رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

قمة جلاسكو أمل جديد لإنقاذ الكوكب ومكافحة تغير المناخ

نشر
الأمصار

انطلقت اليوم بمدينة جلاسكو الاسكتلندية أعمال مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي “كوب 26″، بمشاركة أكثر من 190 دولة.

وأعلن رئيس مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب26) ألوك شارما خلال افتتاحه أن هذه القمة هي “الأمل الأخير والأفضل” لحصر الاحترار بـ 1,5 درجة مئوية وهو الهدف الأكثر طموحًا في اتفاق باريس.

ويعمل المؤتمر على إعادة النظر في الخطط المعتمدة حتى الآن بشأن الإبقاء على ارتفاع درجة حرارة الأرض، في نطاق أقل من 1.5 درجة مئوية حتى نهاية القرن، التزامًا باتفاقية باريس للمناخ.

وتوصف قمة كوب 26 بأنها فرصة أخيرة لقادة العالم في إنقاذ الكوكب من أشد الآثار الكارثية لتغير المناخ.

أهداف قمة جلاسكو

تأتي قمة جلاسكو “كوكب 26” وسط تحديات غير مسبوقة لتغير المناخ ظهرت في الكوارث الطبيعية التي عصفت بمناطق عدة حول العالم في وقت سابق من 2021.

تهدف القمة، التي تأجلت عاما بسبب جائحة كوفيد-19، إلى الإبقاء على ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل التصنيع، وهو الحد الذي يقول العلماء إنه سيجنب الأرض أكثر عواقب الاحتباس الحراري تدميرا.

يتطلب تحقيق هذا الهدف، الذي اتُفق عليه في باريس عام 2015، زيادة في الزخم السياسي والمساعي الدبلوماسية الحثيثة لتعويض عدم كفاية الإجراءات والتعهدات الجوفاء التي ميزت الكثير من سياسات المناخ العالمية.

ويسعى المؤتمر لمؤتمر انتزاع تعهدات أكثر طموحا لمزيد من خفض الانبعاثات وجمع المليارات بغية تمويل مكافحة تغير المناخ والانتهاء من القواعد في سبيل تنفيذ اتفاقية باريس وذلك بموافقة ما يقرب من 200 دولة وقعت عليها بالإجماع.

وستعمل التعهدات الحالية للبلدان بخفض الانبعاثات إلى ارتفاع متوسط درجة حرارة المعمورة 2.7 درجة مئوية هذا القرن، والذي سيؤدي إلى زيادة الدمار الذي يسببه تغير المناخ بالفعل من خلال اشتداد العواصف وتعريض المزيد من الناس للحرارة الشديدة والفيضانات المدمرة والقضاء على الشعاب المرجانية وتدمير الموائل الطبيعية.

جلاسكو

جلاسكو.. خفض الانبعاثات

اتجهت التحذيرات الأممية إلى ضرورة خفض معدل الانبعاثات، والإبقاء على درجات الحرارة دون 1.5 درجة مئوية. بينما لا تزال هناك تأثيرات مناخية عند 1.5 درجة مئوية، هذا هو المستوى الذي يقول العلماء أنه يرتبط بتأثيرات أقل تدميراً من المستويات المرتفعة للاحتباس الحراري. كل جزء من الاحترار الإضافي الذي يتجاوز 1.5 درجة مئوية سيؤدي إلى تأثيرات شديدة ومكلفة بشكل متزايد.

يوافق العلماء على أنه للحصول على المسار الصحيح للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية والإبقاء على درجات الحرارة دون 1.5 درجة مئوية، يجب أن تنخفض الانبعاثات بصورة سريعة لتصل إلى 25 جيغا بحلول عام 2030.

يتمثل التحدي في أنه استنادا إلى التزامات اليوم بخفض الانبعاثات، فإن الانبعاثات تسير على الطريق الصحيح للوصول إلى 56 جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030: أكثر من ضعف ما ينبغي أن تكون عليه.

وأكد العلماء أن الحل أن الالتزامات والسياسات والإجراءات يمكن أن تؤدي إلى خفض الانبعاثات بنسبة 7.6 ٪ كل عام بين عامي 2020 و2030 ، فيمكننا الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية.

وتقول الأمم المتحدة إن تزايد معدل الانبعاثات سيؤدي إلى زيادة الدمار الذي يسببه تغير المناخ بالفعل من خلال اشتداد العواصف وتعريض المزيد من الناس للحرارة الشديدة والفيضانات المدمرة والقضاء على الشعاب المرجانية وتدمير الموائل الطبيعية.

 

قمة مجموعة العشرين 

تسهم مجموعة العشرين، بما يقدر بنحو 80% من انبعاثات الكربون التي يقول العلماء إنه يجب تخفيضها بشدة لتفادي حدوث كارثة مناخية.

ولهذا السبب يُنظر إلى اجتماعات روما على أنها نقطة انطلاق مهمة لقمة الأمم المتحدة للمناخ التي تحضرها ما يقرب من 200 دولة

يذكر أن رئيس الحكومة الإيطالي ماريو دراغي كان دعا في مطلع أكتوبر إلى “التزام مجموعة العشرين ضرورة حصر الاحترار المناخي بـ1.5 درجة مئوية” وهو هدف طموح منصوص عليه في اتفاق باريس للمناخ.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش لقادة مجموعة العشرين الأسبوع الماضي “لنكن واضحين – هناك خطر جسيم لن تتصدى له (قمة) جلاسكو”.

وأضاف “حتى لو كانت التعهدات الأخيرة واضحة وذات مصداقية- وهناك شكوك جادة إزاء بعضها- فما زلنا نتجه نحو كارثة مناخية”.

وبحسب بيانات أممية، تصدر كل من الصين والولايات المتحدة ما نسبته 40% من مجمل الانبعاثات، سنويا، بينما تصدّر الدول الـ 15 الكبرى 72% من مجمل الانبعاثات بينما النسبة المتبقية (28%) لباقي دول العالم.

وتهدف قمة اليوم إلى تأمين صافي الصفر العالمي بحلول منتصف القرن والحفاظ على 1.5 درجة في متناول اليد، في وقت تشير توقعات الأمم المتحدة بارتفاع حرارة الأرض بأكثر من 3.5 درجات إن بقي الوضع الحالي من الانبعاثات على ما هو عليه.

اليوم العالمي للمدن

وتزامن انطلاق قمة جلاسكو مع تنظيم فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للمدن، الذي أقرته الأمم المتحدة عام 2013، وحددت له يوم 30 أكتوبر من كل عام.

وقالت الأمم المتحدة إن انعقاد اليوم العالمي للمدن قبل مؤتمر غلاسكو، “يشكل فرصة لتوحيد الرسائل والنجاحات والاهتمامات من المجتمع الحضري، للمضي قدما إلى قمة COP-26“.

واختارت الأمم المتحدة “تكيف المدن من أجل المرونة المناخية”، محورا لاحتفالية اليوم العالمي للمدن 2021، وناشدت دول العالم بمراعاة التغيرات المناخية في إنشاء المدن، أو تحويل المدن الحالية للتكيف مع تلك المتغيرات.

وطالبت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، ميمونة الشريف، في كلمتها خلال انطلاق احتفالية الأقصر، بالعمل من أجل مدن “صفرية الانبعاثات”، حيث أن نحو 70 بالمئة من إجمالي الانبعاثات حول العالم تأتي من المدن.

وحذرت قائلة: “نحن في نقطة انعطاف بالتاريخ، وعلينا أن نفهم أننا نتعامل الآن مع أزمة مناخية”.

جلاسكو

تعهدات لحماية المناخ

قبل انطلاق المؤتمر خرجت إشارات عديدة. أهمها من الصين، أكبر مصدر للتلوث في العالم، أنها ستسرع من التخلص من استخراج الفحم، لكن عرضها هذا ظل غير مقنع، كما لم ترق تعهدات روسيا والسعودية كذلك إلى المستوى المأمول.

وحتى قادة دول العشرين شددوا في روما على ضرورة وقف الاحتباس الحراري  واتفقوا في بيانهم الختامي على وقف الانبعثات عند حدود 1,5 ، إلا أنهم لم يقدوموا خططا فعلية لتحقيق هذا الغرض. ومجموعة العشرين، التي تضم البرازيل والصين والهند وألمانيا والولايات المتحدة، تشكل 80 في المئة من مصادر انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم.

من جهتها تعود الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، إلى محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ بعد غياب أربع سنوات في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. لكن الرئيس جو بايدن يشارك في “كوب 26” دون تشريع قوي لوضع تعهده الخاص بالمناخ موضع التنفيذ في ظل الخلاف الدائر في الكونغرس بشأن كيفية تمويله، وحالة عدم اليقين بشأن ما إذا كان بإمكان الوكالات الأمريكية حتى وضع  قواعد منظمة لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

جلاسكو.. إهدار الفرص الأخيرة

 

ينظر الخبراء والنشطاء مؤتمر “كوب 26” بجلاسكو، على أنه فرصة “اللحظات الأخيرة” قبل تطور كارثي قد يشهده كوكب الأرض، ومع ذلك تبقى الانتظارات ضعيفة.

إذ اشتكت الأمم المتحدة من عدم تشديد الكثير من الدول لخططها في العامين الماضيين (منذ آخر مؤتمر للأمم المتحدة في مدريد) بما يكفي، ما يعني تأجيل عملية التخلص السريع من الفحم والنفط والغاز التي أضحت أكثر إلحاحًا للإنقاذ كوكب الأرض.

وأمام ما يوصف من قبل النشطاء بـ “تقاعس” السياسيين لحلّ الأزمة العالمية، يتوافد مئات الأشخاص على غلاسكو للضغط على المجتمعين. 

ووصل كثير من هؤلاء إلى محيط مكان انعقاد القمة بعد مسيرة طولها عشرات أو حتى آلاف الكيلومترات في إطار تظاهرات تُنظم بالتوازي مع مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المقرر حتى الثاني عشر من تشرين الثاني/نوفمبر في المدينة الاسكتلندية.

ومساء السبت، وصلت الناشطة السويدية الشابة غريتا تونبرغ (18 عاما) بالقطار إلى غلاسكو بعد أن كانت انضمت في اليوم السابق في لندن إلى حملة قام بها شباب من دعاة حماية البيئة ضد دور المؤسسات المالية في أزمة المناخ.

وسار المتظاهرون القادمون من إسبانيا وبلجيكا ومن اسكتلندا نفسها، في وسط المدينة، رافعين لافتات تحمل شعارات بينها “إجراءات الآن!”، “أفعال لا أقوال” و”أوقفوا الطاقات الأحفورية”.