رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بعد قمة جدة.. هل ينجح العراق في دور الوساطة بين إيران والسعودية؟

نشر
الأمصار

اتسمت العلاقات السعودية الإيرانية بالاحتقان الشديد بسبب الخلافات السياسية والمذهبية على مر التاريخ، ووصلت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في العديد من المناسبات.

ومن خلال قمة جدة دعا القادة في بيانهم الختامي إيران للتعاون الكامل لإبقاء منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل والحفاظ على الأمن والاستقرار إقليميًا ودوليًا.

كيف بدأ التوتر بين السعودية وإيران؟

قطعت السعودية العلاقات الدبلوماسية للمرة الأولى مع إيران في العام 1988 بعد مصرع أكثر من 400 شخص، معظمهم إيرانيون، أثناء أداء فريضة الحج في منى، إثر مواجهات مع عناصر من الشرطة السعودية، وقد تمت استئناف العلاقات في العام 1991.

هذا وقررت الرياض الأحد 3 يناير/كانون الثاني، وللمرة الثانية في 3 عقود، قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران إثر اقتحام سفارتها في طهران احتجاجا على إعدام الشيخ نمر النمر الجمعة 1 يناير/كانون الثاني.

وكان محتجون إيرانيون قد اقتحموا السفارة السعودية في طهران وأضرموا النار فيها، كما أنزل المحتجون العلم السعودي من فوق مبنى السفارة، كما هاجم متظاهرون إيرانيون مبنى القنصلية السعودية في مشهد وأحرقوا جزءا منه على خلفية إعدام نمر النمر.

وتاريخيا، وفي يوليو/تموز عام 1987 توترت العلاقات بين السعودية وإيران وكادت تصل إلى حد القطيعة بعد مقتل 402 حاج من بينهم 275 إيرانيا قتيلا في اشتباكات بمدينة مكة المكرمة.

وقد تصاعدت التوتر إثر خروج محتجين إلى شوارع طهران واقتحامهم السفارة السعودية 1987 واحتجاز الدبلوماسيين السعوديين بداخلها، كما أضرموا النار في السفارة الكويتية، وقد توفي آنذاك الدبلوماسي السعودي مساعد الغامدي في طهران متأثرا بجروح أصيب بها عندما سقط من نافذة بالسفارة واتهمت الرياض طهران بالتأخر في نقله إلى مستشفى في السعودية.

وقد اعتدى المهاجمون على القنصل السعودي في طهران رضا عبد المحسن النزهة، وبعد تلقيه العلاج اقتادته قوات الحرس الثوري الإيراني واعتقلته قبل أن تفرج عنه بعد مفاوضات بين السعودية وإيران.

وجدير بالذكر أن الملك فهد قطع العلاقات الدبلوماسية في أبريل/نيسان عام 1988.

وعام 1986 اكتشفت السلطات الأمنية السعودية عددا من الحجاج الإيرانيين القادمين لمطار جدة يخفون في حقائبهم مادة شديدة الانفجار وتُعرف باسم C4، وخلال تفتيش رجال الجمارك لـ95 حقيبة تم ضبط ما يعادل 51 كج من هذه المادة المتفجرة وقد سجلت اعترافاتهم وبثت على التلفزيون السعودي.

كما توترت العلاقات الإيرانية السعودية بعد حادثة تدافع منى لموسم حج 2015 التي سقط فيها عدد كبير من القتلى الإيرانيين والذي قابله صمت شبه مطبق من السلطات السعودية بخصوص الحادثة، وقد أعادت هذه الحادثة للواجهة مطالب الإيرانيين بتسيير مشترك تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي لمناسك الحج.

لكن على الرغم من الأزمات التاريخية إلا أن هناك اتجاه بين السعودية وإيران برعاية أمريكية إلى تحسين العلاقات بين البلدين، ويتوسط الجانب العراقي في هذا الأمر، وقمة جدة قد أسفرت عن نتائج إيجابية من شأنها تحسين العلاقات بين الخليج وطهران ما ينتج عنه هدوء في المنطقة بشكل عام.

 

محادثات إيجابية

وأكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، السبت، إنه لم يكن هناك أي رسائل من إيران إلى قمة جدة للأمن والتنمية، قائلًا:" المملكة ملتزمة بإيجاد تفاهم إيجابي مع إيران".

وأضاف فرحان، في كلمة له، أنه لم يطرح ولم يناقش أي نوع من التعاون العسكري أو التقني مع إسرائيل، مؤكدًا أن قمة جدة للأمن والتنمية تضمنت مخرجات نأمل أن تكون لها انعكاسات إيجابية.

ولفت إلى أن لم يتم مناقشة موضوع إنتاج النفط في قمة جدة، موضحًا أن يد المملكة ممدودة لإيران للوصول إلى علاقات طبيعية.

وأكد فيصل، أن المحادثات التي جرت مع إيران إيجابية لكنها لم تصل لنتائج، لافتا إلى أنه لم يكن هناك رسائل من إيران إلى قمة جدة.

وأشار وزير الخارجية السعودي إلى أن أوبك+ تواصل عملها لتقييم الأسواق وما تحتاجه، مستطردًا أن شراكة المملكة مع الولايات المتحدة قديمة ومستمرة.

برهم صالح: العراق يلعب دورًا مهمًا للتوسط بين السعوديين والإيرانيين

وعلق الرئيس العراقي برهم صالح على ما إذا كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، محقًا بخصوص العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية.

وقال صالح: "إيران طرف رئيسي فاعل في ذلك الجزء من العالم، وبالنسبة لي، في العراق، لدينا حدود طويلة مع إيران، لدينا جميع أنواع التفاعلات الثقافية والاجتماعية والمصالح الأمنية المشتركة".
وأشار الرئيس العراقي إلى أنه يجب أن يكون هناك اتفاق نووي مع إيران، وأن يكون هناك نوع من المصالحة بين إيران والعرب، موضحًا أن "العراق يلعب دورا مهما جدا في الوقت المناسب للتوسط بين السعوديين والإيرانيين".

وقال مقدم برنامج GPS الذي أجرى معه المقابلة: "لكن ليس هذا هو المكان الذي تسير فيه الأمور الآن ما يحدث هو أن السعودية تقوم بتحالف ضمني مع إسرائيل.. لقد أقامت الولايات المتحدة تحالفا مفتوحا بشكل فعال، وهذا يشبه إلى حد كبير استراتيجية الاحتواء لمعسكرين متحاربين".

وعلق صالح قائلا: "أعتقد أن هذا مرة أخرى إذا عدت للتاريخ، فهذه وصفة لتكرار مآسي الماضي الرهيبة، لا يمكن لهذا الجزء من العالم أن يستمر على هذا النحو ونحن محظوظون بامتلاكنا النفط، لكن لدينا تحديات اقتصادية واجتماعية خطيرة جدًا، نحن بحاجة إلى بنية تحتية يمكنها ربط اقتصاداتنا معًا نحن بحاجة إلى عمل مشترك ضد تغير المناخ، لا يمكن للعراق أن يفعل ذلك بمفرده لا يمكن للسعودية أن تفعل ذلك بمفردها، ولا تستطيع إيران أن تفعل ذلك بمفردها، ولا يستطع الأتراك أن يفعلوا ذلك بمفردهم.. في نهاية المطاف يجب إعادة سوريا إلى المنعطف، وعلينا أن نجد طريقة لإخراج سوريا من الفوضى التي تعيشها اليوم لفترة طويلة".

البيان الختامي لقمة جدة يدعو إيران لإبقاء الخليج خالي من الأسلحة النووية

أعرب القادة المشاركيين في قمة جدة عن دعمهم لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ولهدف منع انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، كما جدد القادة دعوتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية للتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع دول المنطقة، لإبقاء منطقة الخليج العربي خالية من أسلحة الدمار الشامل، وللحفاظ على الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً.

 

تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن السلاح النووي الإيراني ورد إيران

قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في افتتاح قمة جدة للأمن والتنمية إن بلاده تشكر المملكة العربية السعودية لدعوتنا لهذه المنطقة المهمة من العالم .

وأشار بايدن إلى أن أنشطة إيران تزعزع الاستقرار في الشرق الأوسط مؤكدًا أن بلاده لديها العزيمة لمواجهة التهديدات الإرهابية في المنطقة، وانها لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي.

وردت إيران على تصريحات بايدن، خلال زيارته للمنطقة، والتي هاجم خلالها طهران، وتأكيده أنه لا يمكن لها أن تهدد المنطقة أو أن تهدد مصالحها فيها، متوعدًا إياها بالتدخل القاسي إذا اقتربت من صنع سلاحها النووي، مؤكدًا غير مرة أن كل الخيارات ستكون متاحة أمامه في تلك الحالة.

قالت إيران، الأحد، ووفق ما ذكرت وسائل إعلام  إيرانية، إن تصريحات الرئيس الأمريكي، جو بايدن خلال قمة جدة بالسعودية، هي محاولة أمريكية لإثارة التوتر في المنطقة، ليس إلا، وإن كلامه مكررًا، وهي مجرد اتهامات لإيران دون أن تدعمها حقيقة.

وأكدت إيران أنها لا تتدخل في شئون المنطقة وإنها لا تريد الوصول لسلاح نووي.

العراق يسعى لاحتضان محادثات بين السعودية وإيران 

أكد العراق عزمه على مواصلة التسهيلات لإجراء مُحادثات مُباشرة في بغداد بين وزيريّ خارجيَّة السعودية وايران وعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى حالتها الطبيعيَّة.
وأكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ان الحكومة العراقية عازمة على مواصلة التسهيلات لإجراء مُحادثات مُباشرة بين مُمثلي حكومتي السعوديَّة في بغداد وعلى المُستوى الدبلوماسيّ.

 وأعرب الوزير خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الايراني حسين أمير عبداللهيان اليوم عن ارتياحه للمُحادثات الجاريَّة بين السعودية وايران مشددا على عزم حكومته مُواصلة التسهيلات لإجراء مُحادثات مُباشرة بين وزيريّ خارجيَّة البلدين في بغداد وعودة العلاقات بينهما إلى حالتها الطبيعيَّة.

وبحث الوزيران خلال الاتصال الهاتفي الأوضاع الإقليميَّة والدوليَّة والأمنيَّة في المنطقة وانعكاساتها على كل الأطراف حيث تطرق الوزير الإيرانيّ إلى واقع العلاقات الأميركيَّة الإيرانيَّة، وأوضح الموقف الإيرانيّ الحاليّ من المُفاوضات التي جرت في فيينا بين إيران والدول الخمسة + واحد، وخاصة بعد قرار الوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة والمُتعلقة بمُراقبة المشروع الإيراني في هذا الإطار.
وبدوره أكَّد الوزير حسين على أهميَّة تعزيز الاستقرار والأخذ بفُرصِ وآليات التنسيق، سيما وأنَّ العراق ينتهج مبدأ خفض التصعيد ومايترتب عليه من مصالح لكل الأطراف، وبما ينعكس على الأمن والسلّم في جوار العراق والمنطقة.

كما شدد الوزير حسين على استعداد العراق لتسهيل التفاهمات التي تم التوصل إليها بين العراق وايران بشأن إعادة فتح الحدود البريَّة وتنقل الزوار خلال أداء الزيارة الأربعينيَّة.
ومن جانبه وصف وزير الخارجيَّة الإيرانيّ، الجولة الأخيرة من المُفاوضات مع السعوديَّة التي جرت في بغداد بـ"الإيجابيَّة"، مُرحباً بتنفيذ نتائج المُفاوضات بين الجانبين مُشيداً بالدور الذي تلعبه وزارة الخارجيَّة العراقيَّة في هذا الإطار .. لافتاً إلى الإجراءات الناجزة للحكومة العراقيَّة في مجال تسهيل الحوار لإيفاد الحجاج الإيرانيين إلى السعوديَّة لأداء مناسك الحج في العام الحاليّ، مُعرباً عن أمله بأداء مناسك الحج بشكل جيد ومن دون اية مشاكل للحجاج الدول الإسلاميَّة كافة.

استئناف المحادثات

يشار إلى أن السعودية وإيران قد استأنفا اواخر نيسان ابريل الماضي جلسات الحوار بينهما في بغداد بعد توقف لأشهر وفق ما أفاد مسؤول حكومي عراقي وذلك مع عقد لقاء بين ممثلين للخصمين الإقليميين ضمن الجهود الهادفة لتحسين العلاقات المقطوعة بينهما منذ مطلع عام 2016 إلا أن البلدين أجريا خلال العام الماضي أربعة لقاءات حوارية بهدف تحسين العلاقات، استضافها العراق بتسهيل من رئيس وزرائه مصطفى الكاظمي.
وضمت جلسة الحوار ممثلين لأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي في الجمهورية الإسلامية ورئاسة الاستخبارات السعودية. وقال مصدر ايراني ان اللقاء جرى في "جو إيجابي" ما يدفع إلى "تفاؤل باستئناف العلاقات الثنائية".
وقطعت السعودية علاقاتها مع إيران في كانون الثاني يناير عام 2016 بعد تعرض سفارتها في طهران وقنصليتها في مشهد لاعتداءات من قبل ايرانيين متشددين.

مشاركة الكاظمي في محادثات إيران والسعودية

وبدأت جلسات الحوار بين البلدين في نيسان أبريل عام 2021 بتسهيل من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي تربطه علاقات جيدة بالجانبين اللذين يعدان أبرز قوتين إقليميتين في الخليج، وهما على طرفي نقيض في معظم الملفات الاقليمية وأبرزها النزاع في اليمن حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا داعما للحكومة المعترف بها دوليا وتتهم طهران بدعم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد أبرزها صنعاء.

كذلك تبدي السعودية قلقها من نفوذ إيران الإقليمي وتتّهمها بـ"التدخّل" في دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان وتتوجّس من برنامجها النووي وقدراتها الصاروخية.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قد رحّب في آذار مارس الماضي بتصريحات لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن علاقات الجوار بين المملكة وإيران معتبرًا أنها تظهر "رغبة" الرياض باستئناف علاقاتها الدبلوماسية مع طهران.