تصاعد مأساة الهجرة عبر ليبيا.. غرق قاربين وارتفاع أعداد المفقودين في المتوسط
تكشف سلسلة من الحوادث المأساوية التي شهدها البحر المتوسط خلال الأسبوع الماضي عن استمرار تدفّق المهاجرين غير النظاميين إلى السواحل الليبية، سعياً للوصول إلى ما يصفونه بـ«الفردوس الأوروبي»، رغم تكرار الكوارث وتحذيرات الأجهزة الأمنية في شرق البلاد وغربها.
وبحسب مصادر أمنية ليبية، تواصل السلطات المختصة في غرب ليبيا التحقيق في ملابسات انقلاب قاربين قرب مدينة الخُمس نهاية الأسبوع الماضي، كانا يقلّان 95 مهاجراً. وأسفرت الحادثة عن مصرع 4 أشخاص، فيما لا يزال 42 آخرون في عداد المفقودين، وفقاً لبيانات المنظمة الدولية للهجرة.
مصدر أمني ليبي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن عصابات الاتجار بالبشر تنشط بشكل ملحوظ خلال فصل الشتاء، «لاعتقادها بأن الرقابة على السواحل تكون أقل صرامة نتيجة الظروف الجوية». إلا أنه شدد على أن الأجهزة الأمنية «تتمكن من ضبط العديد من تلك العصابات، إلى جانب توقيف مئات المهاجرين الساعين للهجرة غير النظامية».
وكانت جمعية الهلال الأحمر الليبي في الخُمس أعلنت أن القارب الأول كان يقل 26 مهاجراً معظمهم من بنغلادش، بينما حمل القارب الثاني 69 مهاجراً من جنسيات مختلفة من بينهم مصريون. وتمكنت فرق الطوارئ، بالتعاون مع حرس السواحل، من انتشال الجثث وفق الإجراءات القانونية المتبعة.

ورغم موجة الصقيع التي تشهدها ليبيا، تتزايد أعداد المهاجرين الذين يتجهون إلى المدن الساحلية بهدف العبور إلى أوروبا، متجاهلين تحذيرات السلطات من مخاطر البحر وعمليات التهريب.
وفي حادثة أخرى وقعت في 8 نوفمبر الجاري، ذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن السلطات الليبية نفذت عملية بحث وإنقاذ عقب انقلاب قارب مطاطي قرب حقل البوري النفطي. ونقلت المنظمة عن ناجين أن القارب كان يقل 49 مهاجراً، وأن الأمواج العاتية أدت إلى تعطل المحرك وانقلابه بعد ساعات من مغادرة مدينة زوارة.
وبقي المهاجرون عالقين لستة أيام في عرض البحر، ولم ينجُ منهم سوى سبعة أشخاص فقط، بينما تم تسجيل 42 في عداد المفقودين، يُفترض أنهم لقوا حتفهم. وتوزعت جنسيات المفقودين بين السودان والصومال والكاميرون ونيجيريا.
وأشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن هذه الحوادث المتلاحقة تؤكد استمرار المخاطر الجسيمة التي يواجهها المهاجرون على طريق وسط المتوسط، لافتة إلى أن عدد الوفيات في المنطقة تجاوز ألف شخص منذ مطلع العام.
وفي الشرق الليبي، أعلن جهاز خفر السواحل التابع للقيادة العامة إنقاذ 40 مهاجراً قرب سواحل بنغازي، بالتزامن مع حملات أمنية لضبط المقيمين المخالفين لشروط الإقامة.
وتشير بيانات المنظمة الدولية للهجرة إلى ارتفاع أعداد المهاجرين الداخلين إلى ليبيا خلال الربع الثالث من العام، مقارنة بالربع السابق، حيث شكّل القادمون من النيجر 47% من إجمالي المهاجرين، تليهم مصر بنسبة 32%، ثم تشاد بنسبة 11%.
وتبقى ليبيا، وسط أوضاعها الأمنية المعقدة، نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الفارين من الصراعات والفقر في أفريقيا، رغم الجهود المتزايدة لوقف شبكات التهريب والحد من المآسي الإنسانية التي تتكرر على شواطئ المتوسط.