وساطة عشائرية تؤجل مظاهرات المعارضة في الصومال

شهدت العاصمة مقديشو تطورات سياسية متسارعة بعد أن تمكن شيوخ عشائر بارزون وأعضاء في البرلمان الصومالي من التوسط بين الحكومة والمعارضة، ما أدى إلى تأجيل مظاهرات واسعة كان من المقرر أن تنطلق رفضاً لسياسات الرئيس حسن شيخ محمود. وتُعد هذه الخطوة أول اختبار ميداني للخلافات المتصاعدة بين الطرفين منذ شهور، والتي ارتبطت بشكل أساسي بالجدل حول الانتخابات المباشرة المقررة في عام 2026.
المعارضة، بقيادة الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد عبر "منتدى إنقاذ الصومال"، كانت قد دعت إلى النزول للشارع السبت الماضي للتنديد بما وصفته بـ"الاعتداءات الحكومية" و"الاستيلاء غير المشروع على الأراضي"، إضافة إلى ما تعتبره تهجيراً قسرياً للفقراء. لكن وساطة قادها شيوخ عشائر وعدد من النواب أفضت إلى إقناع المعارضة بتأجيل تحركها، وسط مخاوف من اندلاع أعمال عنف بعد اشتباكات محدودة جرت في وقت سابق بين قوات الشرطة ومتظاهرين قرب مركز شرطة في مديرية ورتبانبدا.
بحسب ما نقلته وسائل الإعلام الصومالية، تم الاتفاق على تنظيم المظاهرات خلال تسعة أيام، على أن تتم بشكل سلمي وتحت إشراف الحكومة الصومالية لتأمينها. ومع ذلك، يؤكد خبراء أن هذه التهدئة لن تدوم طويلاً.

الخبير في الشؤون الأفريقية عبد الله أحمد إبراهيم، مدير "مركز دراسات شرق أفريقيا" في نيروبي، اعتبر أن الوساطة "مؤقتة" وأن فرص التصعيد قائمة بقوة، قائلاً إن "المعارضة تسعى لانتزاع تنازلات جذرية من الرئيس حسن شيخ محمود بشأن الانتخابات، بينما تتمسك الحكومة بمسار الاقتراع المباشر". وأضاف أن أي فشل في التوصل لتفاهمات قد يدفع البلاد نحو صدام مفتوح، وربما يعطل الاستحقاق الانتخابي المرتقب.
ويُذكر أن الرئيس الصومالي أسس في مايو الماضي حزب "العدالة والتضامن"، وقدم مرشحاً لخوض الانتخابات المقبلة، في خطوة فاقمت الانقسامات مع المعارضة. كما شهد "منتدى الإنقاذ" نفسه انشقاقات حادة، بعدما أعلن رئيس الوزراء الأسبق عمر عبد الرشيد وعدد من القيادات البارزة انسحابهم من المنتدى لتأسيس أحزاب جديدة استعداداً للمشاركة في انتخابات 2026.
ويرى مراقبون أن استمرار الأزمة السياسية دون حلول توافقية سيمنح حركة الشباب المتشددة مساحة أكبر لتوسيع نشاطها الإرهابي داخل العاصمة ومناطق أخرى، وهو ما يدفع المجتمع الدولي، خصوصاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا، للتدخل والضغط على الأطراف المتصارعة لتفادي انزلاق الصومال إلى دوامة جديدة من العنف السياسي والأمني.