رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

زينب الكناني تكتب: ايدوبا السومرية المدرسة الأولى في التاريخ 

نشر
الأمصار

الاعتقاد الشائع لدى الأغلب للأسف أن الانسان السومري (القديم) كان يعيش في تخلف وجهل وأنه متأخر عن الإنسان العاقل (الحديث) إلا أن تشير الدلائل والآثار التي تم الكشف عنها والتي تقدم لنا ثروة من المعلومات بخصوص المؤسسات التعليمية في الشرق الأوسط، أما عن سومر فتم اكتشاف أول مصطلح للمدارس وتدوينه فيها فمن بلاد سومر انتشرت الكتابه والتعليم في كافة أرجاء العالم ففي (شوروباك) موطن نوح السومري، عُثر من خلال التنقيبات على عدد كبير من الكتب المدرسية التي يرجع تاريخها إلى حوالي 2500ق.م ويحوي مضمونها على جداول بأسماء آله وحيوانات ونباتات ومجموعة من الكلمات والعبارات لغوية دونت لغرض الدرس والتمرين وتختلف خطوط هذه الألواح من حيث الجودة فمنها ماهومكتوب بخط ردئ تعود لطلاب (مبتدئون) وبعضها نقشت بأناقه للطالب المتقدم الذي كان على وشك التخرج تمدنا هذه النسخ بمعلومات عن طرق التعلم السومرية وعن طبيعة المناهج التدريس فيها.

 

المدرسة السومرية: 

كانت تعرف بكلمة (أيدوبا) ومعناها (بيت الألواح ) وأسست لغرض تدريب الكتبه وذلك لسد احتياج متطلبات البلاد الاقتصادية والادارية وكذلك مايتصل بالمعبد والقصر واصبحت نتيجة تطورها وتقدمها والتوسع في مناهجها مركز للثقافة والمعرفة في سومر حيث كان يدرس فيها فروع المعرفة اللاهوتية والنباتية والحيوانية والجغرافية والرياضية والنحوية واللغوية واصبحت المدارس السومرية فيما بعد التي بدأت ملحق للمعبد مؤسسه دنيوية وكان يدفع للمدرسين اجورهم من الاجور الدراسية التي كانت تجمع من الطلاب واصبحت مناهج تدريسها كذلك دنيوية.

ولم يكن التعليم عام او الزامي بل مقتصر على الاثرياء من ابناء الكتبه الذي كانوا يعدون من أغنى مواطني المجتمع اما الفقراء من الصعب عليهم توفير المال والوقت الذي تحتاجه الدراسة أنذاك.

الهيئة التدريسية السومرية:

يسمى مدير المدرسة (أوميا ) اي الخبير او الأستاذ وكذلك يلقب ب(أبو المدرسة) اما الأستاذ المساعد اي المعاون يسمى ( الأخ الكبير) ومن واجباته كتابه الألواح الجديدة ليقوم بنسخها الطلبة وفحص النسخ والاستماع اليهم عندما يستظهرون اليهم دروسهم من الذاكرة.

وكان ضمن هيئة التدريس كذلك (الرجل المشرف على الرسم) والرجل المشرف على اللغة السومرية اما المراقبون كانوا يشرفون على حضور الطلبة وكذلك مراقبون على النظام المدرسي.

 اما التلميذ يسمى (أبن المدرسة) اما المتخرج منها (أبن المدرسة في الأيام الماضية).

 

المناهج المدرسية:

 

لقد كان التلاميذ يرهقون انفسهم كثيرا التعلم قوائم طويلة من اسماء الحيوانات والنباتات والطيور والاسماك والاحجار والمعادن والاسماء الموضعية ، والجغرافية . ثم ياتي دور الجمل القصيرة التي ينبغي ان تستنسخ ، كالنصوص والقواعد القانونية العامة ، والقاب الشرف ، و مجموعات التعبيرات العامة المستخدمة في الوثائق الادارية والقانونية وغيرها من الخلاصات الوافية.

وكذلك منهم من يكون على اتصال وثيق بالقوانين والشرائع ومصطلحاتها . حيث كانت مجموعات من القوانين وتفاصيل دقيقة ترسم خطوطها العريضة في المدارس وتدرس هناك بكلتا اللغتين السومرية والاكدية . وفضلا عن مجموعة (قوانين لبت عشتار) المعروفة جيدا (نحو ۱۹۲۰ ق.م) و (قانون اور نامو (۲۱۰۰ ق.م) و و(قانون حمورابي ) - نحو ۱۷۵۰ ق. م التي كانت تدرس في المدارس على نحو دائم كانت احدى المحاكمات الشهيرة التي تناولت جريمة قتل في (ايسين) تدرس من حين إلى آخر في المدارس البابلية القديمة. كما أن العقود النموذجية وقوانين ايستونا ، التي قد تكون من نتاجات مدارس الالواح : كان تجري اعادة استنساخها للتعليم في مدارس شادويم (تل الحرمل) ان الكاتب المختص في الدراسات الشرعية أو الذي كان مسجلا ، يشار اليه باعتباره (كاتب القاضي) يمكن ان يجد وظيفة في احدى المحاكم بصفته.

 

دومو أيدوبا وبـ (الأكدية : شاداجاني) 

وهيأ المدرسون كذلك مجموعه متنوعة من الجداول الرياضية وعددآ من المسائل المطوله مع حلها.

وكذلك دراسة النحو بالاضافة الى ذلك عند تغلب الاكديين الساميين التدريجي على السومريين في الربع الاخير من الألف الثالث ق.م أثر في قيام المعاجم اللغوية. 

وذلك لان الفاتحيين الساميين لم يقتصروا على استعارة الخط السومري فحسب بل اعتزو بالمؤلفات الادبية السومرية فتدارسوها وقلدوها حتى بعد اندثار اللغة السومرية.

نظام المدارس:

اما بالنسبة لمسألة النظام لم يكن يتردد المدرس في أستخدام العصا في تقويم اخطاء الطالب لكن في نفس الوقت يشجعون من يتقن واجبه انجازآ متقنآ بالاطراء والمديح ولم تكن الدراسة بالنسبة للطالب بالشيء اليسير فقد كان يحضر يوميآ من شروق الشمس الى غروبها وكان يلازم المدرسة من صباه الى مرحلة الشباب او البلوغ.

وختامآ هذه المعلومات تقودنا على حقيقة أن الشعب السومري العبقري صاحب اول حرف للكتابه الذي كان له الفضل في نقل الانسان من البربرية الى عصور التمدن وضع هذا الشعب أسس مظاهر التطور البشري بانجازاته المتعددة.