مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

ماكرون يطلق خدمة تجنيد طوعية لمواجهة التهديدات الأوروبية

نشر
الأمصار

كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، عن خطوة عسكرية جديدة تعكس حجم القلق المتزايد داخل أوروبا من تطورات المشهد الأمني العالمي، وذلك بإعلانه استحداث خدمة عسكرية طوعية موجهة للشباب الفرنسيين ابتداءً من منتصف عام 2026. 

وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد التوترات بين فرنسا وروسيا، وتنامي المخاوف بشأن مستقبل الأمن الأوروبي في وقت تتزايد فيه الشكوك حول مدى التزام الولايات المتحدة بحماية القارة كما اعتادت منذ الحرب العالمية الثانية.

وأوضح الرئيس الفرنسي، خلال زيارته للواء مشاة في منطقة فار جنوب شرقي فرنسا، أن البرنامج الجديد سيكون بمثابة "شكل حديث من الخدمة الوطنية، يتم تطبيقه تدريجيًا ابتداءً من صيف العام المقبل، على أن يقتصر على الخدمة داخل الأراضي الفرنسية دون مشاركة المتطوعين في أي مهام خارجية. 

ويعكس هذا القرار بحسب ماكرون تسارع الأزمات الدولية وتزايد حجم التهديدات، وهو ما استدعى  وفق قوله – إعادة النظر في جاهزية الشباب الفرنسي وقدرتهم على دعم مؤسسات الدولة في حالات الطوارئ.

وبحسب بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية، سيتم تخصيص هذه الخدمة للشباب المتطوعين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و19 عامًا، على أن تمتد فترة التجنيد لمدة عشرة أشهر يحصل خلالها المتطوع على راتب شهري يبلغ نحو 800 يورو، بما يعادل 926 دولارًا تقريبًا. وتهدف الحكومة الفرنسية إلى استقطاب 3,000 متطوع في الدفعة الأولى عام 2026، ثم رفع العدد إلى 42 ألف متطوع بحلول عام 2035، ما يعكس طموح باريس إلى بناء قوة دعم بشرية قادرة على التعامل مع التحديات المستقبلية.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تعيد فيه عدة دول أوروبية إحياء برامج التجنيد الإجباري أو الطوعي، في إطار ما تعتبره ضرورة لتعزيز القدرات الدفاعية للقارة في مواجهة ما تصفه بـ التهديد الروسي المتصاعد. وتعكس هذه العودة إلى سياسات التجنيد أن أوروبا باتت تتعامل مع مرحلة جديدة من عدم اليقين الأمني، خاصة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022 وما تبعها من تغييرات جذرية في النظرة الأوروبية لمستقبل الأمن والدفاع.

الجدير بالذكر أن فرنسا كانت قد ألغت التجنيد الإجباري عام 1997 خلال ولاية الرئيس جاك شيراك، شأنها شأن عدد من الدول الأوروبية التي رأت آنذاك أن تهديدات ما بعد الحرب الباردة لم تعد تستدعي الخدمة العسكرية الإجبارية. لكن التطورات الأخيرة – ولا سيما تصريحات رئيس أركان الجيوش الفرنسية، الجنرال فابيان ماندون، الذي تحدث الأسبوع الماضي عن ضرورة استعداد الفرنسيين لاحتمال "فقدان أبنائهم" في حال اندلاع صراع داخل أوروبا – أعادت النقاش حول التجنيد إلى الواجهة.

وتشير استطلاعات الرأي داخل فرنسا إلى وجود قبول شعبي واسع لإعادة شكل من أشكال الخدمة الوطنية، حيث أظهر استطلاع لمعهد "إيبسوس" في مارس 2025 أن 86% من الفرنسيين يؤيدون الفكرة، فيما يفضل 33% أن تكون الخدمة طوعية كما اقترح الرئيس ماكرون.

وبهذا الإعلان، تدخل فرنسا مرحلة جديدة في سياساتها الدفاعية، في إطار استعداد أوروبي أوسع لمواجهة مستقبل بات أكثر غموضًا وتوترًا، خصوصًا في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وارتفاع حدة المنافسات الجيوسياسية بين القوى الدولية الكبرى.