زيلينسكي يشعل الحرب الاقتصادية.. عقوبات تطال 700 سفينة تموّل آلة الحرب الروسية
في خطوة جديدة لتشديد الخناق الاقتصادي على موسكو، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، بدء سريان حزمة عقوبات واسعة فرضتها بلاده على نحو 700 سفينة، قال إن روسيا تستخدمها لتمويل حربها المستمرة ضد أوكرانيا.
وتأتي هذه الإجراءات في وقت تشهد فيه المواجهة العسكرية تصعيدًا ملحوظًا، لا سيما مع تكثيف الهجمات الروسية على البنية التحتية الحيوية، وفي مقدمتها قطاع الطاقة.
تصعيد اقتصادي موازٍ للتصعيد العسكري
وأكد زيلينسكي، في منشور عبر منصة «إكس»، أن العقوبات الجديدة تستهدف ما وصفه بـ«أسطول الظل» الذي تعتمد عليه روسيا في تصدير موارد الطاقة، وعلى رأسها النفط والغاز، بعيدًا عن القيود الغربية المفروضة منذ اندلاع الحرب. وشدد الرئيس الأوكراني على أن بلاده تدعم بقوة فكرة الحظر الكامل لتقديم الخدمات البحرية، بما في ذلك التأمين والصيانة والتموين، للسفن التي تشارك في تصدير الطاقة الروسية.
وأوضح أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من استراتيجية أشمل تهدف إلى تجفيف منابع التمويل التي تعتمد عليها موسكو في مواصلة عملياتها العسكرية، مؤكدًا أن الضغط الاقتصادي يجب أن يسير بالتوازي مع المسار الدبلوماسي من أجل الوصول إلى إنهاء فعلي للحرب.
أسطول الظل وتمويل الحرب
وتشير تقارير أوكرانية وغربية إلى أن روسيا لجأت خلال العامين الماضيين إلى تشغيل مئات السفن القديمة أو المسجلة بأسماء شركات ودول مختلفة، للتحايل على العقوبات الدولية المفروضة على صادراتها النفطية. وتعرف هذه الشبكة البحرية غير الرسمية باسم «أسطول الظل»، حيث تعمل السفن دون تأمين غربي أو التزام كامل بالمعايير الدولية، ما يثير مخاوف بيئية وأمنية واسعة.
وترى كييف أن عائدات الطاقة التي يتم تصديرها عبر هذا الأسطول تمثل شريانًا ماليًا أساسيًا لتمويل العمليات العسكرية الروسية، ودفع رواتب الجنود، وتعويض خسائر المعدات. ومن هنا، تؤكد القيادة الأوكرانية أن استهداف هذه السفن بالعقوبات يعد خطوة محورية لإضعاف القدرة الروسية على الاستمرار في الحرب.
دعوة لمزيد من الضغط الدولي
وفي تصريحاته، شدد زيلينسكي على أن العقوبات الأوكرانية وحدها لا تكفي، داعيًا الشركاء الدوليين إلى تبني إجراءات مماثلة، وتوسيع نطاق القيود المفروضة على القطاع البحري الروسي. وأكد أن استمرار الضغط المنسق من قبل المجتمع الدولي هو السبيل الوحيد لإجبار موسكو على مراجعة سياساتها والجلوس إلى طاولة المفاوضات بجدية.
وأضاف الرئيس الأوكراني أن بلاده ستواصل العمل مع حلفائها الأوروبيين والولايات المتحدة لتعزيز آليات الرقابة على حركة السفن، وتبادل المعلومات حول السفن والشركات المتورطة في الالتفاف على العقوبات، بما يضمن فاعلية الإجراءات المتخذة.
هجمات مكثفة على قطاع الطاقة
ويأتي الإعلان عن بدء سريان العقوبات في ظل تصعيد عسكري خطير، حيث كشف زيلينسكي أن روسيا شنت، مساء الجمعة، واحدة من أعنف هجماتها الجوية، مستهدفة قطاع الطاقة ومناطق واسعة في جنوب البلاد، من بينها مدينة أوديسا. وأوضح أن الهجوم نُفذ باستخدام أكثر من 450 طائرة مسيّرة، إلى جانب أكثر من 30 صاروخًا من أنواع مختلفة.
وأشار إلى أن هذه الهجمات تسببت في أضرار كبيرة بالبنية التحتية الكهربائية، ما أدى إلى انقطاعات واسعة للتيار الكهربائي في عدد من المناطق، وزاد من معاناة المدنيين، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء.
الطاقة في قلب الصراع
ويُعد قطاع الطاقة أحد أبرز ميادين الصراع بين الجانبين، إذ تسعى روسيا إلى إضعاف قدرة أوكرانيا على الصمود من خلال استهداف محطات الكهرباء وشبكات التوزيع، بينما تحاول كييف، في المقابل، تقليص الموارد المالية الروسية عبر ضرب صادرات الطاقة والعوائد المرتبطة بها.
ويرى محللون أن العقوبات على السفن قد تشكل ضربة مؤثرة إذا ما جرى تطبيقها بشكل صارم وبدعم دولي واسع، إلا أنهم يحذرون في الوقت نفسه من قدرة موسكو على ابتكار طرق جديدة للالتفاف على القيود، كما فعلت في مراحل سابقة من الحرب.
بين الدبلوماسية والمواجهة المفتوحة
وأكد زيلينسكي في ختام تصريحاته أن بلاده لا تزال تؤمن بأهمية المسار الدبلوماسي، لكنه شدد على أن الدبلوماسية وحدها لا تكفي دون ضغط فعلي على روسيا.
وقال إن تحقيق السلام يتطلب مزيجًا من الحزم السياسي، والضغط الاقتصادي، والدعم العسكري لأوكرانيا، بما يضمن وقف العدوان واحترام سيادة بلاده.
وتعكس هذه التطورات استمرار الحرب على مسارين متوازيين، عسكري واقتصادي، في ظل غياب مؤشرات واضحة على قرب التوصل إلى تسوية شاملة، ما ينذر بمزيد من التصعيد خلال الفترة المقبلة، خاصة مع تمسك كل طرف بمواقفه الأساسية.