رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

دراسة: القطاع العمومي يستقبل 8.5 % فقط من الساكنة المغربية النشيطة

نشر
الأمصار

أفاد تقرير صادر عن “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” بأن النسبة الإجمالية للنشاط العمالي في القطاع غير المهيكل بالمغرب بلغت 77.2 في المائة إلى حدود سنة 2018، باعتبارها الفترة الزمنية التي انحصرت فيها الدراسة؛ فيما بلغت نسبة العمالة في “اقتصاد الظل”، باستثناء العاملين في القطاع العام، 84.3 في المائة.

ويعزو التقرير، المعنون بـ”القطاع غير المهيكل في المغرب.. إعادة التفكير في الهيكلة الشاملة للحوافز من أجل اقتصاد أكثر شمولا ودينامية”، تنامي الاقتصاد غير المهيكل بالمغرب إلى التصور القانوني الذي لا يستجيب لمجموعة من الشروط، وأيضا إلى ضعف الحرص على إنفاذ القانون في ظل وجود محفزات قوية تدفع الشركات إلى الالتفاف حول التشريعات المعمول بها والتهرب منها.

وحسب عملية المسح التي قام بها التقرير، فإن ثمة غلبة قوية ومهمة من العاملين لحسابهم الخاص والعاملين في البيوت في إجمالي السكان العاملين في القطاع الخاص غير المهيكل بالمغرب، ويمثلون ما يقرب من 49 في المائة، مقابل 43 في المائة من العاملين بأجور في القطاع الخاص، وحوالي 8.5 فقط في المائة من الساكنة النشيطة يعملون في القطاع العام.

 العاملين بأجور في القطاع الخاص

وكشف التقرير أن هناك نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص غير مصرح بهم، حيث إن 33 في المائة فقط من السكان الذين يتقاضون رواتب في القطاع الخاص يعتبرون رسميين؛ وهو ما يعكس مشكلة تهرب ضخمة تقوم بها المقاولات وتهم العاملين بأجور في القطاع الخاص، إذ إن هناك نحو 64 في المائة ينبغي أن يساهموا في الاشتراكات في الضمان الاجتماعي، ولكنهم لا يفعلون ذلك.

وهو ما يعني أيضا، حسب التقرير، أن هذه النسبة (64 في المائة) من العاملين بأجر في القطاع الخاص هم غير مهيكلين بشكل غير قانوني، والشركات أو المقاولات التي تشغلهم لا تسجلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبالتالي هي مقاولات لا تمتثل لقوانين الشغل المعمول بها في القطاع الخاص المغربي.

وذكر المصدر ذاته أن التنقل بين وظائف القطاعين العام والخاص محدود بالمغرب، حيث هناك درجة معينة من التنقل في سوق الشغل المغربي من القطاع المهيكل صوب القطاع غير المهيكل والعكس؛ ففي عام واحد، ترك 6.7 في المائة من العاملين في القطاع العام وظائفهم للحصول على وظيفة رسمية في القطاع الخاص.

وبالمقابل، ترك 2.8 في المائة من المشتغلين في القطاع الخاص وظائفهم للانضمام إلى القطاع العام؛ كما ترك حوالي 8.7 في المائة من العمال القطاع الخاص المهيكل للعمل في وظائف داخل القطاع غير المهيكل.

وأشار التقرير إلى أن ما تم تسجيله هو أن التوظيف في القطاع العام يتمتع بنسبة من الاستقرار مقارنة بالقطاع الخاص؛ ففي عام واحد ترك 11.8 في المائة، فقط، من العاملين في القطاع العام مجال اشتغالهم، مقابل 23 في المائة من العاملين الرسميين في القطاع الخاص الذين غادروا عملهم. وتمت الإشارة إلى أن الموظفين في القطاع العام يميلون إلى البقاء في وظائفهم.

وحسب الدراسة، فإن مغادرة الموظفين في القطاع العام لوظائفهم لا تتعلق، في الغالب، بمغادرة سوق العمل؛ ولكن لأسباب أخرى، منها التقاعد. ومن ناحية أخرى، في القطاع الخاص، هناك قدر أكبر من التنقل بين قطاعات التشغيل؛ فقد غادر، في عام واحد، حوالي 23 في المائة من العاملين في القطاع الخاص المهيكل هذا القطاع. وانتقل أيضا 8.7 في المائة من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص المهيكل نحو العمل في “اقتصاد الظل”، بينما انتقل 2.8 في المائة فقط من العاملين بأجر في القطاع الخاص الرسمي إلى وظائف رسمية في القطاع العام.

واعتبر التقرير أن القطاع غير المهيكل صار مكونا أساسيا من مكونات الاقتصاد المغربي، لكونه يوظف جزءا مهما من الساكنة؛ لكنه يضر بالإنتاجية وعائدات الضرائب الحكومية والنمو الاقتصادي، على المدى البعيد؛ ومن ثم الحجم الكبير لهذا القطاع هو مصدر قلق حقيقي للاقتصاد المغربي.

وشدد التقرير على أن هذا الارتفاع في نسبة الاقتصاد غير المهيكل له أضرار كثيرة، سواء بالنسبة للعمال، كعدم الاستقرار وانعدام الأمن في العمل، والأجور المنخفضة، وظروف العمل السيئة، وضعف آفاق التطور والارتقاء الوظيفي، وما إلى ذلك؛ وأيضا بالنسبة للدولة المغربية من حيث الخسائر الكبيرة فيما يتعلق بالوظائف الضريبية. كما أن له تأثيرات كبيرة بالنسبة للنسيج الاقتصادي بسبب آثاره السلبية على الإنتاجية والمنافسة غير العادلة التي يسمح بها في مواجهة القطاع المهيكل، ولكنه في الوقت نفسه يظل منفذا للعديد من العمال الذين لا يستطيعون العثور على وظيفة في الاقتصاد الرسمي المهيكل، بشكليه العام والخاص.