكافحة هكذا جريمة تسقط حساب جنين في الحياة الشريفة.