رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بالمليارات.. تركيا وسوريا يحصدان خسائر اقتصادية هائلة بعد فاجعة الزلزال

نشر
الأمصار

في غضون أيام تغير حال كلا من سوريا وتركيا رأسًا على عقب وذلك جراء وقوع الزالزل المدمر الذى أودي حتى الآن بما يقرب من 24 ألف قتيل و83 ألف مصاب ومازالت عمليات البحث مستمرة في البلدين.

حيث ضرب الزلزال المدمر الاثنين الماضى جنوب تركيا وشمال سوريا بقوة بلغت 7.7 درجات، ثم زلزال آخر بعد عدة ساعات بقوة 7.6 درجات ثم مئات الهزات الارتدادية العنيفة، ما تسبب في خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.


حيث ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في تركيا إلى أكثر من 19 ألف قتيل، و أكثر من 77 ألف جريح، وقررت الحكومة التركية نقل المسافرين من وإلى مناطق الزلزال "مجانًا عبر الخطوط التركية لتسهيل عمليات الإنقاذ.


أما فى سوريا، فقد ارتفع عدد ضحايا الزلزال إلى أكثر من 5 الآف قتيل وأكثر من 7 آلاف جريح، ليكون إجمالي قتلى الزلزال في تركيا وسوريا ما يقرب من 23 ألف قتيل و83 ألف مصاب.

ولم تتوقف الخسائر فقط على الخسائر البشرية بل وصلت إلى خسائر إقتصادية، ولا يزال من المُبكر تحديد حجم تلك الخسائر  التي لحقت بتركيا وسوريا جراء الزلزال المُدمر الذي ضرب 10 مدن رئيسية، بشكل دقيق في تركيا، لا سيما مع اتساع رقعة المناطق المنكوبة


وتزايد عدد الضحايا والمصابين وتعرضت آلاف البنايات بما في ذلك منازل ومستشفيات، فضلا عن طرق وخطوط أنابيب وبنية تحتية أخرى لأضرار جسيمة.


ووفقا للمتخصصين، توقعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، اليوم الخميس، أن تتجاوز الخسائر الاقتصادية جراء الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا "ملياري دولار" و"قد تبلغ 4 مليارات دولار أو أكثر".

واعتبرت "فيتش"، أنّ المبالغ المؤمنة "أقل بكثير"، وتصل "ربما إلى نحو مليار دولار"، "بسبب ضعف التغطية التأمينية في المناطق المتضررة".


تؤثر معدلات النمو في تركيا

وعلى الرغم من وضع مؤشرات أولية لحجم الخسائر الاقتصادية الأ أن تبعات الزلزال مازالت تؤثر على معدلات النمو في البلاد خلال العام الجاري، بالنظر إلى الأهمية الاقتصادية الكبرى التي تحظى بها المدن المنكوبة في تركيا، والتي تضم عديداً من الشركات الكبرى، ضمن أهم الشركات الصناعية في تركيا.

وتسهم المدن العشرة بنسب مؤثرة في حجم المدخولات الوطنية، وفي معدلات النمو الاقتصادي، كما تستحوذ على نسبة مهمة من حجم الصادرات التركية، بما يجعل توقف الإنتاج فيها ذات تأثير قوي على الاقتصاد التركي.

وبسبب حصة هذه المدن، وخاصة "غازي عنتاب" التي لديها مؤسسات صناعية كبيرة مؤثرة في اقتصاد البلاد، فإن هذا الحدث الكارثي مرشح لأن تكون له عواقب اقتصادية سلبية على البلد بأكمله.

وتشكل المدن العشرة التي تضررت من الزلزال 10.1 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لتركيا، حيث أسهمت المدن العشرة بـ 1.15 نقطة في معدل نمو الاقتصاد التركي في العام 2021 البالغ 11.35 بالمئة.


وشاركت مدينة غازي عنتاب وحدها بـ 0.25 نقطة في نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي (وهي المحافظة الثامنة ذات أعلى مساهمة باقتصاد البلاد).


أورد هذه البيانات الكاتب الاقتصادي، ناكي بكير، في مقالٍ له بصحيفة العالم الاقتصادية المتخصصة، مشيراً إلى أنه بسبب الثقل الاقتصادي للمدن العشرة، والتي ستحاول مداواة الجراح التي خلفها الزلزال في اقتصاد البلاد فإن خسارة مساهمة تلك المدن في معدل النمو يعني أن معدل النمو العام في الاقتصاد التركي قد انخفض بأكثر من 1 بالمئة.

اهتزازات في أسواق المال التركية

وعلى مستوى العملة، هبطت الليرة التركية مباشرة بعد وقوع الزلزال إلى مستوى قياسي جديد مسجلة 18.85 أمام الدولار، قبل أن تقلص خسائرها خلال النهار.

بينما انخفض مؤشر الأسهم الرئيسي في تركيا بنسبة 4.6 بالمئة، مع تهاوي البنوك بأكثر من 5 في المائة، قبل تقليص بعض الخسائر.

وبحسب تقرير للموقع البريطاني المتخصص في الأسواق "آرتمايز" فإن غالبية الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذا الزلزال المدمر من المرجح أن تكون غير مؤمنة، مما يؤدي إلى خسارة على الأرجح ستكون قليلة لقطاع التأمين وربما صناعة إعادة التأمين.

ويقول ستيف بوين، كبير المسؤولين في شركة استشارات التأمين العالمية غالاغر ري، إن زلزالًا مشابهًا بقوة 6.7 درجة أدى إلى خسائر بلغت حوالي 600 مليون دولار عندما وقع في نفس المنطقة خلال يناير 2020.


أسواق السلع والبضائع

وعلى صعيد أسواق السلع والبضائع، أعلنت وزارة التجارة التركية إطلاق عمليات تفتيش واسعة في عموم البلاد بعد مزاعم حدوث زيادات باهظة في أسعار المستلزمات الأساسية، وجاء ذلك بعدما تداول مغردون أنباء عن رفع بعض التجار أسعار الأغطية التي شهدت إقبالا كثيفا نتيجة مبيت عشرات الآلاف في العراء بنسبة 150%


وتأثرت أيضا حركة الملاحة الجوية والشحن الجوي، في ظل تضرر 4 مطارات من أصل 7، أهمها مطار أنطاكيا الذي أصبح خارج الخدمة بسبب تصدع المدرجات، وكذلك الأمر بالنسبة لمطار أديمان.


والنقل البحري تأثر أيضا، فميناء إسكندرون أغلق على مدى 3 أيام متتالية بسبب اشتعال الحرائق، مما أصاب حركة النقل البحري فيه بالشلل وتكدست الحاويات داخله.
قطاع شركات التأمين، فهناك ما يقدر بـ7 إلى 8 آلاف مبنى تعرضت للدمار معظمها مؤمنة، ومن المتوقع أن تتكبد شركات التأمين تعويضات تصل إلى مليار دولار كفاتورة أولية.

وعلى مستوى قطاع النفط والغاز

وهاتم تعليق صادرات النفط من خط أنابيب حكومة اقليم كردستان وتركيا،  بينما توقف ميناء النفط التركي في "جيهان"، كما تضرر ميناء إسكندرون الواقع في إقليم خطاي بجنوب البلاد.

القطاع الأكثر تضررا

وتوقع الأكاديمي الاقتصادي مخلص الناظر أن تكون شركات السياحة ومجموعات الفنادق الأكثر تضررا، لأن ثمة توقعات بتراجع السياحة نتيجة تخوف السائحين من القدوم إلى تركيا في الآونة الحالية.

وبالإضافة إلى تأثر تراجع الاستثمار، رأى الناظر أن كل ما سبق سيشكل ضغطا على الليرة التركية وعلى الحساب الجاري وعلى الموازنة العامة، مؤكدا أن التأثيرات أغلبها ستكون سلبية على المدى المتوسط، وستتكشف بشكل أوضح بعد شهر إلى شهرين.

وفي ظل تطبيق نموذج اقتصادي خاص في تركيا غير مطبق في دول أخرى، يصعب بشكل عام التنبؤ بشكل وحجم التأثر الذي سيشهده الاقتصاد التركي بعد الزلزال، وفقا للخبير الاقتصادي.

الخسائر الاقتصادية في سوريا

حتى الآن لم يتضح بعد حجم الأضرار الاقتصادية الناتجة عن الزالزل،  لكن التقديرات الأوليّة تشير إلى أنه لن يتخطى حجم الأضرار الناتجة عن الحرب الأهلية.


وتوقع المتخصصين التقييم المبدئي للخسائر الاقتصادية الناتجة عن الزلزال في الشمال السوري، قال الباحث الاقتصادي خالد تركاوي، في تصريحات صحفية"، إن المشهد لا يزال ضبابياً، ولكن الخسائر الأكبر هي خسائر بشرية.

وأعرب عن اعتقاده أنه من الناحية الاقتصادية فإن الزلزال لن يتسبب بأكثر من الدمار الذي سببه القصف، مشيرا إلى أنه ليس هناك دمار كبير في المؤسسات أو الأبنية الجديدة، سوى في الساحل السوري، ولكنها لا تزال بمقدار بسيط نسبيا.

التصدع في سد ميدانكي

وحول التصدع في سد ميدانكي بمنطقة عفرين، أعرب تركاوي عن اعتقاده بأن الأضرار لا تزال بسيطة بالسد، واستبعد انهياره، ولكن بالتأكيد يحتاج إلى صيانة، كما قال.

وفي مناطق سيطرة النظام السوري، أعلنت وزارة النفط والثروة المعدنية التابعة للنظام عن حصول تصدّع في مدخنة وحدة القوى في مصفاة بانياس، وهبوط في البطانة القرميدية للأفران، وحصول تهريب للمواد النفطية وتصدّعات في الأبنية، الأمر الذي استدعى إيقاف المصفاة لمعالجة الأضرار، ومن المتوقع العودة للتشغيل خلال 48 ساعة، وفق الوزارة.

تأثير قطاع السياحة

كما ذكرت المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة للنظام السوري أن قلعة حلب تعرضت لأضرار طفيفة ومتوسطة، منها سقوط أجزاء من الطاحونة، وحدوث تشقق وتصدع وسقوط أجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية.

كما سقطت أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، وتضررت مداخل القلعة، وسقطت أجزاء من الحجارة، ومنها مدخل البرج الدفاعي المملوكي، وتعرضت واجهة التكية العثمانية لأضرار، فيما ظهرت تصدعات وتشققات على واجهة المتحف الوطني في حلب.


و أعلن الدفاع المدني في الشمال السوري عن انهيار 150 مبنى بشكل كامل و330 بشكل جزئي وتصدع آلاف المباني في شمال غربي سورية جراء الزلزال


 وبرغم كافة هذه الخسائر لاتزال عمليات البحث والتنقيب مستمرة لانتشال الضحايا البشرية، ورصد كم الخسائر الاقتصادية التي وقعت بالبلدين.