إضراب شامل في بنوك تونس يشل المعاملات وسط تصاعد الأزمة الاقتصادية
 
دخلت القطاع المصرفي في تونس، اليوم الإثنين، في إضراب عام شامل لمدة يومين شلّ الحركة المالية في البلاد، بعدما أغلقت البنوك العامة والخاصة أبوابها، في خطوة احتجاجية على تدهور القدرة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة.
الإضراب الذي دعت إليه نقابة البنوك التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، يأتي بعد فشل مفاوضات مطوّلة مع اتحاد المصارف حول زيادة الأجور وتحسين ظروف العمل، وسط تصاعد الغضب الاجتماعي واحتقان اقتصادي غير مسبوق.
وقالت النقابة في بيانها إن العاملين في البنوك "لم يعودوا قادرين على مجاراة الارتفاع الجنوني للأسعار"، مؤكدة أن الزيادات في الأجور باتت ضرورة عاجلة وليست مطلبًا رفاهيًا، خاصة بعد "تآكل القوة الشرائية للموظفين بسبب التضخم وغياب إصلاحات حقيقية".

وأدى الإضراب إلى شلل شبه كامل في المعاملات المالية، حيث تعطلت خدمات السحب والتحويل داخل البنوك، فيما اصطف المواطنون أمام أجهزة الصراف الآلي التي خرج عدد كبير منها عن الخدمة بسبب الضغط المتزايد.
وقال شهود عيان إن المشهد في العاصمة تونس اتسم بالتوتر والارتباك، في ظل نقص السيولة النقدية وتعطل الأنشطة التجارية المرتبطة بالخدمات البنكية.
ونقلت وكالة رويترز عن موظف بأحد البنوك قوله: "معظم موظفي القطاع يعانون مثل بقية التونسيين من تدهور المعيشة… 80% منهم يواجهون عجزًا ماليًا شهريًا". فيما قالت إحدى المواطنات، وتدعى إيمان بن سلامة، إن الأزمة امتدت إلى تفاصيل الحياة اليومية: "نعاني في كل شيء، من نقص الأدوية إلى غلاء السلع… والآن لا نستطيع الحصول على أموالنا من البنوك".
وخلال تجمع أمام أحد فروع البنوك بالعاصمة، قال نورالدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل، إن ما يحدث "ليس مجرد احتجاج على الرواتب، بل دفاع عن الكرامة والحقوق النقابية"، متهمًا السلطات بمحاولة "تضييق الخناق على الحريات العامة والفردية".
وأشار الطبوبي إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل يستعد لتوسيع نطاق الاحتجاجات في حال تجاهلت الحكومة مطالب العاملين، مضيفًا أن "الإضراب رسالة واضحة بأن الوقت حان لإصلاح اقتصادي حقيقي يُراعي الطبقة الوسطى والعمال".
وتعيش تونس منذ سنوات أزمة اقتصادية حادة تتجلى في ضعف النمو وارتفاع الديون العامة التي تجاوزت 80% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب نقص السلع الأساسية وتراجع الخدمات العامة.
كما تشهد البلاد احتجاجات بيئية متواصلة في مدينة قابس جنوبًا للمطالبة بإغلاق مصنع كيميائي يُتهم بالتسبب في تلوث خطير وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، ما يضيف مزيدًا من الضغوط على الحكومة التي تواجه انتقادات داخلية ودولية متزايدة.
بهذا الإضراب، تدخل تونس مرحلة جديدة من التصعيد الاجتماعي قد تزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي والسياسي، في وقت تبحث فيه الحكومة عن حلول عاجلة لتفادي انفجار اجتماعي واسع النطاق.