مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

سمية الألفي وفاروق الفيشاوي: حكاية عشق طويلة انتهت بفراق موجع

نشر
الأمصار

رحلت عن عالمنا اليوم الفنانة سمية الألفي بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وبرغم الغياب ستبقى حاضرة في وجدان جمهورها ومحبيها من خلال أعمالها الفنية المتميزة وأدوارها التي تركت أثراً لا يُنسى في الدراما والسينما المصرية.

لم تكن حياة سمية الألفي العاطفية بعيدة عن الدراما، بل بدت أقرب إلى قصص الأفلام التي شاركت في بطولتها. فقد عاشت واحدة من أكثر قصص الحب خصوصية في الوسط الفني، جمعتها بالفنان الراحل فاروق الفيشاوي، ولم تكن مجرد علاقة زوجية عابرة، بل حكاية طويلة بدأت مبكراً واستمرت آثارها حتى آخر أيامها، عنوانها الحب والتسامح بلا حدود.

بدأت القصة

 في عام 1973 على خشبة مسرح الأطفال، حين التقت سمية الألفي بفاروق الفيشاوي خلال فترة دراستهما الجامعية. كان اللقاء الأول كافياً لإشعال شرارة الإعجاب بينهما، حيث وقع فاروق في الحب سريعاً، بينما تسلل الإعجاب بهدوء إلى قلب سمية. وكما روت لاحقاً في تصريحات تلفزيونية، كان فاروق صريحاً ومندفعاً في مشاعره، يعبر عن اهتمامه بطريقته الخاصة، فكان يحرص على مفاجأتها بما تحب من شوكولاتة وورود منذ البروفات الأولى، لتشعر باهتمام وحنان تركا أثراً عميقاً في نفسها.

لم تكن الطريق ممهدة أمام هذا الحب، ففي سبعينيات القاهرة لم يكن من المقبول اجتماعياً أن تُرى فتاة تسير مع شاب. واشتعلت أزمة عائلية كبيرة بعدما رآها شقيقها برفقة فاروق في الشارع. ورغم الاعتراضات والمخاوف المرتبطة بدراسته في معهد الفنون المسرحية وأفكاره، تمت قراءة الفاتحة سريعاً، لكن الضغوط العائلية تصاعدت، ووصلت إلى حد مقاطعة والدتها لها، وحرمانها من الهاتف والدراسة. ومع ذلك، اختارت سمية التمسك بحبها، وتزوجت فاروق في بيت شقيقه، في زواج غابت عنه الأم عاماً كاملاً قبل أن تعود في النهاية وتتصالح مع ابنتها.

 

بعد الزواج، لم تكن الحياة وردية كما في الأحلام 

فقد كشفت سمية الألفي في لقاءات صريحة لاحقاً أنها سامحت فاروق الفيشاوي على خيانته لها لمدة 16 عاماً، مؤكدة أن التسامح بالنسبة لها كان قوة لا ضعفاً. وأوضحت أن حبها له كان أكبر من الجراح، وأنها لم تشعر يوماً بأن كرامتها أُهينت، خاصة أنه لم يُسئ إليها لفظاً أو فعلاً. كانت تختار الصمت احتراماً لذاتها وتربيتها، ولحب لم تستطع التخلي عنه. وبعد سنوات طويلة من الصبر والضغط النفسي، اتخذت قرارها الأصعب وأصرت على الطلاق.

ورغم الانفصال، لم يمت الحب 

فقد تزوجت سمية الألفي بعد ذلك أكثر من مرة، من بينهم الفنان مدحت صالح، لكنها اعترفت بأن أي علاقة لم تقترب من مكانة فاروق الفيشاوي في قلبها. وقالت صراحة إنه الوحيد الذي استطاعت أن تسامحه على الخيانة، وبكت على الهواء نادمة على انفصالها عنه، خاصة خلال فترة مرضه الأخيرة.

وعندما أُصيب فاروق الفيشاوي بالسرطان، كانت سمية إلى جواره، رافقته في المستشفى خلال آخر أسبوعين من حياته، وتمنت لو بقيت بجانبه حتى اللحظة الأخيرة. رحل وهو نائم، وبقيت هي تحمل ثقل الفقد والوداع.

بعد رحيله، بدت حياة سمية الألفي باهتة، فاقدة للشغف، وكأنها استنزفت كل طاقتها في حب واحد لم يتكرر. وفي مفارقة مؤلمة، رحلت هي الأخرى بالمرض نفسه الذي خطف حب عمرها، بعد سنوات هادئة عاشت فيها على الذكريات أكثر من الأحلام. كانت قصتها مع فاروق الفيشاوي حكاية نادرة، حباً غير مثالي، مليئاً بالأخطاء، لكنه صادق وعميق، واستمر أثره حتى ما بعد الرحيل.