رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بهاء خليل يكتب: ازدواجية الموقف لدى الفصائل المسلحة بالعراق

نشر
الأمصار

منذ ان شكلت إيران ما يعرف بفصائل المقاومة في العراق لم تدخر تلك الفصائل جهدا في تهديد الامن في العراق بصورة عامة، بل أصبحت الذراع الإيراني الذي يهدد كل من يعارض المشروع الإيراني في العراق ، وسبق لإيران ان استخدمت هذه الفصائل كوسيلة ضغط على الإدارة الامريكية من خلال ضرب المصالح الامريكية في العراق بما يخدم مصلحة النظام في إيران .
هذه الفصائل لم تكن وظيفتها تهديد او ضرب من يقف بوجه طموحات ايران في العراق والمنطقة فقط ، بل كانت لها أدوار أخرى كثيرة أهمها حماية وترويج تجارة المخدرات وتهريب العملة وغيرها من الاعمال التي تؤثر على المجتمع العراقي بصورة عامة وعلى الاقتصاد العراقي بصورة خاصة خصوصا بعد تشديد العقوبات الامريكية على ايران في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ، غير ان الوضع تغير كثيرا منذ تشكيل الاطار التنسيقي للحكومة الحالية وبرعاية أمريكية دولية تقودها السفيرة الامريكية ورئيسة بعثة اليونامي في العراق جنين بلاسخارت ، حيث تغير الموقف فجأة من عداوة الى صداقة وعلاقة وطيدة بين قوى الاطار والفصائل المسلحة من جهة والسفيرة الامريكية من جهة أخرى واصبحنا نسمع تصريحات قادة المقاومة وهم يدافعون عن المصالح الامريكية واختفت صواريخ الكاتيوشا المنفلتة من سماء العراق وصمتت مدافع منظومات (C RAM ) وعم الهدوء محيط السفارة الامريكية في بغداد !!
ان هذا التغير في الموقف ليس هو ما تريده طهران من هذه الفصائل ، غير ان الوضع الراهن أصبح خارج سيطرة إيران حرفيا وبدأت هذه الفصائل تعمل باستقلالية بعيدا عن الأوامر الإيرانية والسبب هو الخوف من رد الفعل الأمريكي تجاه هذه الفصائل خصوصا بعد الضربات العنيفة التي تلقتها سواء في سوريا او التهديدات التي جاءت بها السفيرة الامريكية للفصائل بعد اشتباكات المنطقة الخضراء .
وهذا التغيير في الموقف أدى الى تغيير في طريقة تعامل إيران مع تلك الفصائل وخصوصا بعد تضييق الخناق على تهريب الدولار من العراق الى إيران من خلال الإجراءات التي اتبعتها الخزانة الامريكية مع البنك المركزي العراقي وعدم وصول الوفد العراقي المفاوض الى حلول حقيقية مع الامريكان حتى الان من اجل انهاء ملف تهريب العملة . حيث اعتمدت الطريقة الإيرانية الجديدة في المحافظة على استمرار تدفق الدولار الى إيران دون النظر الى أي أدوار أخرى ، فلم يعد تهديد المصالح الامريكية مهما لإيران ولم تعد الزيارات الدينية وإدخال المخدرات الى العراق يمثل الأولوية كما كان سابقا ، فالوضع الاقتصادي في ايران والاحتجاجات المستمرة بدأ يشكل الهم الأكبر لدى طهران خصوصا بعد التحول الكبير في الموقف البريطاني والاوربي تجاه ايران وبدأ النظام يستشعر الخطر بصورة كبيرة هذه الأيام .
اما الفصائل المسلحة في العراق فقد أصبحت مجرد اجنحة عسكرية لأحزاب سياسية تحكم العراق الان وأصبح الصدام بينهم قريبا جدا لولا وجود السفيرة الامريكية والتي تعمل على ضبط إيقاع تلك الفصائل بما يضمن عدم اطاعتها لأوامر إيران من جهة وتنفيذ ما تريده أمريكا من جهة أخرى ، ولا استبعد شخصيا ان تتحول هذه الفصائل الى قوة عسكرية توجهها الإدارة الأمريكية تجاه النظام في ايران طالما سيضمن لهم ذلك البقاء على رأس السلطة في العراق.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة يعبر عن وجهة نظر الموقع