مستقبل العالم.. هل تصعد الأقطاب الآسيوية على الساحة الدولية خلال 2026؟
يتوقع الخبراء أن يشهد عام 2026 استمرار صعود الأقطاب الآسيوية على الساحة الدولية، مما يجعل القارة لاعبًا محوريًا في مستقبل الاقتصاد والسياسة العالمية. يمتلك هذا الصعود مقومات قوية تشمل القوة الاقتصادية، التطور التكنولوجي، المعرفة العلمية، والحفاظ على القيم الثقافية والاجتماعية، لا سيما أهمية الأسرة كمؤسسة قادرة على تحقيق التوازن بين الحداثة والحفاظ على الهوية.
تنوع الصعود الآسيوي
يمتد الصعود الآسيوي بين التفوق الصيني، والنمو الهندي والياباني، بالإضافة إلى تطور اقتصادات جنوب شرق آسيا. تعمل الدول الآسيوية على تعزيز علاقاتها التنموية بشكل مؤسسي، والمشاركة الفاعلة في التجمعات والتحالفات الدولية مثل بريكس، مجموعة العشرين، منظمة شنجهاي للتعاون، والآسيان. كما يتوقع أن تشهد آسيا الوسطى نموًا اقتصاديًا قويًا، ما يجعل القارة محورًا رئيسيًا يدفع الاقتصاد العالمي ويشكل مستقبل النظام الدولي.
المقومات الاقتصادية
تتميز آسيا بتنوع قدراتها الاقتصادية، حيث تمثل نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي ونصف احتياطيات النقد الأجنبي. تعتمد اقتصادات شرق آسيا والآسيان على التجارة والصناعة، مع تحول متسارع نحو الصناعات عالية التقنية، بينما تتصدر جنوب شرق آسيا التجارة الرقمية والابتكار المالي. تتوقع تقديرات صندوق النقد الدولي أن تتجاوز بعض الاقتصادات الآسيوية الغربية، مثل الهند التي قد تصبح ثالث أكبر اقتصاد عالمي في السنوات المقبلة. الصين تتصدر المشهد بنتاج محلي إجمالي يقارب 19.23 تريليون دولار، تليها اليابان والهند وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، بينما تحتل تركيا والسعودية وتايوان والإمارات المراتب التالية.
النموذج التنموي الآسيوي
يعتمد النموذج التنموي في آسيا على التنوع الاقتصادي والاستفادة من التجارب المحلية، مع الحفاظ على قيم الأسرة كمحور اجتماعي أساسي. تتنوع الأنماط الاقتصادية بين الاشتراكي في الصين، واقتصاد السوق الحر في اليابان، والاقتصادات المختلطة في الهند وكوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وإندونيسيا. ويمثل التقدم العلمي والتكنولوجي جزءًا مهمًا من هذا النموذج، حيث نجحت الهند في أغسطس 2023 في إرسال مركبة فضائية إلى سطح القمر، ما يعكس قدرة الدول الآسيوية على المنافسة في المجالات العلمية والتقنية.
التحالفات الآسيوية وموقعها الدولي
تلعب التحالفات الآسيوية دورًا محوريًا في تعزيز الأمن والتنمية في القارة، وتشمل منظمة شنجهاي للتعاون، رابطة جنوب شرق آسيا، رابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي، ومجلس التعاون الخليجي. كما تتفاعل الدول الكبرى مع التحالفات العالمية مثل بريكس ومجموعة العشرين، ما يعزز حضور آسيا في صناعة القرارات الاقتصادية والسياسية الدولية، ويدعم الانتقال من النظام الأحادي القطبية إلى نظام متعدد الأقطاب.
الموارد البشرية وكثافة السكان
تمثل آسيا القارة الأكثر اكتظاظًا بالسكان، حيث يبلغ عدد سكانها 4.84 مليار نسمة، ما يعادل نحو 58.7% من سكان العالم. الهند تجاوزت الصين لتصبح الدولة الأكبر سكانًا عالميًا، ويشكل الهنود المنتشرون حول العالم رافدًا اقتصاديًا مهمًا عبر تحويلات العاملين بالخارج التي وصلت إلى 100 مليار دولار في 2022، ما يعزز اقتصاد بلادهم ويسهم في التنمية المحلية.
القيم الآسيوية ودورها في التنمية
تعتمد التجارب التنموية في آسيا على منظومة قيمية تحافظ على هوية القارة وتدعم التنمية. ركزت الدول الآسيوية على تعزيز الكفاءة الحكومية، النمو الحضاري، حماية الطبقة الوسطى، وبناء رؤى سياسية تنموية مستلهمة من خصوصياتها الثقافية. وتشمل هذه الرؤى التحديث الصيني، الواقعية اليابانية، والهندسة الحضارية الهندية، ما يسهم في خلق نموذج آسيوي جديد متميز عن التجارب الغربية.
وتشكل آسيا مستقبل العالم ومركزًا اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا محوريًا، حيث تجمع بين القوة الاقتصادية، التطور التكنولوجي، المقومات البشرية، والتحالفات الإقليمية والدولية. مع استمرار هذا الزخم في 2026، تبدو القارة الآسيوية مصنعًا للنموذج التنموي المستقبلي، وقوة دافعة محتملة لإعادة رسم النظام الدولي من أحادي القطبية إلى متعدد الأقطاب، مع تحقيق توازن بين التقدم الاقتصادي والحفاظ على القيم الثقافية والاجتماعية.