السودان.. الإخوان يواجهون زخم السلام بتحشيد جديد للحرب
كثفت قيادات تنظيم الإخوان في السودان حملات الاستنفار الشعبي والدعوات للحسم العسكري، بالتوازي مع تصاعد الجهود المحلية والدولية لإنهاء الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023، وتنفيذ خطة الحل التي أعلنتها المجموعة الرباعية في 12 سبتمبر الماضي، والتي تقضي بفرض هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، يليها وقف لإطلاق النار والدخول في عملية سياسية تحدد مستقبل البلاد.
محليًا، اكتسبت حملة مدنية أطلقت تحت شعار "أنقذوا السودان"، وضمّت سياسيين ودبلوماسيين وإعلاميين ومحامين وشخصيات من مختلف القطاعات المهنية، زخماً واسعاً بعد نشر رسائلها على وسائل التواصل الاجتماعي. وحذرت الحملة من استمرار الحرب، مشيرة إلى أن السودانيين لم يحصدوا من النزاع سوى الموت والخراب، وأن استمرار العمليات العسكرية يهدد بتكرار فواجع مثل مأساة الفاشر في مدن أخرى.
دوليًا، كثف كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، اتصالاته مع أطراف النزاع لدفعهم لتنفيذ "فوري" لخطة المجموعة الرباعية. وأوضح بولس أن مقترح الهدنة الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر لاقى ترحيبًا مبدئيًا من طرفي النزاع، فيما لاحظت الصحفية السودانية صباح محمد الحسن أن المبادرات الداخلية والخارجية الداعية للسلام نجحت إلى حد كبير في تقويض دعوات تنظيم الإخوان لاستمرار الحرب.

على الجانب الآخر، شهدت الأيام التي تلت سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر – آخر معاقل الجيش في دارفور – تصاعدًا في حملات الاستنفار التي يقودها قيادات تنظيم الإخوان، خصوصًا بين الشباب والأطفال في ولايات الشمالية ونهر النيل. ونشر التنظيم تسجيلات ورسائل مصورة تدعو إلى استمرار القتال، فيما أكد المصباح طلحة، قائد كتيبة البراء – الجناح المسلح للتنظيم – استمرارهم في "تحرير كل السودان"، رافعًا شعارات دينية مشابهة لتلك التي استخدمت في النزاعات المسلحة خلال التسعينيات.
ويرى محللون سياسيون مثل صلاح شعيب أن التنظيم يستثمر الانتهاكات الفردية عند تخوم الفاشر للضغط على الجيش والحفاظ على تأثيره في المشهد الحربي، بينما تؤكد الغالبية الساحقة من الشعب السوداني رغبتها في وقف الحرب، ما يهدد قدرة الإخوان على الاستمرار في استنفار المواطنين وتحقيق أهدافهم السياسية والعسكرية.
وتسلط التطورات الأخيرة الضوء على الصراع بين زخم السلام الذي يشهده السودان، مقابل محاولات التنظيم الإرهابية لتمديد أمد النزاع، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار القتال إلى مزيد من الانتهاكات وخسائر بشرية كبيرة.