الإمارات وفلسطين في 2025.. دبلوماسية فاعلة وعطاء متواصل
شهد عام 2025 حضورًا إماراتيًا لافتًا في ملف القضية الفلسطينية، جمع بين التحرك السياسي والدبلوماسي المكثف، والدعم الإنساني الواسع، في نهج متكامل يعكس ثبات الموقف الإماراتي تجاه واحدة من أكثر قضايا المنطقة حساسية.
الإمارات وفلسطين في 2025

ومع اقتراب نهاية العام، برزت الإمارات كأحد أبرز الفاعلين إقليميًا ودوليًا في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، وحماية حل الدولتين، والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة.
على الصعيد السياسي، تمسكت دولة الإمارات بموقف واضح وحاسم في مواجهة أي محاولات لفرض وقائع جديدة على الأرض، خصوصًا ما يتعلق بخطط ضم أجزاء من الضفة الغربية. وأكدت أبوظبي، عبر بيانات رسمية وتصريحات لمسؤولين بارزين، أن ضم الأراضي الفلسطينية يمثل “خطًا أحمر” مرفوضًا بشكل قاطع، لما يحمله من تهديد مباشر لحلم إقامة الدولة الفلسطينية وتقويض لأسس السلام العادل والشامل.
هذا الموقف لم يكن مجرد إعلان سياسي، بل تُرجم إلى تحركات دبلوماسية نشطة في المحافل الدولية، أسهمت في وقف مسارات تصعيدية كانت تهدد مستقبل التسوية.
إحياء مسار السلام
وفي موازاة ذلك، دعمت الإمارات بقوة الزخم الدولي المتزايد للاعتراف بدولة فلسطين، معتبرة أن هذه الخطوة تمثل ركيزة أساسية لإحياء مسار السلام على أساس حل الدولتين. وخلال عام 2025، رحبت الدولة باعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين، ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والانخراط بجدية في مسار يقود إلى إنهاء الصراع الممتد منذ عقود.

كما شاركت الإمارات في مؤتمرات دولية رفيعة المستوى ناقشت سبل التسوية السلمية، مؤكدة أن السلام الدائم لا يمكن تحقيقه دون قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة.
الأوضاع في قطاع غزة
أما في ما يتعلق بقطاع غزة، فقد كان الحضور الإماراتي مزدوجًا، دبلوماسيًا وإنسانيًا. فعلى المستوى السياسي، لعبت الإمارات دورًا داعمًا للجهود الدولية الرامية إلى وقف الحرب، وهو ما تُوّج بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي، ضمن مساعٍ هدفت إلى منع اتساع رقعة الصراع، وتهيئة الظروف لإعادة الإعمار، والحفاظ على بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه.
وحرصت الدولة على التأكيد، في مختلف اتصالاتها، على رفض أي سيناريوهات للتهجير، وعلى ضرورة ربط إعادة الإعمار بمسار سياسي واضح يقود إلى سلام شامل ودائم.
أكبر داعم إنساني لغزة
إنسانيًا، رسخت الإمارات موقعها كأكبر داعم إنساني لغزة خلال 2025، عبر عملية “الفارس الشهم 3”، التي واصلت تقديم المساعدات بعد وقف إطلاق النار، دعمًا لصمود المدنيين وتخفيفًا لمعاناتهم. وشملت المساعدات نقل كميات ضخمة من الإمدادات الطبية والغذائية، إلى جانب إجلاء آلاف المصابين لتلقي العلاج. وبقيمة تجاوزت 9.4 مليار درهم، شكّل الدعم الإماراتي أكثر من 45% من إجمالي المساعدات الإنسانية العالمية المقدمة لغزة، في رقم يعكس حجم الالتزام وعمق البعد الإنساني في السياسة الإماراتية.
ولم يقتصر الدعم على غزة وحدها، بل امتد ليشمل القدس الشرقية، حيث خصصت الإمارات منحة مالية كبيرة لدعم أحد المستشفيات الرئيسية، في خطوة هدفت إلى تعزيز صمود المقدسيين، ودعم القطاع الصحي، والحفاظ على مقومات الحياة في المدينة.
كما واصلت الدولة إدانة الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، والتأكيد على ضرورة احترام الوضع التاريخي والقانوني القائم، وحماية المقدسات الدينية كافة.

ويعكس هذا المسار المتكامل استمرارية نهج إماراتي راسخ تجاه القضية الفلسطينية، قائم على الجمع بين الدبلوماسية الفاعلة والعمل الإنساني الميداني.
فالإمارات، التي أكدت مرارًا أن اتفاقيات السلام التي وقعتها لم ولن تكون على حساب الحقوق الفلسطينية، استخدمت علاقاتها الدولية كأداة للضغط الإيجابي، ومنع التصعيد، وحماية فرص السلام.
ومع وداع عام 2025 واستقبال عام جديد، تبدو ملامح السياسة الإماراتية تجاه فلسطين واضحة: دعم ثابت للحقوق المشروعة، رفض لأي إجراءات أحادية تقوض حل الدولتين، واستمرار في تقديم العون الإنساني دون تمييز.
وهو نهج يعيد إلى الأذهان إرثًا طويلًا من الدعم، ويؤكد أن القضية الفلسطينية ستظل إحدى الثوابت الرئيسية في السياسة الخارجية لدولة الإمارات، عنوانها الدائم دبلوماسية من أجل السلام، وعطاء لا ينقطع.