مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

استقالة الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي وسط صراعات مع السلطة

نشر
الأمصار

أعلنت مصادر نقابية مطلعة في الجمهورية التونسية، اليوم الثلاثاء، استقالة نورالدين الطبوبي من منصبه كأمين عام للاتحاد العام التونسي للشغل، وذلك على خلفية خلافات داخلية حادة صلب المنظمة النقابية، إلى جانب توتر متصاعد في علاقتها مع السلطة السياسية في البلاد.

وأكدت وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن استقالة الأمين العام لاتحاد الشغل جاءت وفق ما صرح به سامي الطاهري، الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل والناطق الرسمي باسمه، مشيرًا إلى أن الطبوبي تقدم باستقالته رسميًا خلال اليوم، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بشأن الخطوات التنظيمية المقبلة داخل الاتحاد.

وتأتي هذه الاستقالة في توقيت حساس، إذ كان الاتحاد العام التونسي للشغل قد أعلن قبل أيام عن تنظيم إضراب عام وطني يوم 21 يناير المقبل، في خطوة تصعيدية تعكس حجم الخلافات القائمة بين المنظمة الشغيلة والسلطة التنفيذية في تونس، على خلفية ملفات اجتماعية واقتصادية وسياسية متراكمة.

ويُعد الاتحاد العام التونسي للشغل من أبرز المؤسسات النقابية في البلاد، حيث يضم أكثر من مليون منخرط، ويتمتع بثقل تاريخي وسياسي كبير منذ فترة ما قبل الاستقلال. 

ولعب الاتحاد، عبر تاريخه، أدوارًا محورية في مختلف المحطات المفصلية التي عرفتها تونس، سواء في مواجهة السلطات المتعاقبة أو في الدفاع عن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للعمال.

وعرفت المنظمة الشغيلة، خلال فترات سابقة، صراعات معقدة مع السلطة، خاصة في عهد الزعيم النقابي الراحل الحبيب عاشور، كما كان للاتحاد دور بارز في أحداث عام 2011 التي أسهمت في سقوط نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، وما تبع ذلك من تحولات سياسية عميقة في البلاد.

كما يُحسب للاتحاد العام التونسي للشغل مساهمته في حماية تونس من الانزلاق نحو العنف والفوضى خلال المرحلة الانتقالية، إذ كان أحد الأطراف الرئيسية في الحوار الوطني الذي أفضى إلى حصول تونس على جائزة نوبل للسلام، تقديرًا لجهود الرباعي الراعي للحوار في ترسيخ المسار الديمقراطي.

وأعادت استقالة نورالدين الطبوبي إلى الواجهة الجدل حول الفصل 20 من النظام الداخلي للاتحاد، الذي سمح للأمين العام المستقيل بالحصول على ولاية جديدة، وهو ما اعتبره عدد من النقابيين سببًا رئيسيًا في تعميق الانقسامات الداخلية، وابتعاد المنظمة  بحسب منتقدي هذا التوجه عن دورها التقليدي كبوصلة وطنية جامعة.

ويرى مراقبون أن هذه الخلافات الداخلية، إلى جانب الصدام المتكرر مع السلطة السياسية، أسهمت في إضعاف التماسك داخل الاتحاد خلال الفترة الأخيرة، وخلقت حالة من الاستقطاب بين القيادات النقابية، انعكست بشكل مباشر على المشهد الاجتماعي العام في تونس.

حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات التونسية بشأن استقالة الأمين العام لاتحاد الشغل، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى الخطوات القادمة التي سيتخذها المكتب التنفيذي للاتحاد، سواء على مستوى اختيار قيادة جديدة أو التعامل مع تداعيات الإضراب العام المرتقب.

وتأتي هذه التطورات في ظل وضع اقتصادي واجتماعي دقيق تمر به تونس، ما يجعل من مستقبل العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل والسلطة السياسية أحد العناوين الرئيسية للمرحلة المقبلة، في ظل استمرار التوتر وتزايد التحديات الداخلية.