مصر تستضيف الدورة التاسعة لمؤتمر البنوك المركزية الأورومتوسطية

استضاف البنك المركزي المصري، اليوم الأربعاء، الدورة التاسعة من مؤتمر البنوك المركزية الأورومتوسطية تحت عنوان "توظيف الابتكار والتكامل من أجل التنمية المستدامة والشاملة للدول الأورومتوسطية"، بمشاركة واسعة من محافظي البنوك المركزية بالدول الأورومتوسطية، وصانعي السياسات، وخبراء الاقتصاد، والأكاديميين، وممثلي المؤسسات المالية الدولية.
ويُعد المؤتمر، الذي نُظم بالتعاون مع البنك المركزي الإسباني، ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والمعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط، والاتحاد من أجل المتوسط، منصة للحوار والتعاون بين البنوك المركزية الأورومتوسطية لمناقشة أبرز القضايا الاقتصادية والمالية على المستويين العالمي والإقليمي.
وفي كلمته الافتتاحية، رحب محافظ البنك المركزي المصري، حسن عبدالله، بالمشاركين، مؤكدًا أن استضافة هذا المؤتمر تعكس التزام مصر بتعزيز التعاون وتبادل الخبرات لدعم الاستقرار والازدهار في المنطقة.
وأوضح أن المؤتمر يشكل فرصة لتعميق التعاون بين دول حوض البحر المتوسط، خاصة في ظل الظروف الراهنة، مشيدًا بجدول أعماله وما يتضمنه من قضايا تهدف إلى بناء مستقبل اقتصادي أكثر مرونة وازدهارًا. كما شدد على أن منطقة البحر المتوسط لطالما كانت جسرًا للتواصل بين الشعوب والثقافات، داعيًا إلى تحويلها الآن إلى جسر للابتكار والصمود بما يتيح تحويل التحديات إلى فرص لبناء نظام مالي أكثر استقرارًا وشمولًا واستدامة.
ومن جانبه، أكد محافظ البنك المركزي الإسباني ضرورة تعزيز التعاون بين البنوك المركزية المشاركة، مشددًا على أهمية بناء أنظمة مالية مرنة تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع، لافتًا إلى أن النظام متعدد الأطراف بات أكثر أهمية في ظل حالة عدم اليقين العالمي، ما يستلزم تطويره وتعزيزه لمواكبة المتغيرات المتسارعة.
وأشار مدير فرع الدراسات القُطرية في قسم الاقتصاد بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، إلى أن البنوك المركزية تلعب دورًا متناميًا في مواجهة التحديات الحالية، إذ لم يعد دورها مقتصرًا على ضمان الاستقرار النقدي والمالي، بل أصبحت داعمًا رئيسيًا للابتكار، وتمويل التحول الأخضر، وتعزيز النمو الشامل.
وشدد على أن الحوار أصبح ضرورة ملحّة لتعزيز التعاون وبناء الثقة ودعم النمو المستدام، مؤكداً أن المنظمة على استعداد لمواصلة دعمها لشركائها لدفع الإصلاحات وبناء اقتصادات أكثر مرونة واستدامة.
وفي السياق نفسه، أوضح الرئيس التنفيذي للمعهد الأوروبي للبحر الأبيض المتوسط أن المنطقة تواجه ضغوطًا متشابكة تتمثل في الصراعات، الحروب التجارية العالمية، أزمات الديون، ومخاطر التغير المناخي، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بتحقيق نمو أكثر شمولية واستدامة، مشيرًا إلى أن هذه القضايا تبرز أهمية دور البنوك المركزية كركائز أساسية للاستقرار.
كما لفتت الأمين العام المساعد للاتحاد من أجل المتوسط إلى أن المنطقة تواجه تحديات جيوسياسية وتنموية واجتماعية، فضلًا عن الفجوة الرقمية، مؤكدة أن إطلاق إمكاناتها يتطلب تعزيز الاندماج القائم على التحولات الخضراء والرقمية، مع التزام الاتحاد بترجمة هذه الرؤية إلى إجراءات عملية تحقق أثرًا ملموسًا لصالح شعوب المنطقة.
وشهد المؤتمر أربع جلسات رئيسية، تناولت الأولى "الذكاء الاصطناعي والبنوك المركزية والقطاع المالي" برئاسة محافظ البنك المركزي الإسباني، حيث ناقشت دور الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل القطاعين المصرفي والمالي وسبل توظيفه بكفاءة مع إدارة مخاطره.
أما الجلسة الثانية، التي أدارها محافظ البنك المركزي المصري، فجاءت تحت عنوان "التمويل من أجل التنمية المستدامة"، وركزت على دور البنوك المركزية في دعم الاقتصاد الأخضر وتوجيه التمويل لخدمة أهداف التنمية المستدامة في مواجهة التحديات المناخية والبيئية.
وفي الجلسة الثالثة بعنوان "الشمول المالي للجميع"، جرى استعراض المبادرات المختلفة لتوسيع نطاق الخدمات المالية وتعزيز التمكين الاقتصادي والعدالة الاجتماعية من خلال حلول مبتكرة.
أما الجلسة الرابعة "التكامل المالي"، فقد ناقشت تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول تعزيز التعاون الإقليمي، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتحقيق التنسيق بين السياسات المالية والنقدية في المنطقة.
وفي كلمته الختامية، وجه محافظ البنك المركزي المصري الشكر للمشاركين، مشيدًا بالمناقشات الثرية التي شهدها المؤتمر، ومؤكدًا أن مخرجاته تمثل خطوة مهمة نحو دعم الاستقرار المالي وتعزيز التنمية المستدامة والشاملة لشعوب المنطقة.
وفي ختام الفعاليات، أعلن عن استضافة البنك المركزي الإسباني للنسخة المقبلة من المؤتمر، مع عقد اجتماع فني تحضيري على مستوى الخبراء قبل أربعة أشهر من موعده، بهدف الإعداد والتنسيق وتبادل الخبرات بين البنوك المركزية المشاركة.