ردود الفعل العربية والدولية على قبول حماس مقترح ترامب بشأن قطاع غزة

خلال أول أيام أكتوبر 2025، أثارت أنباء موافقة حركة حماس على قبول عناصر أساسية من مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة موجة ردود فعل عربية ودولية واسعة ومتباينة، تعكس مزيجاً من التفاؤل الحذر والاعتراض السياسي والشكّ في التفاصيل، خصوصاً حول بند نزع السلاح وآلية إدارة القطاع في المرحلة الانتقالية.
إعلان حماس الجزئي جاء عشية مهلة حددها الرئيس الأميركي، وأثار فوراً دعوات لوقف فوري للضربات وبدء تبادل أسرى واسعاً، بينما امتدت ردود الفعل لتشمل الحكومات الإقليمية والمنظمات الدولية ودوائر دولية متعددة.
المواقف العربية
على الصعيد العربي، تباينت المواقف بين داعم مرحّب ورافض حذر. قطر وتركيا والسودان، بحسب بيانات متداولة، رحبت ببيانات حماس وأعلنت استعدادها للعمل مع الوسطاء لتسهيل تطبيق بنود وقف النار وإنهاء الأزمة الإنسانية، مؤكدة ضرورة أن تحترم أي تسوية الحقوق الفلسطينية والسيادة القانونية للشعب الفلسطيني. في المقابل، مصر —الجهة الوسيط التقليدية بين غزة والعالم الخارجي— رحّبت أيضاً بالموافقة الجزئية ودعت إلى تسريع إنهاء العمليات العسكرية مع تأكيد شروطها على ضمانات أمنية ومراقبة تسليم السلطة في غزة إلى مؤسسات مدنية، وفق تصريحات لوزير خارجيتها التي دعت لحلّ عسكري وسياسي متكامل.
المواقف العربية الأخرى تنقلت بين الترحيب المشروط والاحتراز؛ بعض العواصم الخليجية التي دعمت مساعٍ أميركية لوقف القتال أشارت إلى أهمية أن تقرّ القرارات في إطار حلّ شامل يضمن إعادة الإعمار ورفع الحصار الإنساني، فيما أعربت دول عربية فاعلة عن مخاوف من أن يتسبب أي حل يفرض نزع سلاح شامل من دون تعويض سياسي وما يترتب عليه من تمثيل فلسطيني واسع إلى اهتزاز الاستقرار المحلي في الضفة والشرق الأوسط. (تصريحات صحفية وتقارير مراكز بحثية نقلت تحليلات مماثلة).
ردود الفعل الدولية
دولياً، كان لرد الفعل الأميركي طابع استبشاري وتصعيدي في الوقت نفسه: الرئيس ترامب رحّب بردّ حماس ووصفه
دليلاً على استعدادها "للسلام الدائم"، وطالب إسرائيل بوقف فوري للقصف لتهيئة ظروف الإفراج عن الرهائن وإيصال المساعدات، ملوِّحاً بمهل وضغوط دبلوماسية وعسكرية في حال التعطيل. في المقابل، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة رحبا بأي مؤشر يضع حداً لمعاناة المدنيين ودفعت الأمم المتحدة إلى الدفع فوراً لآلية إنسانية لتوزيع المساعدات وإعادة الإعمار، مع تذكير صريح بضرورة الحفاظ على حقوق المدنيين وقواعد القانون الدولي.
من جهة إسرائيل، قوبل إعلان حماس بردود فعل متباينة داخل الساحة السياسية: جناح حكومي أيد العرض الأميركي واعتبر موافقة حماس خطوة تاريخية تُتيح وقفاً للحرب واستعادة الرهائن، بينما انتقدت أطياف أمنية وسياسية بنوداً في المقترح خصوصاً ما يتعلق بالآليات الدولية المؤقتة لإدارة غزة وشروط نزع السلاح، وشرطت ضمانات تنفيذية قبل أي انسحاب فعلي. وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مسؤولين قولهم إن تل أبيب ستبقي خياراتها العسكرية مفتوحة إذا لم تتبلور ضمانات واضحة ومحددة.
الشارع الفلسطيني
الشارع الفلسطيني في غزة والضفة عبّر برأي عام مختلط بين الفرحة المتحفظة والأمل في إنهاء معاناة طويلة، وبين خشية من تفريغ سياسي قد يؤثر على مستقبل الحركة والمقاومة. ناشطون إنسانيون وحركات مدنية ركزت في تصريحاتهم على ضرورة ضمانات ملموسة للوصول الإنساني وإعادة إعمار المستشفيات والبنية التحتية، وحذروا من تحويل أي تسوية إلى "هدنة مؤقتة" دون حل جذري لمطالب الشعب الفلسطيني. تقارير منظمات حقوقية دعت إلى رصد فوري لاحترام حقوق المدنيين وشفافية آليات تبادل الأسرى.
على صعيد التحليل، يسود رأيان: الأول يرى في قبول حماس الجزئي فرصة تاريخية لكسر حلقة العنف وبدء عملية سياسية تحت إشراف دولي يضمن إعادة بناء غزة وإنهاء الأزمة الإنسانية.
والثاني يحذر من فخّ ترتيبات انتقالية تفرض تغييرات جوهرية في توازن القوى الفلسطينية دون مشاركة فلسطينية أوسع أو ضامنات سياسية واقتصادية طويلة الأمد. محللون شدّدوا على أن مفتاح نجاح أي اتفاق يكمن في التفصيلات التنفيذية: جدول زمني واضح لتبادل الأسرى، آليات نزع السلاح المراقبة دولياً، خطة إعادة إعمار مأمونة اقتصادياً وسياسياً، ومتطلبات سيادية لحقوق الفلسطينيين.
ختاماً، تتجه الأنظار الآن إلى الأيام القليلة التالية (المهلة التي وضعها ترامب وانقضت/تنتهي في 3–4 أكتوبر 2025) لمعرفة ما إذا كانت الموافقة الجزئية لحماس ستمضي قدماً إلى اتفاق شامل أم ستبقى نقطة وسطية قابلة للانهيار أمام ضغوط داخلية وإقليمية. الأكاديميون والدبلوماسيون يتفقون على أن النجاح المرجو يتطلب تعاوناً إقليمياً واسعاً وشفافية كاملة في آليات التنفيذ، وإلا فسيبقى الطريق إلى تسوية دائمة طويلاً ومشحوناً بالمخاطر.