رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

الجفاف يضرب المغرب.. تأثيراته على الاقتصاد والمجتمع وسبل الحد من تداعياته

نشر
الأمصار

عشرات الآلاف من السكان في المغرب يعانون من الجفاف الذي يشهده البلد في الوقت الحالي، ويتزايد القلق على المدى البعيد بشأن تأثير هذه الأزمة على الإمدادات المائية والزراعة والاقتصاد المحلي.

ومن جانبه، قال وزير الزراعة المغربي إن الحكومة المغربية تعمل على تعزيز سلاسل الإنتاج من خلال دعم أسعار البذور والأسمدة لخفض التكاليف، وتشجيع زراعة النباتات القادرة على التأقلم مع الظروف المناخية بالبلاد، وذلك في ظل أسوأ أزمة جفاف يعيشها المغرب منذ أكثر من أربعة عقود.

وبلغت أسعار الخضروات والفواكه في الأسابيع القليلة الماضية مستويات قياسية، مما أسهم في زيادة معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة في البلاد، وفق وكالة فرانس برس.

وفي ندوة صحفية الجمعة الماضية، قال وزير الزراعة المغربي محمد صديقي، على هامش الدورة 15 للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس "هناك مبادرات حكومية لضمان استقرار الأسعار"، مضيفا أن "التوازن بين السياسة الفلاحية (الزراعية) والغذائية هو إشكالية العالم اليوم، وليس المغرب فقط".

وأكد الوزير أن الحكومة تسعى لضمان توافر المنتجات الأساسية مثل البطاطس والطماطم والبصل والحبوب، موضحا أن العقبة الأساسية هي نقص المياه بسبب الجفاف.

وقال: "العائق الكبير هو الماء في ظل الجفاف الذي عاشه المغرب العام الماضي ويمتد إلى العام الحالي ." وتابع: "نستغل أية قطرة ماء بحوزتنا لكي ننتج ما هو موجود حاليا".

وفي السياق، يقول خبراء إن المغرب يعاني من شح مائي شديد في ظل أسوأ جفاف تتعرض له البلاد منذ أربعة عقود.

وشهدت أسعار الخضروات والفواكه في الأسابيع القليلة الماضية مستويات قياسية، الأمر الذي أسهم في رفع معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة، ودفع الحكومة إلى تقليص صادرات بعض المنتجات لخفض أسعارها في السوق المحلية.

وسجل معدل التضخم في الربع الأول من العام الحالي 9.4٪، مقابل أربعة في المائة خلال نفس الفترة من العام 2022.

وتقول الحكومة المغربية إن التضخم بسبب ارتفاع المواد الأولية في الأسواق العالمية نتيجة الحرب الروسية-الأوكرانية، إلا أن المندوبية السامية للتخطيط أوضحت في وقت سابق أن التضخم محلي أيضا بسبب ارتفاع أسعار الخضر والفواكه.

ويتميز الجفاف في المغرب، بتراجع هطول الأمطار وانخفاض كميات المياه الجوفية. وتعود أسباب الجفاف في المغرب إلى العوامل الطبيعية مثل التغيرات المناخية والظواهر الجوية النادرة، بالإضافة إلى العوامل البشرية مثل الزراعة الجائرة والتلوث.

آثار الجفاف على المجتمعات المحلية

يؤثر الجفاف بشكل كبير على حياة الناس في المناطق المتضررة، فتشهد هذه المناطق نقصًا في المياه الصالحة للشرب والزراعة والحياة اليومية بشكل عام. ويضطر السكان في بعض المناطق المتضررة إلى السفر لمسافات طويلة للحصول على المياه، وليس من النادر أن يتم استخدام المياه الملوثة، مما يؤدي إلى انتشار الأمراض وتؤثر الجفاف أيضًا على الثروة الحيوانية والزراعية، مما يؤثر على الاقتصاد المحلي ويزيد من مستوى الفقر.

الحلول المتاحة

تعمل الحكومة المغربية على تطبيق خطط جديدة للتصدي للجفاف وتحسين إدارة الموارد المائية، ويتضمن ذلك بناء سدود وتجهيز المزارع بأنظمة الري الحديثة، وتشجيع الزراعة المستدامة وتمويل المشاريع المائية الصغيرة، كما تعمل الحكومة على تحسين البنية التحتية لتوفير المياه الصالحة للشرب، وعلى تعزيز التوعية بأهمية المحافظة على الموارد المائية.

دور المجتمع المحلي

يمكن للمجتمع المحلي أن يلعب دورًا هامًا في مواجهة مشكلة الجفاف، فعلى سبيل المثال، يمكن للمزارعين تطبيق تقنيات الري الحديثة والاستفادة من المياه الأمطار، ويمكن للناشطين في المجتمع المحلي أن يساهموا في نشر الوعي حول أهمية المحافظة على الموارد المائية وتوفير المياه للاستخدامات المختلفة.

الآثار الاقتصادية للجفاف

يؤثر الجفاف أيضًا على الاقتصاد المحلي في المغرب، إذ تعتمد الزراعة والثروة الحيوانية بشكل كبير على المياه، وتأثير الجفاف يؤدي إلى تراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار الأغذية، ويزيد من مستوى الفقر والبطالة في المناطق المتضررة.

تصاعد التحديات

تتزايد التحديات المرتبطة بالجفاف في المستقبل، وتحتاج المغرب إلى اتخاذ إجراءات جادة للتعامل مع هذه المشكلة، وعلى سبيل المثال، يمكن استخدام التقنيات المتقدمة لتحلية المياه وإدارة الموارد المائية بكفاءة عالية.

الخطوات المستقبلية

تحتاج المغرب إلى العمل الجاد والتنسيق بين الحكومة والمجتمع المحلي والمؤسسات الدولية لتحسين إدارة الموارد المائية وتطوير المزيد من الحلول المستدامة والفعالة لمواجهة الجفاف، ويجب أن يكون التركيز على الوعي بأهمية المحافظة على الموارد المائية وتوفير المياه للاستخدامات المختلفة.

الاعتماد على بذور مطورة للتكيف مع ظروف الجفاف

بدأ المغرب إنتاج بذور مطورة، تساعد على زيادة إنتاج الحبوب بنسبة 30%، مقارنة مع البذور العادية. وتسعى الجهات المعنية بالزراعة في المغرب، للتغلب على النقص الحاد في إنتاج البلاد من الحبوب بسبب الجفاف.

ويبذل القطاع الزراعي في المغرب جهود عدة ، لمواجهة الأزمات الناجمة عن الجفاف. ويعد تقلص إنتاج الحبوب خلال السنة الماضية بنسبة 70%، بسبب الجفاف، زاد وتيرة هذه الجهود.

ويقول مديرالمعهد الوطني للبحث الزراعي، فوزي البقاوي: "طورنا أنواعا من القمح والشعير لتكون أكثر قدرة على التكيف مع مع كل الظروف.. وفي سنوات الجفاف نحصد محصولا من هذه الأصناف أفضل بنسبة 30% من الأنواع الأخرى".

تزايدت الجهود العلمية لتحسين الإنتاج، بالتعاون مع المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، وتُوجت بافتتاحبنك الجينات لحماية التنوع البيولوجي في المجال الزراعي.

ويقول ممثل المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة، أحمد عامري: إن "التعاون مع المغرب يركز على تحسين علم الوراثة للحفاظ على الموارد وبعد مغاردتنا لسوريا 2012 استقبلنا المغرب وأنشأنا بنك الجينات"

يوضح رئيس قسم التحسين الوراثي بالمعهد الوطني للبحث الزراعي، موحى فراحي: "هدفا هو هذه الأصناف التي طورناها في إطار هذا التعاون توصلنا عند المزارع المغربي في أقرب وقت.. أقولكم أن المعهد البحث الزراعي يعطي أهمية لتكثير البذور وبدأنا هذه البرنامج قبل ثلاث سنوات".

ويقود المعهد الوطني للبحث الزراعي جهود المغرب لتحسين الإنتاج الزراعي، ويسعى لتعميم التجربة على جميع المزارعين، الذين يدفعون تكاليف عالية.

ويقول المزارع عبد الله سيلماني. "بالنسبة للمصاريف زادت.. الهكتار كان يكلف 5000درهم وأصبح يكلف 10000 درهم، هذا بالإضافة إلى غلاء الأسمدة".

ويدفع الجفاف وزيادة أسعار القمح بسبب أزمة أوكرانيا، المغرب نحو مضاعفة الإنتاج المحلي من الحبوب، تفاديا لأي أزمات محتملة.

تحديات أخرى يمكن أن تواجه المغرب في المستقبل

هناك العديد من التحديات التي يمكن أن تواجه المغرب في المستقبل، ومن بين هذه التحديات:

1- التحديات الاقتصادية: يواجه المغرب تحديات اقتصادية كبيرة، مثل تحسين معدلات النمو الاقتصادي وخفض معدلات البطالة والفقر، وتعزيز الاستثمارات وتطوير الصناعات التحويلية.

2- التحديات البيئية: يواجه المغرب تحديات بيئية كبيرة، مثل التغيرات المناخية والتصحر والتلوث البيئي، ويحتاج إلى اتخاذ إجراءات للحد من هذه التحديات والمحافظة على البيئة.

3- التحديات السياسية: يواجه المغرب تحديات سياسية متعددة، مثل تعزيز الديمقراطية وتحسين حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، وتعزيز الحريات الفردية وحقوق الأقليات.

4- التحديات الأمنية: يتعرض المغرب للتهديدات الأمنية المتعددة، مثل تهديدات الإرهاب والتهريب والجريمة المنظمة، ويحتاج إلى تعزيز الأمن الوطني وتطوير القدرات الأمنية.

5- التحديات الاجتماعية: يواجه المغرب تحديات اجتماعية متعددة، مثل تحسين جودة التعليم وتطوير الصحة العامة وتحسين الخدمات الاجتماعية الأخرى، وتعزيز الشمولية والعدالة الاجتماعية.

وعليه، فإن التحديات المستقبلية التي يواجهها المغرب تحتاج إلى تعاون وجهود مشتركة من قِبل الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لمواجهة هذه التحديات والعمل على تحقيق التنمية المستدامة في البلاد.