زيلينسكي يكشف مقترحًا أمريكيًا بإنشاء منطقة حرة في دونباس

في تصريحات تعكس حساسية المرحلة التي تمر بها الأزمة الأوكرانية، كشف الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي، اليوم الخميس، أن الولايات المتحدة الأمريكية اقترحت ضمن مباحثات السلام إنشاء منطقة اقتصادية حرة أو منطقة منزوعة السلاح في إقليم دونباس شرق أوكرانيا، في محاولة لفتح مسار تفاوضي جديد بين كييف وموسكو. إلا أن كييف، وفق ما أكده الرئيس الأوكراني، لن تقبل بأي اتفاق لا يقدم ضمانات أمنية متكافئة.

وأوضح الرئيس الأوكراني، خلال مؤتمر صحفي نقلته وسائل إعلام محلية ودولية، أن بعض الأطراف ترى أن انسحاب القوات الأوكرانية من منطقة دونيتسك قد يشكل أساسًا لحل وسط، بينما لا يزال موقف القوات الروسية غير واضح في المقابل. وأضاف أن المقترح المتداول يشير إلى انسحاب الجيش الأوكراني لمسافة محددة، في حين لا يوجد التزام روسي مماثل، وهو ما يثير مخاوف كبيرة لدى كييف.

وقال زيلينسكي: "إنهم يرون أن القوات الأوكرانية تنسحب من أراضي دونيتسك، بينما لا يعرف أحد من سيدير هذه المنطقة التي يسمونها «منطقة اقتصادية حرة» أو «منطقة منزوعة السلاح»"، مشددًا على أن الغموض يحيط بآليات الإدارة والسيطرة.

وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن المقترح الأمريكي يتضمن انسحابًا أوكرانيًا لمسافة تتراوح بين 5 و10 كيلومترات، دون اشتراط انسحاب مماثل من الجانب الروسي، وهو ما اعتبره إخلالًا بمبدأ التكافؤ.

وتساءل زيلينسكي:
"إذا انسحب الجيش الأوكراني كما هو مطلوب، فلماذا لا يُطلب من الطرف الآخر الانسحاب بالمقدار نفسه؟"، مؤكدًا أن أي اتفاق أحادي الجانب سيجعل الأمن الأوكراني مهددًا.

كما حذر من احتمال أن تستغل روسيا هذه المنطقة، في حال بقاء قواتها قريبة منها، للتقدم مستقبلًا أو التسلل عبر "غطاء المدنيين"، وهو ما وصفه بأنه تهديد خطير لا يمكن تجاهله.

وأوضح الرئيس الأوكراني أنه استمع إلى مقترحات الولايات المتحدة إضافةً إلى المقترحات الروسية التي نُقلت عبر واشنطن، لكنه شدد على أن معظم هذه الأفكار لا تصب في مصلحة بلاده بشكل مباشر. إلا أنه أعرب في الوقت نفسه عن استعداد كييف لمواصلة الحوار من أجل الوصول إلى صيغة مقبولة.

وقال:
"علينا أن نواصل النقاش ونبحث عن إجابات واضحة لكل التساؤلات حتى نصل إلى وضع يضمن الأمن بشكل عادل".

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن الخطة الأمريكية تقترح عدم سحب القوات الروسية من المنطقة المنزوعة السلاح في دونباس، مقابل انسحاب كامل للقوات الأوكرانية، وهو ما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط الأوروبية.

أما صحيفة وول ستريت جورنال فأفادت بأن واشنطن قدمت بالفعل تفاصيل خطتها إلى دول الاتحاد الأوروبي، مشيرة إلى أنها تتضمن تصورًا لعودة تدريجية لروسيا إلى الاقتصاد العالمي ضمن تسوية أوسع للنزاع.

أكد زيلينسكي أن كييف لن تقبل أي تسوية لا تتضمن ضمانات أمنية عادلة ومتوازنة، وأن أي انسحابات أو ترتيبات مستقبلية يجب أن تخضع لرقابة دولية واضحة، مضيفًا أن الأمن القومي الأوكراني لا يمكن أن يكون محلاً لمساومات غير متكافئة.

وبينما تستمر الجهود الدولية للوصول إلى مقترح سلام شامل، يبدو أن الفجوة بين مواقف كييف والمقترحات المطروحة لا تزال كبيرة، خصوصًا فيما يتعلق بترتيبات الانسحاب ومفهوم "المنطقة الحرة" في دونباس.