تصعيد ترامب في فنزويلا يثير قلق عواصم أمريكا اللاتينية
ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن تصاعد مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه فنزويلا، إلى جانب التحركات العسكرية الجديدة التي اتخذتها إدارته في منطقة البحر الكاريبي، أثار مخاوف واسعة في عواصم دول أمريكا اللاتينية، التي ترى في النهج الجديد عودة غير مرحب بها إلى حقبة التدخلات الأمريكية في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة في تقريرها الصادر اليوم الأحد أن سياسة ترامب، التي ترتكز على مبدأ “المعاملات”، منحت بعض الحكومات مكاسب اقتصادية وسياسية، بينما أعادت إلى دول أخرى ذكريات فترة النفوذ الأمريكي الواسع في النصف الغربي من الكرة الأرضية خلال القرن العشرين.
وكانت جمهورية الدومينيكان قد أعلنت الأسبوع الماضي تأجيل قمة الأمريكتين، التي تجمع ممثلي دول القارة مرة كل ثلاث سنوات، وذلك بعد تأكيد الرئيس الأمريكي عدم حضور القمة المقررة سابقًا في ديسمبر المقبل. وقالت وزارة الخارجية في الدومينيكان إن “الانقسامات العميقة” بين الحكومات المشاركة تعيق انعقاد القمة في موعدها.

وأشارت الصحيفة إلى أن ترامب فضّل حضور القرعة النهائية لبطولة كأس العالم 2026 في واشنطن على حضور القمة الإقليمية، وهي خطوة رأى فيها مسؤولون إقليميون دليلاً على تراجع اهتمام الإدارة الأمريكية بالحوار السياسي التقليدي مع دول المنطقة.
وفي الخلفية، تتصاعد التوترات منذ سبتمبر الماضي، حيث نشرت الولايات المتحدة—بقرار من ترامب—أسطولاً متزايدًا من السفن الحربية وآلاف الجنود في منطقة البحر الكاريبي، بزعم مواجهة شبكات تهريب المخدرات القادمة من سواحل أمريكا الجنوبية، إضافة إلى تفويض جديد لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لتنفيذ عمليات سرية، وتهديدات واضحة بشن عمليات برية داخل الأراضي الفنزويلية.
وترى عدة حكومات في أمريكا اللاتينية أن الإجراءات الأمريكية تتجاوز ملف المخدرات، خصوصًا بعد إعلان خطط لإقامة قاعدة جوية جديدة في الإكوادور، وزيادة الوجود العسكري الأمريكي المؤقت في بنما، إلى جانب إعادة تفعيل مطار عسكري في السلفادور وفتح قاعدة بحرية قديمة في بورتوريكو.
ورغم أن العديد من القادة في أمريكا اللاتينية يعارضون الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، فإنهم يشعرون بالقلق من أي تدخل أمريكي مباشر قد يعيد إلى الواجهة تاريخًا طويلاً من الانقلابات والتدخلات العسكرية التي نفذتها واشنطن في المنطقة خلال القرن الماضي.
وتناول التقرير جانبًا من السياسة الأمريكية الجديدة في المنطقة، حيث أشار إلى أن دولًا مثل الأرجنتين بقيادة الرئيس خافيير ميلي حصلت على مساعدات مالية كبيرة تجاوزت 20 مليار دولار، فيما تلقت السلفادور دعمًا ماليًا لاستضافة مهاجرين مرحّلين من الولايات المتحدة. كما وقّعت باراجواي اتفاقًا مشابهًا لاستضافة طالبي اللجوء.
في المقابل، واجهت حكومات أخرى عقوبات وضغوطًا شديدة، مثل كولومبيا، بعد انتقاد رئيسها غوستافو بيترو للسياسات الأمريكية، وهو ما دفع واشنطن لإلغاء تأشيرته واتهامه علنًا بالارتباط بمنظمات مرتبطة بتجارة المخدرات.
وتختتم الصحيفة بأن المنطقة تترقب صدور الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي والدفاع الوطني في الولايات المتحدة، والتي يُعتقد أنها ستعيد تركيز واشنطن بشكل أكبر نحو نصف الكرة الغربي، في تحول قد يعيد رسم العلاقات الإقليمية في السنوات المقبلة.