أوروبا تُقدّم «خطة بديلة» لإنهاء الحرب في أوكرانيا
في إطار الجهود الدولية لإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا، شهدت جنيف يوم الأحد لقاءات بين مسؤولين من أوروبا والولايات المتحدة وأوكرانيا لمناقشة مسودة خطة قدمتها واشنطن.
الخطة كانت محل جدل كبير بين كييف وحلفائها الذين أبدوا قلقهم من التنازلات التي قد تُقدّم لصالح روسيا.
مناقشات دولية في جنيف:
شهدت المفاوضات مشاركة مستشارين أمنيين من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بالإضافة إلى مسؤولين أميركيين وأوكرانيين، مثل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ومدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك. الخطة الأميركية، التي تتضمن 28 نقطة، تطالب كييف بالتخلي عن أجزاء من أراضيها، فرض قيود على قواتها المسلحة، وإيقاف مساعي الانضمام إلى حلف الناتو.
موقف الرئيس الأميركي:
أمهل الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حتى الخميس المقبل للموافقة على الخطة. وتضمن منشور لترمب على منصة "تروث سوشال" انتقادًا لعدم امتنان كييف للجهود الأميركية، في حين أشار إلى استمرار أوروبا في شراء النفط الروسي. في المقابل، ردّ زيلينسكي على ترمب عبر منصة "إكس"، مُؤكدًا امتنانه للمساعدات الأميركية التي ساعدت في إنقاذ الأرواح الأوكرانية.
الخطة الأوروبية البديلة:
رفض القيود على القوات الأوكرانية:
في خطوة لموازنة الخطة الأميركية، طرحت الدول الأوروبية خطتها البديلة التي ترفض فرض قيود على الجيش الأوكراني.
تنص الخطة الأوروبية على أن يصل الحد الأقصى لعدد الجنود الأوكرانيين إلى 800 ألف جندي في وقت السلم، بدلًا من 600 ألف كما اقترحت الخطة الأميركية. كما تقترح الخطة البديلة أن تبدأ المفاوضات بشأن تبادل الأراضي من "خط التماس" بدلاً من فرض الاعتراف بمناطق معينة كما في الخطة الأميركية.
ضمانات أمنية قوية:
من أبرز ملامح الخطة الأوروبية، التي جاءت نتيجة مفاوضات بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تأكيدها على منح أوكرانيا ضمانات أمنية مشابهة للمادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي، وهو ما يُعتبر نقطة حاسمة في تعزيز موقف كييف. وفي هذا الصدد، أعرب الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب عن تفاؤله بوجود فرص لتشكيل خطة سلام عادلة ومستدامة.
رد فعل كييف:
حتى الآن، لم يتضح إذا ما كانت كييف ستدعم الخطة الأوروبية البديلة. لكن، وفقًا للمفاوض الأوكراني رستم عمروف، فإن النسخة الحالية من الخطة الأميركية تفي بمعظم أولويات كييف الأساسية، مشيرًا إلى تعاون "بنّاء" مع الولايات المتحدة.
التوترات والارتباك الأميركي:
الخلافات داخل الإدارة الأميركية:
أثارت الخطة الأميركية حالة من الارتباك على الساحة السياسية الأميركية، حيث شكك بعض أعضاء مجلس الشيوخ في دور واشنطن في صياغتها.
ودافع وزير الخارجية ماركو روبيو عن الخطة على منصات التواصل الاجتماعي، موضحًا أنها تمثل "إطار عمل" لمفاوضات جارية، ويُستمد منها العديد من الإسهامات من الجانبين الروسي والأوكراني.
ضغوط داخلية على كييف:
في الوقت الذي يستمر فيه القتال على الأرض، تواجه كييف تحديات داخليّة أيضاً. فقد نشرت تقارير عن فضيحة فساد داخل الحكومة الأوكرانية، ما يزيد من الضغوط على الرئيس زيلينسكي.
كما يشهد الوضع العسكري تدهورًا في بعض الجبهات، حيث سجلت القوات الروسية تقدمًا محدودًا على بعض الجبهات، لا سيما في بوكروفسك.
لحظة حرجة في مسار الحرب:
الواقع الحالي يُعقّد فرص التوصل إلى اتفاق سلام، فمسودة الخطة الأميركية تتضمن مطالب كبيرة من روسيا ولا تقدم لأوكرانيا سوى "ضمانات أمنية" قد تكون غير كافية في ظل استمرار الهجمات الروسية المستمرة على البنية التحتية الأوكرانية.
ومن جانبها شددت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على ضرورة ألا تتغير حدود أوكرانيا بالقوة، مؤكدة على الدور المحوري الذي يجب أن يلعبه الاتحاد الأوروبي في أي اتفاق سلام.
آفاق المستقبل:
من خلال الجهود المتواصلة من الأطراف المعنية، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن التوصل إلى اتفاق يحقق سلامًا مستدامًا؟ في حين تُواصل كييف معركتها على الأرض، تُظهر الدول الغربية التزامًا بدعم أوكرانيا، مع الترقب لما ستسفر عنه المفاوضات في الأيام القادمة.