مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

خطة أمريكية سرية لتأجير دونباس تثير قلق أوكرانيا وأوروبا.. تفاصيل

نشر
الأمصار

أثارت الخطة السرية التي أعدها المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا ستيف ويتكوف موجة قلق واسعة في كييف وبروكسل، بعدما كشفت تسريبات عن اقتراح مشروع يُتيح لروسيا السيطرة الفعلية على منطقة دونباس الشرقية، مقابل دفع رسوم إيجار لأوكرانيا، في محاولة لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف العام بين كييف وموسكو.

وتنص الخطة، التي تضم 28 بندًا، على أن تحتفظ أوكرانيا بالسيادة القانونية على منطقة دونباس، فيما تتولى روسيا الإدارة الفعلية لها، مقابل تعويض مالي غير معلن، وهو ما وصفته مصادر أوروبية بأنه مقترح مثير للجدل ويعكس رغبة واشنطن في تغليف الهزيمة الأوكرانية بورقة تفاوضية.

وأوضحت المصادر أن الخطة أُعدت في محادثات سرية خلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضي بين ويتكوف والمبعوث الروسي كيريل دميترييف، الذي أعرب عن تفاؤله لأن "صوت موسكو أصبح مسموعًا"، فيما شكّلت هذه السرية مصدر قلق للجانب الأوكراني، الذي يشعر بالضعف نتيجة الأزمات الداخلية وفضائح الفساد الأخيرة التي طالت الحكومة الأوكرانية.

إلى جانب بند تأجير الأراضي، تشمل الخطة البنود التالية:

تخفيض حجم الجيش الأوكراني إلى 400 ألف عنصر، ما يقلص قدراته العسكرية بشكل كبير.

منع أوكرانيا من امتلاك صواريخ بعيدة المدى، بما يقلل من قدرتها الدفاعية ضد أي هجوم روسي مستقبلي.

حظر نشر القوات الأجنبية على الأراضي الأوكرانية، بما يشمل التدريب والمساندة العسكرية.

إنهاء المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا تدريجيًا.

منع الطائرات الدبلوماسية الأجنبية من الهبوط في الأراضي الأوكرانية.

إعلان اللغة الروسية لغة رسمية في المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا.

منح الكنيسة الأرثوذكسية الروسية صفة رسمية في الأراضي الخاضعة للسيطرة الروسية.


وفيما يخص الضمانات الأمنية، تسمح الخطة لأوكرانيا بالتفاوض مع الولايات المتحدة ودول أوروبية محددة لضمان أي اتفاق لوقف إطلاق النار، لكنها تُشير إلى أن أي انتهاك محتمل سيكون خاضعًا لضغوط روسية مباشرة، ما يزيد المخاوف من محدودية السيادة الأوكرانية على أراضيها.

موقف كييف


رفض مسؤولون أوكرانيون المقترح بشكل قاطع، معتبرين أن هذه البنود تشكل مسًا مباشرًا بسيادة الدولة الأوكرانية، فيما لم تعلق روسيا بشكل رسمي على تسريبات الخطة، بينما كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه أجرى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهدف "حل الحرب بسرعة"، دون تقديم تفاصيل عن ردود الفعل الأوكرانية.

وكشفت مصادر مطلعة أن البيت الأبيض أبلغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بضرورة النظر في بنود الخطة، وسط شعوره بالضغط الكبير بسبب تداعيات فضيحة فساد داخل الحكومة.

وأكدت المصادر أن طرح مسألة تنازل أوكرانيا عن دونباس بالكامل كان مطلبًا راسخًا من جانب بوتين منذ لقائه ترامب في ألاسكا خلال أغسطس/آب الماضي، لكن بعد اعتراض كييف والضغط الغربي، رفض ترامب تنفيذ الخطوة كاملة، مؤكدًا أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار يجب أن يستند إلى خطوط المواجهة الحالية.

ردود الفعل الأوروبية


وأوضحت صحيفة "التليغراف" البريطانية أن مسؤولين أوروبيين لم يكونوا على علم بتفاصيل الصفقة بالكامل، وأن ويتكوف يتعرض لانتقادات واسعة داخل المؤسسات الأوروبية بسبب تأثره بالحجج الروسية بسهولة، فيما كان من المقرر عقد اجتماع بين ويتكوف وزيلينسكي في تركيا، لكنه أُرجئ بعد اعتراض أوكرانيا على البنود، ومحاولة كييف تقديم خطة بديلة بالتعاون مع شركاء أوروبيين، لم توافق عليها واشنطن لأنها تعتبرها غير مقبولة لموسكو.

وقالت مصادر أمريكية لموقع "أكسيوس" إن استقالة كيث كيلوج، المبعوث الخاص لترامب إلى أوكرانيا، جاءت بسبب شعوره بأن روسيا تمارس ضغوطًا على الإدارة الأمريكية لتوجيه سياساتها، ما يضع الخطة في موقف صعب أمام الأطراف الغربية المشاركة في الوساطة.

ويعتبر بند "الأرض مقابل المال" أحد أكثر البنود إثارة للجدل، إذ يُتيح لروسيا الاستفادة من الموارد المعدنية الغنية في دونباس، مقابل دفع رسوم للإدارة الأوكرانية، وهو ما اعتبره محللون محاولة لتسعير الهزيمة الأوكرانية بطريقة تجارية بحتة، بعيدًا عن الاعتبارات الوطنية والسياسية.

الأهمية القانونية


وبموجب الدستور الأوكراني، فإن أي تنازل عن الأراضي يجب أن يخضع لاستفتاء شعبي، لذا تُعد اتفاقية التأجير المقترحة حاسمة لتجنب أي فشل محتمل في الاستفتاء، وهو ما يضع زيلينسكي أمام ضغط مزدوج: داخلي من مواطنيه، وخارجي من واشنطن وموسكو.

الدور القطري والتركي


وأشارت مصادر إلى أن كلًا من قطر وتركيا قد يشاركان في صياغة تفاصيل الخطة، ضمن الجهود الأمريكية للوساطة، خصوصًا في ظل محاولات كييف لضمان توازن القوى الإقليمي، وتجنب الانفراد الروسي بالقرار.
تأتي خطة ويتكوف في وقت يعاني فيه المجتمع الدولي من تعقيدات الأزمة الأوكرانية، حيث يتقاطع الإنهاك العسكري الأوكراني مع مساعي روسيا لإعادة صياغة خرائط السيطرة، فيما تسعى واشنطن لتقديم حلاً يُظهر نفسها وسيطًا قويًا، لكن هذا المقترح أثار قلقًا واسعًا لدى أوكرانيا وأوروبا على حد سواء، وسط مخاوف من فقدان سيادة كييف على جزء مهم من أراضيها الغنية بالموارد.