مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

ليبيا تُيسّر أول عودة طوعية للسوريين منذ عقد بدعم أممي

نشر
الأمصار

في خطوة إنسانية وصفت بأنها "الأولى من نوعها منذ أكثر من عقد"، وصلت إلى دمشق أول رحلة عودة طوعية تقل 152 سورياً من ليبيا، نظّمتها المنظمة الدولية للهجرة، في إطار برنامج إنساني جديد يُعنى بدعم المهاجرين وإعادة إدماجهم في أوطانهم.
الرحلة، التي أُعلن عنها رسميًا الخميس الماضي، تمثل بداية مرحلة جديدة من التعاون بين المنظمة الدولية وسوريا بعد سنوات طويلة من الحرب، إذ تهدف إلى توسيع نطاق عمليات المنظمة داخل البلاد والمساهمة في جهود التعافي الإنساني.

ووفق بيان المنظمة، فإن العائدين إلى سوريا تلقوا عند وصولهم إلى مطار دمشق الدولي مساعدات إنسانية شملت خدمات استقبال ونقل إلى محافظاتهم الأصلية مثل حلب وحمص وحماة. كما ستوفر المنظمة، خلال الأشهر المقبلة، برامج دعم لإعادة إدماجهم داخل مجتمعاتهم المحلية، دون الكشف عن تفاصيل الدعم المادي أو الاجتماعي المقدم.

وأوضح البيان أن الرحلة جاءت بناءً على طلب رسمي من وزارة الخارجية والمغتربين السورية، وبدعم من برنامج حماية المهاجرين والعودة وإعادة الإدماج في شمال أفريقيا الممول من الاتحاد الأوروبي. وأكدت المنظمة أنها ستعمل على تنظيم رحلات إضافية في حال توافر الدعم اللوجستي والتمويلي اللازم.

الناشط الحقوقي الليبي طارق لملوم وصف الخطوة بأنها "انفراجة طال انتظارها" بعد سنوات من المعاناة التي عاشها السوريون في ليبيا، لا سيما العائلات دون معيل أو أولئك المحتجزين في مراكز الإيواء أو الصادر بحقهم قرارات إبعاد. لكنه أشار إلى أن العملية ما زالت "ينقصها التنسيق"، حيث اقتصر تسجيل الراغبين في العودة على طرابلس فقط، مما حرم كثيرين من المقيمين في مدن مثل مصراتة والجبل الغربي والجنوب من المشاركة في الرحلة الأولى.

كما لفت لملوم إلى غياب التسجيل للمقيمين في شرق ليبيا رغم وجود أعداد كبيرة من السوريين هناك، متمنياً أن تُعلن المنظمة قريبًا عن "رحلة ثانية أكثر شمولاً".

وبحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة، فقد ساعدت منذ عام 2015 أكثر من 105 آلاف مهاجر في ليبيا على العودة إلى بلدانهم الأصلية، في ظل ظروف إنسانية صعبة. كما أشارت إلى أن نحو 581 ألف سوري عادوا إلى بلادهم منذ ديسمبر 2024، معظمهم من تركيا ولبنان، ما يعكس تزايد الرغبة في العودة بعد التغيرات السياسية التي شهدتها سوريا خلال العام الماضي.

في السياق ذاته، شهدت العلاقات الليبية السورية تطورًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، حيث أُعيد فتح السفارة السورية في طرابلس في أغسطس الماضي بعد إغلاق دام أكثر من 12 عامًا. ورغم أن التقارير تشير إلى أن الخدمات القنصلية لم تُستأنف بالكامل بعد، فإن هيئة الطيران السورية أعلنت نيتها استئناف الرحلات المباشرة بين دمشق وطرابلس الأسبوع المقبل، في خطوة يُتوقع أن تُسهّل إجراءات العودة مستقبلاً.

لكن على الرغم من هذه التطورات، ما زال كثير من السوريين في ليبيا يعيشون ظروفًا معيشية قاسية. ويؤكد الحقوقي السوري أمين كزكز، رئيس "المركز السويدي للاجئين والمهاجرين"، أن مئات الآلاف من السوريين في دول اللجوء يعيشون "حياة منسية"، يعانون من الفقر والبطالة وغياب الدعم الإنساني والإعلامي الكافي.

ويضيف كزكز أن اللاجئين السوريين في ليبيا تحديدًا يفتقرون إلى فرص التعليم والرعاية الصحية، داعيًا المجتمع الدولي إلى وضع خطة شاملة تضمن كرامة اللاجئين وحقهم في الاندماج أو العودة الآمنة.

وبينما تمثل الرحلة الحالية خطوة رمزية نحو معالجة معاناة السوريين في ليبيا، إلا أن تحديات كبيرة ما زالت قائمة، أبرزها ضعف التنسيق بين الجهات الليبية والدولية، واستمرار الأوضاع الأمنية الهشة في بعض المناطق، فضلاً عن الحاجة إلى تمويل إضافي لضمان استمرار الرحلات.
ومع ذلك، يرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تُمهّد الطريق أمام مرحلة إنسانية جديدة في ليبيا وسوريا، تعيد الأمل لآلاف الأسر التي تنتظر فرصة العودة بكرامة إلى الوطن بعد أكثر من عقد من الشتات.