فرنسا تبحث استخدام الأصول الروسية المجمدة لضمان قرض جديد لأوكرانيا
أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، اليوم الثلاثاء، أن الحكومة في باريس تدرس بالتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي إمكانية استخدام الأصول الروسية المجمّدة داخل أوروبا كضمانة لقرض جديد يعتزم الاتحاد تقديمه إلى أوكرانيا.
وتعتبر فرنسا هذه الخطوة "آلية فعّالة" قد تساهم في دعم الاستقرار المالي للدولة الأوكرانية في ظل التحديات المتصاعدة التي تواجهها منذ اندلاع الحرب قبل نحو ثلاث سنوات.
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية، في بيان رسمي، إن هذه المناقشات تأتي في إطار جهود أوروبية جماعية تهدف إلى إيجاد أدوات تمويل مستدامة تساعد كييف على تجاوز الضغوط الاقتصادية الناتجة عن الصراع.
وأوضحت أن استخدام الأصول الروسية المجمدة لا يعني مصادرتها بشكل مباشر، وإنما توظيفها كضمانات مالية تسمح للاتحاد الأوروبي بتقديم قروض جديدة دون تحميل ميزانيات الدول الأعضاء أعباء إضافية.
ويعد هذا الطرح الأوروبي أحد أكثر الخيارات إثارة للجدل خلال الأشهر الماضية، إذ كانت موسكو حذرت سابقاً من أي محاولة لاستخدام أصولها المجمدة في أوروبا، معتبرة ذلك "اعتداءً على ممتلكاتها السيادية".
إلا أن فرنسا وغيرَها من الدول الأوروبية ترى في هذا الخيار وسيلة لحماية الدعم المالي الموجه لأوكرانيا وضمان استمراره في ظل تراجع المساعدات الحكومية المباشرة نتيجة الأوضاع الاقتصادية العالمية.

وفي سياق متصل، أشارت وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن الولايات المتحدة عبر وزارة الخارجية الأمريكية أبدت للمرة الأولى استعدادها للدخول في مناقشات موسعة حول الضمانات الأمنية الخاصة بأوكرانيا، وذلك ضمن مشاورات مكثفة تجري بين واشنطن وشركائها الأوروبيين. واعتبرت باريس أن هذه الخطوة "تعكس تغيراً مهماً في مقاربة الولايات المتحدة تجاه متطلبات الأمن الأوروبي"، خصوصاً مع تصاعد التوترات الإقليمية واستمرار العمليات العسكرية الروسية.
وأوضحت الوزارة أن باريس وواشنطن تعملان بشكل منسق على تقييم نتائج المحادثات التي جرت مؤخراً في موسكو بشأن الوضع الأوكراني، مؤكدة أن الجانبين يسعيان لتحليل التداعيات السياسية والأمنية لهذه المشاورات وتأثيرها على استقرار القارة الأوروبية.
كما شددت على أن أي تحرك مشترك بين الجانبين لن يكون بمعزل عن مواقف الدول الأوروبية الأخرى، التي تعتبر الأزمة الأوكرانية مسألة أمن قومي مباشر.
ويرى مراقبون أن الخطوة الأوروبية المتعلقة بالأصول الروسية قد تمثل منعطفاً جديداً في مسار السياسة المالية للاتحاد الأوروبي تجاه أوكرانيا، إذ تعكس رغبة في البحث عن مصادر تمويل بديلة بعيداً عن الضغط المباشر على الموازنات العامة للدول الأعضاء. كما تتزامن هذه الخطوة مع نقاشات داخلية في عدد من العواصم الأوروبية حول ضرورة تحصين الموقف الغربي في مواجهة الاستراتيجية الروسية، التي تسعى وفق تقديرات أوروبية إلى استنزاف كييف اقتصادياً وعسكرياً.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الأزمة الأوكرانية تدخل مرحلة أكثر تعقيداً، حيث يتداخل البعد المالي مع الأمني والسياسي، في وقت لا تزال فيه الجهود الدبلوماسية متعثرة. وفي ظل غياب مؤشرات على قرب التوصل إلى تسوية، يبدو أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بصدد تعزيز آليات دعمهما لأوكرانيا، مع محاولة تقليل المخاطر المالية التي قد تتعرض لها الدول المشاركة في برامج التمويل.