تصاعد التوتر بين «حماس» وإسرائيل... وفد من الحركة يصل القاهرة لبحث خروقات وقف النار
في ظل حالة من التوتر المتصاعد واتهامات متبادلة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة، وصل وفد من حركة «حماس» إلى العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الأحد، لبحث ما وصفته الحركة بـ«الخروقات المستمرة» من جانب الجيش الإسرائيلي. وتأتي هذه التطورات بينما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل قيادياً بارزاً في الحركة خلال غارات شُنّت على القطاع أمس السبت، في مؤشر إضافي على هشاشة الهدنة التي أُعلن عنها قبل أسابيع.
إسرائيل تعلن مقتل علاء الحديدي
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان نشره اليوم الأحد إن الغارات التي شنّتها طائراته أمس السبت أسفرت عن مقتل علاء الحديدي، الذي وصفه بأنه «مسؤول الإمداد في مقر الإنتاج التابع لحركة حماس»، مشيراً إلى أنه كان يلعب دوراً مهماً في منظومة التصنيع العسكري التابعة للحركة. وبحسب الرواية الإسرائيلية فإن الحديدي قُتل خلال ضربة جوية استهدفت «بنية تحتية إنتاجية» للحركة داخل مدينة غزة.
ولم تُصدر «حماس» أي تعليق رسمي على إعلان إسرائيل، سواء بشأن مقتل الحديدي أو بشأن طبيعة الضربة، فيما قالت قناة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية إن غارة استهدفت مركبة في مدينة غزة أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص، مرجّحة أن يكون الحديدي من بينهم، باعتباره قيادياً ميدانياً في «كتائب القسام»، الذراع العسكرية للحركة.
نتنياهو يعلن قتل خمسة قياديين كبار
وفي سياق متصل، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الجيش قضى على «خمسة مسؤولين كبار» في الحركة خلال الساعات الماضية، وذلك «ردّاً على خرق حماس المتكرر لوقف إطلاق النار»، على حد تعبير البيان. وأضاف المكتب عبر منصة «إكس» أن «إرهابيين من حماس حاولوا التسلل إلى مناطق تسيطر عليها إسرائيل لمهاجمة جنود الجيش، مما استدعى رداً مباشراً وحاداً».
وتأتي هذه التصريحات ضمن سياق تصعيدي يعكس رغبة الحكومة الإسرائيلية في تعزيز الردع، وسط انتقادات داخلية تتهمها بالتساهل مع الحركة وبغياب نتائج حاسمة رغم مرور أسابيع على وقف إطلاق النار.
وقف إطلاق النار الهش... و497 خرقاً وفق غزة
ورغم استمرار وقف إطلاق النار الذي أُعلن عنه بوساطة أميركية في أكتوبر (تشرين الأول)، فإن الغارات الإسرائيلية لم تتوقف بالكامل، بحسب السلطات المحلية في القطاع. وقال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إن الجيش الإسرائيلي ارتكب 497 خرقاً منذ بدء سريان الاتفاق، بينها 27 خرقاً يوم السبت وحده، أسفرت عن «24 شهيداً و87 مصاباً».
وتقول إسرائيل من جهتها إن «حماس» أيضاً ارتكبت سلسلة خروقات، من بينها إطلاق قذائف في اتجاه المستوطنات المحاذية للقطاع وتحركات «مسلحة» قرب السياج الأمني، مشيرة إلى أن هذه الأعمال تستدعي «الردّ لمنع تهديد القوات والمدنيين».
وفد «حماس» في القاهرة... بحث الخروقات ومستقبل الاتفاق
وبالتوازي مع التصعيد الميداني، بدأ وفد من حركة «حماس» سلسلة لقاءات في القاهرة مع المسؤولين المصريين والوسطاء الدوليين. وقال مصدر أمني مصري إن الوفد وصل صباح الأحد لبحث «التجاوزات والخروقات التي تهدد استمرار وقف النار»، مشيراً إلى أن القاهرة «تكثّف اتصالاتها مع جميع الأطراف لمنع الانهيار الكامل للاتفاق».
وأكد مصدر من «حماس»، فضّل عدم الكشف عن هويته، أن الوفد سيطرح «ملفات عاجلة» تتعلق بالتصعيد العسكري والاستهدافات المتكررة في مناطق مختلفة من القطاع، مشدداً على أن استمرار الهجمات «يقوّض أي فرصة لتهدئة مستدامة».
دور الوسطاء ومسار المفاوضات
وتقوم مصر وقطر والولايات المتحدة بدور رئيسي في رعاية وقف إطلاق النار، إضافة إلى مناقشة خطوات المرحلة التالية ضمن الخطة الأميركية المتعلقة بتهدئة طويلة الأمد في غزة. ووفق تقارير إعلامية، فإن وفد «حماس» سيعقد اجتماعات مع ممثلين عن الدول الثلاث لبحث «إمكانية الانتقال إلى المرحلة الثانية»، التي قد تشمل ترتيبات أمنية جديدة ونشر مراقبين دوليين، إضافة إلى بحث ملف إعادة الإعمار وفتح المعابر.
ويرى مراقبون أن قدرة الوسطاء على إنقاذ الاتفاق مرهونة بمدى استعداد الجانبين للتخلي عن شروطهما المتشددة، خصوصاً في ظل استمرار الغارات الإسرائيلية وإصرار «حماس» على اعتبار أي خرق للاتفاق «محاولة لنسفه بالكامل».
مشهد معقّد ومفتوح على كل الاحتمالات
ورغم الجهود الدبلوماسية المكثفة، فإن التطورات الأخيرة تُشير إلى أن وقف إطلاق النار لا يزال هشّاً وقابلاً للانهيار في أي لحظة. فالتصعيد من حين لآخر، سواء عبر غارات أو عمليات تسلل، يضع الوسطاء أمام تحديات كبيرة، بينما يعيش سكان القطاع في حالة من الترقب والخوف بسبب عدم وضوح مستقبل الهدنة.
وفي ظل غياب مؤشرات واضحة على قرب التوصل إلى صيغة أكثر استقراراً، يبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كان وقف إطلاق النار سيتماسك أم أن التصعيد سيعود إلى الساحة من جديد.