رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بين ألمانيا وحرب أوكرانيا.. 4 أزمات تفاقمت في "قلب أوروبا"

نشر
ألمانيا
ألمانيا

من المطالبة بالتقشف إلى أزمات الغاز والسلع وتجريم تفشي الرموز الروسية الغامضة، تعيش ألمانيا على وقع حرب موسكو وكييف، فالبلد الواقع في قلب القارة العجوز يخشى خبراء الاقتصاد دخوله في دوامة الأسعار والأجور وأزمات في الغذاء والطاقة وارتفاع التضخم جراء الحرب في أوكرانيا.

حذر الرئيس الألماني، فرانك فالتر شتاينماير من أن بلاده "تمرُّ بأيامٍ صعبةٍ بسبب الوضع في أوكرانيا".

وأضاف شتاينماير، خلال حفلٍ موسيقيٍّ، يوم الأحد: “نعم، أمامنا أيامٌ صعبةٌ في ألمانيا أيضاً، أيام ستُغيّر العالم وتُغيّرنا، ربما أسرع ممّا كنا نتخيّله".

وأكّد شتاينماير أنَّ "الألمان بحاجةٍ إلى الاستعداد ليكونوا صامدين، وليتّخذوا إجراءاتٍ تقشفية".

ويقدر خبراء أن الخسائر الاقتصادية لألمانيا من جراء وقف الغاز الروسي، قد تصل لنحو 3 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي.

وفيما تقول الخبيرة الاقتصادية فيرونيكا جريم، إن "خطر دوامة الأجور والأسعار يزيد بشكل كبير"، تتوقع المحللة كاتارينا أوترمول" نمواً اقتصاديا هذا العام بنسبة 1.8 بالمائة فقط، مع تضخم يبلغ معدله 6 بالمائة في المتوسط خلال هذا العام"، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

كما توقع معهد "إيفو" الألماني للبحوث الاقتصادية، ارتفاع معدل التضخم إلى ما بين 1. 5 و1. 6% كأعلى معدل منذ عام 1982.

 

أزمة تعزيز الدفاع العسكري

لم تكن ألمانيا تخصص في السنوات الأخيرة ميزانية كبيرة للدفاع، إلا أنها قامت بتحول جذري تاريخي في أواخر فبراير إثر الحرب الروسية الأوكرانية.

واقتطعت في 27 فبراير الماضي، مبلغ 100 مليار يورو من ميزانيتها، لتحديث جيشها، إذ ستجاوز النفقات العسكرية نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، ما قد يمثل عبئا على اقتصادها.

وبحسب صحيفة "بيلد" الألمانية، تعتزم الحكومة الألمانية حيازة منظومة إسرائيلية مضادة للصواريخ.

وقال المستشار الألماني، أولاف شولتز، الأحد، إن بلاده تبحث شراء نظام دفاع صاروخي لحمايتها من هجوم محتمل من روسيا.

وردا على سؤال عما إذا كانت ألمانيا ستشتري "القبة الحديدية" الإسرائيلية، أضاف، لهيئة الإذاعة والتلفزيون الألمانية: "هذا بالتأكيد أحد الأمور التي نناقشها ولسبب وجيه".

الدفاع العسكري في ألمانيا

 

أزمة الغاز الروسي

تستورد أوروبا 40 في المائة من النفط والغاز من روسيا، وعلى رأس المستوردين ألمانيا التي أعلنت إلغاء خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" مع موسكو ما قد يؤثر عليها بالمدى البعيد وبخاصة مع عدم وجود بديل.

وقبل أيام، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس، استثناء إمدادات الغاز الروسي من لائحة العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو.

وأوضح أنَّ "أوروبا أزالت عن عمد إمدادات الطاقة من روسيا من لائحة العقوبات، لأنه لا توجد طريقة أخرى لضمان إمدادات الطاقة في أوروبا لتوفير الدفء"

أما وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، فيقول: "إذا لم نحصل على مزيد من الغاز للشتاء المقبل فلن يكون لدينا ما يكفي من الغاز لتدفئة جميع المنازل وتشغيل جميع الصناعات"، وفق وكالة "أسوشيتد برس".

ويقول عضو الحزب الاشتراكي الألماني حسين خضر، إن: "أوروبا وعلى رأسها ألمانيا ستلجأ إلى بدائل أخرى، أبرزها الطاقة المتجددة، بدلا من الفحم ومحطات الطاقة النووية".

الغاز الروسي

 

تخزين المواد الغذائية

ورابع أزمة باتت تعاني منها ألمانيا تمثلت في تخزين السلع الغذائية على غرار ما حدث خلال أزمة كورونا.

وبحسب صحيفة "بيلد" الألمانية، فقد شهدت متاجر التجزئة ببعض مناطق ألمانيا، إقبال كبير من جانب المواطنين على شراء السلع الغذائية.

ويقول أندريه ستيبر، مدير فرع متجر تجزئة "إيديكا" في ولاية شمال الراين ويستفاليا:"ما يحدث يظهر الألمان وكأنهم يخبئون طعامًا يكفي لفصل الربيع في الطابق السفلى، مضيفا: "الأرفف فارغة في المتاجر نتيجة سلوك الشراء".

ومن جانبه، ناشد وزير التغذية الألماني جيم أوزدمير، الألمان إلى عدم الخوف وتكوين مخزونات غير ضرورية بسبب الحرب في أوكرانيا وارتفاع الأسعار.

وقال أوزدمير لـ"إذاعة صوت ألمانيا"، إنه" ليس هناك داع لذلك، لقد قمنا بتأمين الإمدادات"، مضيفا أنه "ممثلو القطاع التجاري أكدوا أن الوضع لديهم تحت السيطرة، والإمدادات مضمونة".

مواد غذائية

 

أزمة الشعار السري

وظهرت الأزمة الخامسة في ألمانيا، بسبب غزو الرمز Z، الذي يستخدمه الجيش الروسي لترميز قواته المشاركة في حرب أوكرانيا، لإبداء تأييد للعملية العسكرية الروسية، وبخاصة في ولايتي بافاريا وساكسونيا السفلى.

وعلى إثر ذلك حظرت الولايتين، يوم الأحد، هذا الشعار السري، وبات يعرّض نفسه لعقوبة بالحبس تصل إلى 3 سنوات، أو إلى غرامة مالية كل من يرفع هذا الشعار خلال تظاهرات أو يعمد إلى طلاء سيارات أو الأبنية.

وقال وزير الداخلية في ولاية ساكسونيا السفلى بوريس بيستوريوس: "من غير المفهوم بالنسبة لي كيف يمكن استخدام هذا الرمز (Z) في بلدنا في إطار التسامح مع هذه الجريمة؟".

خطر الحرب على أوروبا

وسابقا، أشار الرئيس الألماني بوضوح إلى أن موسكو تتحمل "مسؤولية" خطر "الحرب" في أوروبا بسبب التوتر بشأن أوكرانيا، محاولا توضيح موقف بلاده التي تتهم في الكثير من الأحيان بانها متساهلة جدا حيال موسكو.

أدلى الرئيس فرانك فالتر شتاينماير بهذه التصريحات في يوم إعادة انتخابه وعشية زيارة موضع ترقب كبير لكييف وموسكو يقوم بها المستشار أولاف شولتس الذي حذر من أن الغرب سيفرض عقوبات "فورا" على روسيا إذا اجتاحت أوكرانيا.

الرئيس فرانك فالتر شتاينماير

منصب الرئيس الألماني فخري عموما لكن تصريحات من يشغل هذا المنصب ويشكل سلطة معنوية وطنية تحظى باحترام شديد، تترك تأثيرا في البلاد وخارجها.

قال الرئيس الألماني "نحن وسط خطر اندلاع صراع عسكري، حرب في أوروبا الشرقية، وروسيا تتحمل مسؤولية ذلك".

كان شتاينماير الاشتراكي الديموقراطي المقرب من أولاف شولتس يتحدث بعيد انتخابه لولاية ثانية من خمس سنوات بغالبية ساحقة من قبل هيئة انتخابية شكلّت خصيصا لذلك تضم نوابا وعددا كبيرا من المسؤولين المحليين المنتخبين وقادة سابقين بالإضافة إلى شخصيات من المجتمع المدني.

ونال 1045 صوتا من أصل 1045 صوتا تم الإدلاء بها، بحيث حظي بدعم كل الأحزاب الكبرى من يسار الوسط ويمين الوسط.

تحدث شتاينماير الذي كان وزير خارجية لألمانيا على مدى سنوات عديدة، عن "تباعد" متزايد لروسيا عن أوروبا داعيا الى إبداء حزم.

وقال وسط التصفيق "كما هو واضح، السلام ليس أمرا سهلا، يجب أن نعمل بجد للحفاظ عليه، عبر الحوار، لكن عند الضرورة، عبر قول الأمور بوضوح وعبر إظهار ردع وعزيمة".

شكل ذلك بالنسبة إليه ردا على الانتقادات العديدة في الأسابيع الماضية لموقف برلين حيال موسكو والذي اعتبر غير واضح، ولعدم إرسالها مساعدات، خصوصا عسكرية، الى أوكرانيا.

وقال السفير الأوكراني في برلين أندريه ميلنيك في مقابلة مع الإذاعة العامة الألمانية "حان الوقت لأن تتخلى ألمانيا عن منظارها الروسي في قيادة سياستها تجاه أوكرانيا لأنه يشوّش رؤيتها". واضاف "إما تقرر مساعدتنا، وإما تتركنا لمصيرنا".

وفي سياق تصريحات الرئيس الألماني، أبدى شولتس أيضا حزما قبل توجهه إلى كييف ثم الى موسكو الثلاثاء.

وقال المستشار للصحافيين بعد انتخاب الرئيس الألماني إنه "في حال شن عدوان عسكري على أوكرانيا يعرض سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها للخطر، سيقود هذا إلى عقوبات قاسية أعددناها بصورة دقيقة ويمكننا تنفيذها فورا مع حلفائنا في أوروبا وداخل الحلف الأطلسي".

وعبر عن قلق من "تهديد جدي جدا للسلام" في أوروبا.

وفي دلالة على قلق برلمان المتزايد، أقر مصدر في الحكومة الألمانية لم يشأ كشف هويته بان قلق ألمانيا ازداد حيال احتمال حصول اجتياح.

وقال إن التوتر بين روسيا وأوكرانيا بلغ نقطة حرجة.

وأضاف المصدر "ازداد قلقنا، نعتقد أن الوضع حرج، خطير جدا"، فيما تتصاعد المخاوف من غزو روسي وشيك لأوكرانيا. وكان يشير إلى تحذيرات واشنطن التي تستند بحسب السلطات الأمريكية إلى عناصر جمعتها أجهزة الاستخبارات.

وأضاف “العديد من العناصر تشير، بطريقة مقلقة جدًا، إلى صحة المخاوف الحالية”.

رغم ذلك لا تزال الحكومة الألمانية ترفض تسليم أوكرانيا أسلحة "فتاكة" متمسكة بالسياسة المتبعة في هذا المجال منذ فترة ما بعد الحرب والقاضية بعدم تصدير السلاح إلى مناطق النزاع.

في المقابل، قال المصدر أن برلين مستعدة للنظر في مطلب أوكرانيا الحصول على معدات للرؤية الليلية.

ويمكن أن تعلن ألمانيا زيادة في مساعدتها الاقتصادية الثنائية لأوكرانيا، وسبق أن قدمت لها ملياري يورو منذ ضم موسكو شبه جزيرة القرم في عام 2014. وتطالب كييف بمساعدات تبلغ "مليارات اليورو".

وحشدت روسيا أكثر من 100 ألف عسكري على حدودها مع أوكرانيا، في تحرّك اعتبره الغرب تحضيراً لغزو وشيك، محذّراً موسكو من أنّ أيّ توغّل لقواتها في الجمهورية السوفياتية السابقة سيُقابل "بعواقب شديدة".

 

إجلاء ألمانيين من أوكرانيا

قال مسؤول أوكراني، إنه تم إجلاء 7331 شخصا عبر ممرات إنسانية من عدة مدن أوكرانية الجمعة.

وفى وقت سابق قال المستشار الألماني أولاف شولتس: "سنواصل دعم أوكرانيا ماليا وإنسانيا وبالأسلحة".

وأضاف المستشار الألماني أولاف شولتس: كلنا نتفق على ضرورة الوصول لوقف إطلاق نار فوري في أوكرانيا.

وكان أولاف شولتس، المستشار الألماني، قال إن دول الناتو متحدة أكثر من أى وقت مضى، مطالبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوقف إطلاق النار فى أوكرانيا.

وأضاف المستشار الألماني، خلال مؤتمر صحفى، عقد عقب اجتماع حلف الناتو، أن الحرب في أوكرانيا لها آثار اقتصادية وخيمة، مضيفًا: سنواصل استقبال اللاجئين من أوكرانيا، نشعر بتأثير الحرب على أسعار الطاقة والغذاء.